وإذا ما أضيف هذا المستجد إلى ما صرح به عبد الله بو حبيب وزير الخارجية اللبناني بأن حسن نصر الله قبل اغتياله كان قد قبل بوقف إطلاق النار، لأسابيع ثلاثة، دون إقران هذه الهدنة بجبهة غزة، فإن ذلك له معان كبيرة جدًا.

فبو حبيب لم يذكر هذا التفصيل  من باب التذكير بمآثر الراحل إنما لإبداء إذعان حزب الله لوقف القتال بمعزل عن وحدة الساحات، ولا بري فُوضّ الآن بانتخاب رئيس لإيمان حزب الله بمبدأ الشراكة بين اللبنانيين بعد عامين كاملين من تشبّثه بانتخاب حليفه سليمان فرنجية ذي التمثيل المسيحي المنخفض، رغم عدم امتلاك الأغلبية النيابية المطلوبة.

النزول عن الشجرة

إنما جرى ما جرى بفعل وقائع الميدان، بعد تلقي حزب الله على مدى أسابيع ضربات قاصمة تجلت بمقتل حسن نصر الله بعد تربعه 32 عامًا على زعامة التنظيم الذي أسسه الحرس الثوري الإيراني عام 1982. حيث يمكن الاستدلال من هذه المتغيرين، أن قيادة حزب الله الجريحة اقتنعت بأن الآوان قد آن لـ "النزول عن الشجرة".

إنها لحظة لبنانية فارقة، تشهد تحولاً بديناميكيات القوى الفاعلة في لبنان بعد السيطرة شبه المطلقة لحزب الله على الحياة السياسية منذ عام 2005 المفصلي.

والحقُّ أنها لحظة يمكن الاستثمار فيها لبنانيًا لتجنيب البلد المتسربل أصلاً بمشاكله الداخلية سيناريو غزة، عبر تلقف الأطراف الفاعلة لهذه الفرصة خصوصًا القوى التي تعلي مبدأ السيادة اللبنانية لاجتراح حلول إنقاذية شجاعة، ليس أقلّها إعلان وقف لإطلاق النار من جانب واحد وذلك طبعًا بعد إجراء المشاورات اللازمة بين الأقطاب اللبنانية بمن فيهم حزب الله المحتاج إلى هدنة مديدة.

 ثم ينكفئ اللبنانيون إلى قضاياهم، وأولها انتخاب رئيس  يشرف على إدارة ترميم بنية الدولة ونفث الروح في الحياة السياسية الراكدة منذ سنين طويلة بفعل هيمنة حزب الله وحده

على القرار السياسي في البلد العصي على حكم الحزب الواحد.