ألبرتا- في ظل ما يعانيه الاقتصاد الكندي من تحديات وعثرات نتيجة التوترات التجارية مع الجارة الأميركية جراء التعريفات الجمركية التي فرضتها على بعض القطاعات الصناعية في كندا ، يسعى رئيس الوزراء مارك كارني إلى مواجهة هذه الأزمة من خلال إستراتيجية تنويع الأسواق الخارجية، وخلق بدائل جديدة لتحقيق نمو اقتصادي مستدام، وسط انتقادات داخلية من المعارضة التي تتهمه بالتركيز المفرط على الدبلوماسية الخارجية على حساب قضايا داخلية ملحة مثل ارتفاع تكاليف المعيشة ومعدلات الجريمة.
ومنذ توليه منصب رئاسة الوزراء في 14 مارس/آذار الماضي، أجرى كارني 13 زيارة خارجية وعقَد عددا من الصفقات والشراكات الاقتصادية، ويخطط في هذا الخريف إلى زيارة آسيا وأفريقيا .
وقال مارك كارني خلال زيارته الأخيرة إلى لندن : إن رحلاته الدولية الأخيرة واجتماعاته مع قادة العالم ضرورية لفتح أسواق جديدة للمنتجات الكندية.
وأضاف كارني مدافعا، أنه يسعى إلى إطلاع المستثمرين على مشاريع بنى تحتية كبرى يجري بناؤها في كندا، وعلى السبل التي تسعى من خلالها كندا لجذب المزيد من رؤوس الأموال العالمية، إلى جانب معرفة المزيد عن كيف يُنظر إلى كندا، وما يمكن لأوتاوا أن تفعله لتعزيز الصورة الاستثمارية لكندا.
من جهته، انتقد زعيم حزب المحافظين بيير بواليفر رحلات كارني الخارجية، قائلا "رحلة كارني إلى لندن ليست سوى عرض ترفيهي من قبل الليبراليين، وعلى كارني أن يركز أكثر على القضايا الداخلية مثل الجريمة والقدرة على تحمل التكاليف".
كما أعرب النائب عن حزب المحافظين أندرو شير عن استيائه من رحلات كارني الخارجية، قائلا إن لقاءات كارني مع القادة الصينيين تزامنت مع رسوم على المزارعين والصيادين الكنديين، ومراسلاته مع ترامب أفضت إلى تنازلات ومضاعفة الرسوم الأميركية.
وأضاف شير أن زيارة كارني ل بريطانيا لم تحقق أي تقدم في رفع الحظر على لحوم البقر الكندية أو إبرام اتفاقية تجارة حرة، واصفا هذه الجولات بـ"الواهمة" وأنها أدت إلى إغلاق الأسواق وفرض رسوم جمركية جديدة، داعيا إلى التركيز على النتائج.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قد فرض أواخر سبتمبر/أيلول الماضي رسوما جمركية بنسبة 10% على الأخشاب اللينة والمنشورة، و25% على خزائن المطابخ والحمامات والمنتجات الخشبية المُنجدة، تُطبق اعتبارا من 14 أكتوبر/تشرين الأول، حيث تعد كندا الأكثر تأثرا باعتبارها أكبر مورد للأخشاب إلى الولايات المتحدة، وتخضع أيضا لرسوم جمركية بنسبة 35.2%.
وعن صفقات كارني الخارجية ومدى قدرتها على إنقاذ الاقتصاد الكندي من الحرب التجارية، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور زياد الغزالي أن الاتفاقيات مع إندونيسيا وفتح أسواق جديدة في أوروبا وآسيا، ستساعد في تنويع الوجهات الاقتصادية وتخفيف الاعتماد على السوق الأميركية.
وتابع الغزالي في حديثه للجزيرة نت، أنها لن تعوض بالكامل حجم التجارة والخسائر الناجمة عن التوترات مع واشنطن، خاصة في القطاعات الثقيلة مثل الصلب والألمنيوم، وسيظهر تأثير هذه الصفقات بوضوح أكبر على القطاعات الجديدة والصناعات التحويلية والخدمات، في حين ستظل الصناعات التقليدية المرتبطة بالولايات المتحدة متأثرة ب الرسوم الجمركية والسياسات الأميركية.
ويتفق مستشار الأمن المالي مدين سلمان مع الغزالي، في أن الصفقات خطوة الألف ميل، مؤكدا للجزيرة نت أنها لا تعوض الخسائر الناجمة عن الرسوم الجمركية الأميركية بشكل كامل، لكنها تخفف الضغط جزئيا عبر تنويع الأسواق والشراكات، ويبقى الاعتماد على 75% من الصادرات إلى أميركا رقما من الصعب خفضه قريبا.
بدوره، أكد خبير الخدمات المالية والرهن العقاري أحمد جاد الله، أن كندا لن تعوض خسائر التعريفات الجمركية الأميركية كليا خلال الـ5 سنوات القادمة، معتمدة بنسبة 75% على الصادرات إلى الولايات المتحدة.
وقال للجزيرة نت إن اتفاقيات مثل الشراكة عبر المحيط الهادئ والاتفاقية الاقتصادية مع إندونيسيا، ستساهم في فتح أسواق أوروبية وآسيوية كبيرة، مما يقلل الاعتماد على شريك واحد ويحد من مخاطر التقلبات التجارية على الاقتصاد الكندي.
وتشكل العلاقة التجارية بين كندا والولايات المتحدة واحدة من أكبر العلاقات التجارية في العالم، ففي عام 2024 تجاوزت القيمة الإجمالية لواردات وصادرات كندا من السلع المتداولة مع الولايات المتحدة تريليون دولار كندي (762 مليار دولار) للعام الـ3 على التوالي، وفقا لمنصة "ستاتيستك كندا".
وحول حديث كارني عن جذب الاستثمار الأجنبي، أشار الغزالي إلى تحدياتها الرئيسية، مثل تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وارتفاع تكاليف العمالة والضرائب، والقيود البيئية الصارمة، إضافة إلى تأثير الموقع الجغرافي لكندا.
وحث الغزالي على:
وشدد سلمان هو الآخر على:
أما خبير الرهن العقاري جاد الله، فأكد على:
وفي حال فشلت الحكومة الفيدرالية في تحقيق نمو اقتصادي يفوق 2% سنويا، يتطلب منها اتباع الخطوات التالية وفق رؤية كل من الغزالي وجاد الله: