أظهرت دراسة حديثة أن آلاف المصابين بمتلازمة ما بعد كوفيد-19 أو مايعرف أيضاً بـ"كوفيد طويل الأمد" يضطرون إلى تولي إدارة حالتهم الصحية بأنفسهم، في ظل غياب الدعم الطبي المؤسسي، ما دفعهم إلى الاعتماد على الأجهزة الذكية ومجموعات الدعم الرقمية لفهم أعراضهم وتوثيقها.
الدراسة، التي أجرتها جامعة سري بالتعاون مع خبيرة السوسيولوجيا الأستاذة ديبورا لوبيتون من جامعة نيو ساوث ويلز في سيدني، كشفت أن المرضى، رغم ارتفاع مستويات تعليمهم وخبراتهم المهنية، يواجهون تجاهلًا من مقدمي الرعاية، وتشكيكًا في أعراضهم، بل ويُنظر إلى معاناتهم أحيانًا على أنها ذات منشأ نفسي — في ظاهرة وُصفت بـ "التلاعب الطبي".
وبينت الدراسة أنه وفي ظل هذا الفراغ، أصبحت الساعات الذكية وتطبيقات تتبع الأعراض أدوات حيوية للمرضى، لا لتوثيق التغيرات الجسدية فحسب، بل كوسيلة لإثبات وجود الحالة أمام الأطباء والدفع نحو إجراء فحوصات تشخيصية.
وأفاد بعض المرضى بأنهم لم يحصلوا على تحويلات لأطباء مختصين أو فحوصات دقيقة إلا بعد عرضهم لبيانات جمعوها بأنفسهم على مدى أسابيع.
و أشارت الدراسة إلى أن المجموعات الإلكترونية للمصابين بأعراض كوفيد طويل الأمد لم تعد مجرد منابر للدعم النفسي، بل أصبحت مراكز معرفية تُعلّم المرضى ماذا يراقبون، كيف يفسرون المؤشرات، وكيف يدافعون عن أنفسهم في العيادات. ومع ذلك، يظل كثير من هؤلاء يشعرون بأن بياناتهم تُستبعد أو تُقابل بريبة، حتى حين تُقدَّم بمنطق دقيق.
وحذرت الدكتورة سازانا جاياديفا، التي شاركت في الإشراف على الدراسة، من أن استمرار هذا النمط يُحوّل المريض بالضرورة إلى طبيب يعالج نفسه، مشددة على ضرورة تغيير ثقافة الممارسة الطبية: "البيانات التي يقدمها المرضى ليست بديلًا عن الرعاية، بل يجب أن تكون جزءًا من التشخيص. عندما يُرفض هذا الدليل، يُترك المريض وحيدًا في نظام لا يعترف به".