آخر الأخبار

الرعاية الصحية بأميركا.. أعلى إنفاق بالعالم والمهمشون بالملايين

شارك

انتهي في 12 من الشهر الجاري أطول إغلاق حكومي في تاريخ أميركا، لكن تجدده غير مستبعد في غضون أقل من شهرين لأن القضية المحورية التي تسببت فيه وهي التكلفة الباهظة للرعاية الصحية لا تزال عالقة وموضوع خلاف شديد بين الحزبين الديمقراطي و الجمهوري ويتوقع أن تلقي بظلالها على انتخابات التجديد النصفي العام المقبل.

وتسعى إدارة الرئيس دونالد ترامب جاهدة لخفض تكاليف الرعاية الصحية لكنها لم تبلور بديلا واضح المعالم لقانون الرعاية الصحية (المعروف بأوباما كير ) الذي يعود لعام 2010، وحاول الجمهوريون مرارا إلغاءه، خاصة عام 2017، في ظل ولاية ترامب الأولى، لكنهم أخفقوا في ذلك.

وتحدث الرئيس ترامب أكثر من مرة عن خطة عامة بديلة تقضي بإرسال الأموال مباشرة إلى حاملي وثائق التأمين بدل إرسالها لشركات التأمين، وذلك ضمن مساعي الجمهوريين لتحسين قدرة المواطنين على تحمل تكاليف الرعاية الصحية، مع اقتراب انتهاء الدعم الحكومي للبرامج التي يعتمد عليه ملايين الناس لتغطية تكاليف الرعاية الصحية بنهاية العام الجاري.

وإذا توقف ذلك الدعم الذي تم اعتماده في ظل انتشار جائحة كورونا، فإن ملايين الأميركيين يتوقعون ارتفاعا ملحوظا في أقساط التأمين، قد يصل في بعض الحالات إلى مئات الدولارات شهريا أو أكثر.

من المتوقع أن ترتفع أقساط التأمين الفردي بمعدل 18% مقارنة بالعام الحالي. وقد يتجاوز متوسطها بالفعل 600 دولار شهريا، قبل احتساب الإعانات التي تُساعد الناس على سداد الفاتورة. وعموما فإن معظم الأميركيين الذين يعتمدون على هذا النوع من التأمين لا يستطيعون تحمل كلفته دون مساعدة مالية حكومية.

كما يتوقع أن ترتفع تكاليف الرعاية الصحية للمشتركين في التأمين الجماعي المتاح من خلال جهات العمل في سوق التأمينات الصحية، بنسبة 8.5%.

ويقدر مكتب الميزانية بالكونغرس أن مليوني أميركي سيفقدون التأمين الصحي تماما العام المقبل مع ارتفاع أسعار الخدمات الطبية، لينضافوا إلى قرابة 27 مليون شخص يعيشون بدون تأمين صحي، وفق إحصاءات عام 2024، أي ما يعادل حوالي 8.2% من سكان البلاد البالغ عددهم 342 مليون نسمة.

إعلان

وتشير تقديرات مكتب الميزانية الأميركية إلى أن تمديد الدعم الإضافي سيكون مكلفا، وسيبلغ 23 مليار دولار العام المقبل، ونحو 350 مليار دولار على مدى الـ10 سنوات المقبلة.

مصدر الصورة ترامب يوقع في 12 نوفمبر الجاري قانونا ينهي أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة (الفرنسية)

إنفاق التريليونات

ويشكل ذلك الدعم نسبة متواضعة ضمن مجموع الإنفاق السنوي على الرعاية الصحية في أميركا والذي يقدر حاليا بنحو 5.6 تريليونات دولار، وهو ما يمثل 18.5% من الناتج المحلي الإجمالي ، وفق إحصاءات مراكز الرعاية الصحية والخدمات الطبية.

ويبلغ معدل الإنفاق السنوي على الصحة للفرد الواحد بأميركا أكثر من 15 ألف دولار، وهو مبلغ يهم جميع الفئات، سواء كانوا من الأفراد المشمولين بالتأمينات المرتبطة بالعمل في القطاع الخاص، أو الموظفين الفيدراليين أو المؤمّنين عبر البرامج المدعومة حكوميا أو من خلال الإنفاق الفردي المباشر.

وقد ارتفع ذلك الإنفاق بنسبة حوالي 8.2% في عام 2024 وذلك بسبب عدة عوامل بينها التضخم ، وارتفاع معدلات استخدام الرعاية الصحية، وزيادة الإنفاق على الأدوية الموصوفة التي تزداد أسعارها بشكل مستمر وتبقى خارج سيطرة الحكومة وتتحكم فيها الأطراف الفاعلة في القطاع الصيدلاني، وخاصة الشركات المصنّعة.

أنواع الرعاية الصحية

وتشير إحصائيات حديثة في عام 2025 إلى أن نحو 225 مليون شخص في الولايات المتحدة مشمولون بتأمين صحي خاص، وهو ما يمثل نحو 66% من سكان البلاد.

ويتم التأمين الصحي الخاص، غالبا من خلال جهة العمل، كما تتوفر خطط تأمين خاصة للشراء من سوق التأمين الصحي (الذي أُنشئ بموجب قانون الرعاية الصحية/أوباما كير) أو مباشرة من شركة تأمين.

من جهة أخرى يستفيد ما يقارب 70 إلى 71 مليون شخص في أميركا، اعتبارا من يوليو/تموز 2025، من برنامج رعاية صحية مشترك بين الحكومة الفدرالية والولايات يعرف باسم "ميديكيد"، ويُوفر تغطية للأفراد ذوي الدخل المحدود، والأطفال، والنساء الحوامل، وكبار السن، وذوي الإعاقة.

وتعرضت المخصصات المرصودة لميديكيد في قانون الإنفاق لعام 2025 إلى تخفيض قدره نحو تريليون دولار على مدى الـ10 سنوات المقبلة، وهو ما يصر الديقراطيون على إعادة النظر فيه في إطار النقاش الدائر لما بعد الموازنة الحالية التي تنتهي بنهاية يناير/كانون الثاني المقبل.

وهناك برنامج حكومي آخر هو "ميديكير" وهو تأمين صحي فدرالي للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاما فأكثر، والشباب ذوي الإعاقة، والأفراد المصابين بأمراض الكلى في مرحلتها النهائية.

إضافة إلى ذلك، تدعم الحكومة عددا من برامج الرعاية الصحية الموجهة لفئات محددة من السكان بينها برنامج التأمين الصحي للأطفال، إلى جانب برامج للمحاربين القدامى وللمنتسبين إلى المؤسسة العسكرية.

ارتفاع التكاليف

وتزداد تكاليف الرعاية الصحية بأميركا بوتيرة سريعة وتتفوق الولايات المتحدة على غيرها من الدول الغنية من حيث نصيب الفرد من الإنفاق الصحي ومن حيث حصة الرعاية الصحية في الاقتصاد الوطني.

لكن المنظومة الصحية بأميركا تعاني من تفاوتات وثغرات في التغطية، مما يحول دون أن يفضي ارتفاع الإنفاق على الرعاية الصحية في الولايات المتحدة إلى نتائج صحية أفضل مقارنة بالدول الغنية، وفق تقييم هيئات صحية وإعلامية كثيرة بينها مجلة إيكونوميست.

إعلان

وعموما يعتبر "التأمين الصحي في أميركا مُكلفا للغاية، لأن الرعاية الصحية مُكلفة للغاية"، وفق كاثرين بايكر، خبيرة اقتصاديات الصحة وعميدة جامعة شيكاغو، في تصريح لصحيفة نيويورك تايمز.

وترتفع تكلفة الرعاية الصحية بسبب عدة عوامل، منها محدودية الدعم الحكومي إضافة إلى ما يواجهه قطاع الصحة من زيادة في التكاليف بسبب الظرفية الاقتصادية العامة المرتبطة بالتضخم، ونقص العمالة المختصة وتراجع أعداد مقدمي الرعاية الصحية.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار