في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
عاش اللاجئون الفلسطينيون في سوريا فترة طويلة من التحديات والظروف الصعبة منذ نكبة عام 1948 وحتى يومنا هذا، حيث يُعدون إحدى الفئات الأكثر تضررا بالأزمات السياسية والاقتصادية التي وقعت في البلاد، وخاصة خلال النزاع المسلح منذ 2011.
ويعتبر الفلسطينيون جزءًا من النسيج الاجتماعي السوري ولم يتعرضوا للتمييز الواضح، فقد استقروا في مخيمات ومدن سوريا، واندمجوا نسبيا في المجتمع، لكنهم ظلوا يحتفظون بهويتهم الفلسطينية على مدى العقود الماضية.
فما تأثير الأوضاع الراهنة في سوريا على اللاجئين الفلسطينيين؟ وكيف أثر النزاع على أوضاعهم داخل البلاد وخارجها؟ وما السبل الممكنة لمعالجة التحديات المستقبلية السياسية والاقتصادية وضمان حقوقهم على المستويين الوطني والدولي؟
بعد سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وتولي فصائل المعارضة السلطة، أصبحت هناك حالة من الارتياح والاستقرار تشهدها المخيمات الفلسطينية في سوريا، بحسب مدير "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا" فايز أبوعيد، الذي أكد للجزيرة نت أنهم تلقوا معاملة جيدة من قوات المعارضة السورية عند دخولها لمخيماتهم.
ورغم هذا، فإن هناك عدة تحديات تواجه اللاجئين الفلسطينيين بسوريا، يلخصها مدير منصة "شتات نيوز" محمد صفية في مسألة العودة إلى المخيمات، خاصة مخيم اليرموك بعد تدمير أكثر من 70% منه نتيجة العمليات الحربية وظاهرة "التعفيش" الممنهجة، التي مارسها النظام ومليشياته من سرقة وتدمير المنازل والممتلكات، بما في ذلك حديد المنازل.
وتابع محمد صفية أن التحدي الثاني يتمثل في تعامل حكومة تصريف الأعمال الجديدة مع الفلسطينيين الذين تعتبرهم "مهاجرين"، مؤكدا أن هذه إشكالية قانونية يجب أن توضع في الاعتبار لأن اللاجئ الفلسطيني يجب أن يحتفظ بصفة "اللاجئ" حتى يعود إلى أرضه.
بدوره، يصف مدير مديرية شؤون الفلسطينيين في الشمال السوري محمد بدر الوضع الحالي للاجئين في سوريا بأنه "غامض وهم في حالة ترقب بشأن ماذا سيكون وضعهم بعد سقوط نظام الأسد"، ويضيف "مبدئيا، ولحين تشكيل مرحلة حكم جديدة والبدء بتغيير القوانين ودستور البلاد، سيبقى وضع الفلسطينيين كما هو حتى اتضاح الرؤية مستقبلا".
تعرضت مخيمات الفلسطينيين في سوريا لموجات نزوح إلى المناطق المجاورة التي تعد "آمنة نسبيا"، حيث لجأ عشرات الآلاف نحو أوروبا ولبنان والأردن وتركيا ومصر، بالإضافة إلى دول شرق آسيا وأميركا اللاتينية وكندا وغيرها من الدول، بحسب ما أوضح مدير مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا فايز أبو عيد.
ويضيف أبو عيد، في حديثه للجزيرة نت، أن هذا النزوح ساهم في تفاقم الأزمات الإنسانية والاقتصادية للاجئين وتفكيك نسيجهم الاجتماعي، وزاد من معدلات الفقر والبطالة وتدني المستوى التعليمي بينهم.
وذكر أنه يوجد حاليا في سوريا نحو 438 ألف فلسطيني، بحسب إحصائيات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، مشيرا إلى أن هناك 12 مخيما للاجئين الفلسطينيين في سوريا، بينها 9 رسمية تعترف بها الوكالة و3 غير معترف بها، وتتوزع هذه المخيمات على كافة المحافظات والمدن السورية، لكن النسبة الكبرى من الفلسطينيين تقطن في دمشق وريفها.
وبحسب أبو عيد، فإن حجم الدمار في بعض المخيمات الفلسطينية كبير جدا، فعلى سبيل المثال تبلغ نسبة الدمار في الممتلكات والأبنية في مخيم اليرموك 60%، وتعد 20% من الأبنية غير صالحة للسكن وآيلة للانهيار، بحسب إحصائيات الأونروا لعام 2024.
وأوضح أن نسبة الدمار في مخيمي درعا جنوبي سوريا وحندرات بمدينة حلب تبلغ حوالي 80%، وهي نسبة لا تستطيع أي مؤسسة أو هيئة إغاثية القيام وحدها بإعادة بنائها، وإنما يتطلب ذلك تضافر كافة الجهود الدولية والداخلية ووكالة الأونروا.
وقدم أبو عيد مجموعة من الإحصائيات الصادرة عن الأونروا ومجموعة "العمل من أجل فلسطينيي سوريا" حول حجم النزوح وأماكن انتشار اللاجئين الفلسطينيين داخل سوريا وخارجها، وهي كالتالي:
يربط مدير مديرية شؤون الفلسطينيين محمد بدر بين سياسة إعادة إعمار المخيمات الفلسطينية بعد سقوط النظام السوري السابق وعدة عوامل، أبرزها: وجود هيئة عامة للاجئين الفلسطينيين، وممثلية لمنظمة التحرير الفلسطينية والفصائل الفلسطينية، معتبرا أن الأمر بحاجة لمتابعة مع الحكومة الحالية لتحديد هذه السياسة.
وأضاف أنه "لا توجد حاليا سياسة أو خطط لتوطين الفلسطينيين بسبب وجود قوانين ناظمة للتعامل معهم، وأهمها القانون 260 لعام 1956، لكن هناك شريحة من الفلسطينيين تطالب بمنحهم الجنسية السورية لتسهيل أمورهم في سوريا، واقتران هذا الإجراء ببند الحفاظ على حق العودة".
أما مدير منصة "شتات نيوز" محمد صفية فيرى أن "تحديد سياسة لإعادة إعمار مخيمات اللاجئين الفلسطينيين يتطلب دراسة شاملة تأخذ بعين الاعتبار العديد من الجوانب القانونية والسياسية والإنسانية والاجتماعية".
وشدد محمد صفية على ضرورة الالتزام بقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق اللاجئين بما في ذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، الذي يؤكد حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم.
ويتساءل محمد عن سبب عدم تقديم الأونروا خدماتها في مناطق سيطرة المعارضة قبل معركة "ردع العدوان"، ويقول "كيف ستتعاطى الأونروا مع الفلسطينيين في تلك المناطق التي حرموا من خدماتها؟ وهل ستعوضهم عن السنوات السابقة؟".
ويجيب "من المتوقع أن تواجه الأونروا صعوبة في تعويض الفلسطينيين عن تلك الفترة نظرًا للمشاكل المالية التي تعاني منها، بالإضافة إلى تعقيدات الوضع الأمني والسياسي في تلك المناطق"، لكنه يستدرك قائلا "ومع ذلك، فإن المنظمة قد تسعى لتقديم المساعدات الإنسانية الممكنة في المستقبل وتوسيع نطاق خدماتها في مناطق سيطرة المعارضة".