في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
يمثل الحصار الأميركي الحالي على فنزويلا تطبيقا عمليا لعقيدة جيوسياسية صريحة تبناها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وفريقه، تتجاوز الأهداف السياسية التقليدية إلى أطماع اقتصادية مباشرة.
تتلخص هذه الرؤية في مبدأ "إلى المنتصر تعود الغنائم"، وقد صرح ترامب سابقاً ومستشاروه بأن النفط يجب أن يكون "تعويضاً" للولايات المتحدة مقابل تدخلاتها.
وتستند تحركات ترامب ضد نفط فنزويلا إلى وثيقة "مشروع 2025" لمؤسسة التراث، التي أعادت إحياء " مبدأ مونرو" بنسخة أكثر تشدداً "لأزمة ترامب".
ويرى "مشروع 2025" أن السيطرة الأميركية المطلقة على موارد الطاقة في نصف الكرة الغربي ضرورة وجودية لقطع الطريق على النفوذ الصيني والروسي.
ولشرعنة هذه السيطرة، صُنف النظام الفنزويلي ومؤسساته النفطية ضمن قوائم "الإرهاب"، ما حوّل النفط الفنزويلي قانونيا من سلعة تجارية إلى "أصل غير مشروع" يمكن مصادرته، وهو ما ترجم فعليا في أواخر 2025 بفرض حصار بحري واعتراض ناقلات النفط.
السيطرة الأميركية المطلقة على موارد الطاقة في نصف الكرة الغربي ضرورة وجودية لقطع الطريق على النفوذ الصيني والروس
اقتصادياً، تدور المعركة حول أكبر احتياطي نفطي مؤكد في العالم، والذي يقدر بنحو 303 مليارات برميل، متفوقاً على السعودية، إلا أن قيمة هذا الاحتياطي تآكلت بسبب الانهيار الكارثي في القدرة الإنتاجية:
لم يكن الانهيار الفنزويلي عشوائياً، بل نتيجة "هندسة مالية" عبر العقوبات هدفت إلى دفع الدولة نحو التخلف عن السداد، مما يتيح للدائنين وضع يدهم الأصول السيادية:
أخطر ما في السيناريو الاقتصادي هو انتقال المعركة من الحصار إلى "الاستحواذ" عبر المحاكم الأميركية، وتعد شركة "سيتغو" الذراع التكريرية لفنزويلا في أميركا، الجوهرة التي يجري التنافس عليها.
في تطور حاسم لعام 2025، وافق القضاء الأميركي على بيع الشركة الأم لـ "سيتغو" قسرياً لسداد ديون متراكمة تجاوزت 20 مليار دولار، والفائز المبدئي هو صندوق التحوط ( إليوت) Elliott Management المدعوم من الملياردير بول سينغر المعروف بلقب "النسر المالي" بصفقة قيمتها 5.9 مليارات دولار فقط، رغم أن تقييم الشركة الحقيقي يتجاوز 11 مليار دولار.
ويمثل هذا البيع "خصخصة قسرية" لأهم أصل فنزويلي في الخارج، وتنتقل ملكية مصافي تكرير حيوية من الدولة الفنزويلية إلى مستثمرين أميركيين بأسعار بخسة، ما يحرم فنزويلا مستقبلاً من أهم منفذ لتسويق نفطها الثقيل ومصدر رئيسي للعملة الصعبة.
لا يهدف حصار ترامب الاقتصادي بالضرورة إلى احتلال عسكري تقليدي، بل يسعى إلى تفكيك السيادة الاقتصادية لفنزويلا
في المجمل، لا يهدف حصار ترامب الاقتصادي بالضرورة إلى احتلال عسكري تقليدي، بل يسعى إلى تفكيك السيادة الاقتصادية لفنزويلا عبر أدوات مالية وقانونية.
والنتيجة النهائية المرجوة هي تحويل فنزويلا من دولة تسيطر على نفطها إلى مجرد "حارس" للحقول، بينما تذهب العوائد والأصول الإستراتيجية (مثل سيتغو) لسداد الديون وتغذية المصافي الأميركية، مما يعيد دمج أكبر احتياطي نفطي في العالم ضمن المدار الأميركي بشروط "السوق" لا بشروط "السيادة".
المصدر:
الجزيرة