آخر الأخبار

لماذا تتباين مواقف دول الخليج حيال التطورات الأخيرة؟

شارك الخبر
مصدر الصورة

قبل أيام عقد المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية دورته الخامسة والأربعين في الكويت، وكان ملفتاً أن بيانه الختامي الذي أُطلق عليه اسم "إعلان الكويت"، لم يتطرّق إلى التطورات الأخيرة في سوريا، فيما يتعلق بسيطرة فصائل من المعارضة السورية المسلحة على بعض المدن وفي مقدمتها حلب.

وفي إعلان الكويت، شقٌ يتعلق بسوريا، إنما لجهة التأكيد الخليجي على وحدة الأراضي السورية ودعم جهود الأمم المتحدة للتوصّل إلى حل سياسي، ودعم الجهود المبذولة لرعاية اللاجئين والنازحين السوريين، إضافة إلى إدانة المجلس لما وصفه بـ"الهجمات الاسرائيلية المتكرّرة على الجمهورية العربية السورية الشقيقة والتي تعدّ انتهاكاً للقانون الدولي وخرقاً لسيادة سوريا".

وفي المؤتمر الصحفي الختامي للقمة، الذي شارك فيه أمين عام مجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي ووزير الخارجية الكويتي عبدالله اليحيا، أكد الأخير رداً على سؤال، أن المجلس الأعلى، الذي يضم قادة الدول الأعضاء في المجلس، لم يتطرّق إلى الاحداث الأخيرة في سوريا.

فهل يُعتبر ذلك "تجاهلاً" خليجيا للأزمة الأخيرة في سوريا أم "تكتيكاً" يُراد منه عدم الانجرار الى اتخاذ مواقف في قضية حديثة لم تتّضح معالمها حتى الآن؟ أم أن هناك تبايناً في المواقف الخليجية إزاء هذه التطورات السياسية والأمنية في سوريا؟

بين 2011 واليوم: تبدّل كبير في المواقف الخليجية

شهدت الأسابيع الأخيرة من شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2024 تطورات متسارعة على صعيد احتدام القتال بين الحكومة السورية وفصائل المعارضة المسلّحة التي استولت على مساحة واسعة من الأراضي شمال غربي سوريا، بما في ذلك معظم مدينة حلب، ثاني أكبر مدينة في البلاد.

وكان ملفتاً أن دولاً خليجية أعربت عن وقوفها إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد من خلال اتصالات دبلوماسية، أولها بين الرئاستين الإماراتية والسورية، إذ أكّد الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للرئيس السوري "تضامن بلاده مع سوريا ودعمها في محاربة الإرهاب والتطرف"، مُشددا على موقف الإمارات "الداعم لجميع الجهود والمساعي المبذولة لإيجاد حل سلمي للأزمة السورية، بما يحقّق تطلعات الشعب السوري الشقيق، إلى الاستقرار والتنمية ويضمن وحدة سوريا وسيادتها على كامل أراضيها".

كذلك، سُجّلت اتصالات بين وزارة الخارجية السورية ووزارة الخارجية السعودية، وأخرى بين الخارجية السورية والخارجية البحرينية، أكّد فيه وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني "موقف البحرين الثابت في الحرص على أمن سوريا واستقرارها ووحدتها وسلامة أراضيها، ودعمها للجهود الرامية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية بما يلبي تطلعات شعبها الشقيق في الاستقرار والتنمية المستدامة".

كذلك وخلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي ونظيره السوري بسّام الصبّاغ، تم التأكيد على تضامن السلطنة مع سوريا وعلى "أهمية سيادتها ووحدة أراضيها وضرورة استعادة الأمن والاستقرار والحيلولة دون توسيع نطاق الصراعات."

أما قطر، وهي الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تستأنف علاقاتها مع سوريا، فلم تُصدر خارجيتها أي بيانات تتعلّق بالوضع المستجد في سوريا، إلا أن المتحدث باسم الخارجية القطرية الدكتور ماجد الانصاري قال رداً على سؤال خلال الإحاطة الإعلامية الأسبوعية للخارجية القطرية، إن الدوحة " تتابع بقلق بالغ الأوضاع الأخيرة التي تشهدها سوريا، وتؤكد على ضرورة تجنيب المدنيين أي تبعات لهذا الصراع". وأعرب الأنصاري عن قلقه تجاه سقوط مدنيين نتيجة التصعيد العسكري في سوريا، داعياً جميع الأطراف إلى خفض التصعيد فوراً، وضمان دخول المساعدات.

وشدّد الانصاري على أن الحل العسكري، بالنسبة لقطر، لن يؤدي إلى نتيجة مستدامة، وأن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لإنهاء ما وصفه بمعاناة الشعب السوري، لافتا إلى أن قطر تعمل بالتعاون مع مختلف الشركاء الدوليين للوصول إلى حلّ سياسي يرقى لتطلعات الشعب السوري ويعبّر عن تضحياته خلال السنوات التي امتدت فيها هذه الأزمة، بحسب تعبيره.


* السعودية تُعين أول سفير لها في دمشق بعد 12 عاماً من إغلاق السفارة

وفيما لم يتبدّل موقف قطر من الأزمة السورية منذ عام 2011، بدا ملفتاً التغيّر في المواقف الخليجية الأخرى.

فعند بداية الأزمة، كان موقف دول مجلس التعاون الخليجي من سوريا يتحدّد بمعارضة ما كان يوصف عادة بـ "نظام الأسد"، وذلك يعود برأي مراقبين كثر، إلى العلاقات الوثيقة بين سوريا وإيران في المقام الأول.

وبرزت تقارير إعلامية واستخباراتية خلال السنوات الأولى من الأزمة السورية، تحدّثت عن دعم سعودي وقطري لفصائل المعارضة المختلفة في محاولة لتقويض حكم الأسد، واعتبار حكومته امتداداً للنفوذ الإيراني في المنطقة. ولكن مع استمرار الحرب وتحوّل ميزان القوى، بدأ موقف مجلس التعاون الخليجي يتبدّل.

فقد استعادت الإمارات علاقاتها مع الرئاسة السورية في عام 2018، وكان ذلك بمثابة "انطلاق قطار التطبيع الخليجي مع سوريا"، إذ استأنفت السعودية في 10 مايو/ أيار 2023 عمل بعثتها الدبلوماسية في سوريا، "انطلاقاً من روابط الأخوة التي تجمع الشعبين وحرصاً على الإسهام في تطوير العمل العربي المشترك وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة"، كما جاء في بيان الخارجية السعودية حينها. وجاء القرار السعودي بعد عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية في 7 مايو/ أيار 2023.

ويرى مراقبون أن هذا التحوّل السعودي جاء مدفوعاً بمجموعة من العوامل: الرغبة في الحدّ من النفوذ الإيراني، والحاجة إلى استقرار المنطقة بسبب طموحات اقتصادية تخدم الرؤى الخليجية لهذه الدول التي قرّرت تنويع مصادر دخلها بعيداً عن النفط، إضافة إلى الاهتمام المتزايد بالفوائد الاقتصادية والسياسية المحتملة لإعادة التعامل مع سوريا، وخصوصاً لجهة إعادة الإعمار.

وبخلاف السعودية والإمارات، لم تسعَ قطر إلى التطبيع مع دمشق، فيما حافظت عُمان والكويت - اللتان تعتبران غالباً الصوت الأكثر حياداً ودبلوماسية داخل مجلس التعاون الخليجي- على مواقف حذرة نسبياً بشأن الصراع الدائر في سوريا.


* ما مواقف كل من إيران وإسرائيل ومصر والإمارات من الهجوم على حلب؟

ماذا يعني تغييب الأحداث في سوريا عن مناقشات القمة الخليجية الأخيرة

مصدر الصورة

قالت الصحفية الكويتية ياسمينا الملا في مقابلة مع بي بي سي نيوز عربي إن التطورات الأخيرة في سوريا حصلت قبل أيام فقط على انعقاد قمة الكويت. وأضافت: " القمة هي أساساً لبحث شؤون خليجية".

مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية الباحث جوليان بارنز – دايسي

اعتبر في مقابلة مع بي بي سي نيوز عربي أن دول مجلس التعاون الخليجي اتخذت موقفاً أولياً أكثر حذراً إذ لا تزال هناك حالة كبيرة من عدم اليقين تحيط بالوضع في سوريا.

وتوقّع بارنز – دايسي أن تصطفّ دول مجلس التعاون الخليجي خلف الرئيس الأسد انطلاقاً من قلقها من تصاعد صراع جديد يؤدي إلى عدم استقرار إقليمي، فضلاً عن بروز دور ما وصفه بالمنظمات المتطرّفة مثل هيئة تحرير الشام، إضافة إلى النفوذ التركي في شمال سوريا.

وأضاف: " من المرجح أن الدول العربية ترى الرئيس الأسد، أو على الأقل النظام الذي يمثّله، ضمانة ضرورية ضد انهيار الدولة بالكامل وهيمنة القوى الإسلامية، وبالتالي قد ينجح الأسد في تأمين المزيد من الدعم من الدول العربية والخليجية أكثر من أي وقت بخلاف ما كان الوضع عليه بعد عام 2011"، فيما لن تنال المعارضة العسكرية، برأيه، دعم الدول العربية والخليجية كما كان الحال في الصراع السابق.

مرح البقاعي وهي باحثة سياسية أمريكية سورية، اعتبرت من جهتها في مقابلة مع بي بي سي نيوز عربي أن هناك خلافاً بين طرفين خليجيين في ما يخص التطوّرات العسكرية في سوريا. ومن الواضح أيضا برأيها، أن هذا الخلاف طرفه قطر من جهة والإمارات وعُمان من جهة أخرى.

واعتبرت البقاعي أنه بعد إعادة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية واستقبال الرئيس الأسد في أكثر من عاصمة عربية، كان من المتوقع أن يستجيب للطلبات العربية المتمثّلة بإجراء تغييرات وتحقيق انتقال سياسي وإشراك المعارضة في الحكم، إلّا أن هذا لم يتم بحسب رأيها. وأضافت: "ضرب بشار الأسد بعرض الحائط كل الوعود التي تعهّد بها للدول العربية".

واعتبرت البقاعي أن ‏الشعب السوري يريد الانتقال إلى مرحلة "ما بعد الأسد"، والبدء بحياة جديدة خالية مما وصفته بـ "الاستبداد والمعتقلات السياسية ونهب موارد الدولة لمصلحة أسرة الأسد"، لافتة إلى أن الشعب السوري ‏يريد من الدول الخليجية مساعدته على تحقيق هذا الحق الإنساني الذي دفع ثمنه غالياً من القتلى والمعتقلين وملايين المهجرين، وفقاً لقولها.

وفي السياق عينه، اعتبر الكاتب السياسي البحريني عبد الله الجنيد، أن عودة العلاقة العربية مع الرئيس السوري كانت بسبب تنسيق وجهد خليجي مشترك، وأعرب عن أسفه من عدم تقدير الرئيس السوري لذلك الجهد، بحسب تعبيره.

وأضاف في مقابلة مع بي بي سي نيوز عربي أن دول المجموعة الخليجية جادة في دعم جهود إعادة الاستقرار الإقليمي والمشاركة في وضع ضمانات استدامة لذلك الاستقرار، إنما يتوجب برأيه على من يطلب الدعم والمساندة من دول مجلس التعاون، أن يثبت حسن نواياه بالفعل لا بالأقوال، وأضاف: "على الرئيس الأسد اتخاذ خطوة حقيقية في ذلك الاتجاه وإثبات أنه يمكن أن يكون شريكاً في صناعة الاستقرار".

أما أستاذ العلوم السياسية والباحث الإماراتي د. عبد الخالق عبد الله، فاعتبر أن غياب الأحداث السورية الأخيرة عن مناقشات القمة الخليجية التي عُقدت في الكويت يعود لسببين: الأول، أن الوضع في سوريا ما زال غير واضح ويكتنفه الغموض وبالتالي كان لا بدّ من التأنّي في إصدار أي موقف خليجي مشترك.

أما السبب الثاني، فيعود بنظره إلى أن البيانات الختامية تأتي توافقية بالعادة وفيها إجماع، لذا، "وبحكم وجود دولة خليجية أو أكثر محايدة أو معترضة أو لديها مواقف مختلفة، فمن باب أولى ألّا يأتي المجتمعون على ذكر موضوع لا يوجد عليه توافق"، وفق عبد الله.

واعتبر الباحث الإماراتي أن هناك ثقة متبادلة بين سوريا والامارات التي حسمت برأيه موقفها منذ زمن لجهة دعمها سوريا لا سيما أن " موقف أبو ظبي معروف ضد الجماعات الإرهابية المتطرّفة، وهي أبدت استعدادها لكل ما يُطلب منها لتحقيق الاستقرار في سوريا ومواجهة الجماعات الإرهابية التي لا تأتي أينما حلّت إلا بالعبثية والفوضى"، على حدّ وصفه.

الكاتب السياسي السعودي حسن ظافر الشهري، رأى أن عدم التطرّق إلى الأحداث السورية الأخيرة في قمة الكويت، يعود إلى أن المشكلة ال ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك الخبر

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا اسرائيل سوريا روسيا أمريكا

إقرأ أيضا