دخلت العلاقات بين روسيا وإيران مرحلةً نوعية جديدة اليوم، مع دخول "معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة" حيز التنفيذ، وفق ما أعلنته وزارة الخارجية الروسية.
وكانت المعاهدة قد وُقّعت في موسكو في 17 يناير 2025، بحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، لتُرسي أساسًا جديدًا لعلاقة استراتيجية أعمق وأوسع نطاقًا من سابقتها.
الأسس القانونية والعلاقات السياسية
اعترفت إيران بروسيا كخلف قانوني للاتحاد السوفيتي في ديسمبر 1991. وتقوم العلاقات الروسية الإيرانية الحديثة على أساس "معاهدة أساس العلاقات ومبادئ التعاون" الموقعة عام 2001، والتي يحل محلها المعاهدة الجديدة.
تبادل الزيارات رفيعة المستوى
أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عدة زيارات إلى إيران في الأعوام الماضية، حيث التقى خلالها بكل من المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي ورؤساء إيران المتعاقبين. فيما بلغ عدد زيارات الرؤساء الإيرانيين إلى روسيا 11 زيارة، شملت محمد خاتمي (مارس 2001)، ومحمود أحمدي نجاد (2009 و2013)، وحسن روحاني (2014، 2015، مرتين في 2017، 2019)، وإبراهيم رئيسي (2022 و2023)، ومسعود بزشكيان (أكتوبر 2024). كما التقى قادة البلدين بشكل دوري على هامش الفعاليات الدولية.
الموقف الروسي من البرنامج النووي الإيراني
روسيا هي إحدى الدول الست (إلى جانب بريطانيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا) التي وقعت مع إيران "خطة العمل الشاملة المشتركة" عام 2015، والتي أقرها مجلس الأمن الدولي بالقرار 2231. ونصت الاتفاقية على رفع العقوبات عن طهران مقابل التزامها بتقييد أنشطتها النووية ووضعها تحت الرقابة الدولية.
وبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية عام 2018، دعت موسكو مرارا إلى إعادة العمل بالاتفاقية بشكل كامل، كما استنكرت قرار الدول الغربية بعدم الالتزام بقرار رفع العقوبات وإعادة فرض القيود على إيران.
التعاون الاقتصادي والمالي
شهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين تحولا ملحوظا، حيث قفز حجم التبادل التجاري إلى مستوى قياسي بلغ 4.85 مليار دولار عام 2022 (بارتفاع 20.2%)، ثم استقر عند حوالي 4 مليارات دولار عام 2023، ليصل إلى 3.3 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من 2024 (بنمو 14.7%). وتجاوزت حصة العملات الوطنية في المدفوعات المتبادلة 96%، بحسب بيانات رسمية
مبادرات مالية مشتركة
شهد عام 2023 تطورات مهمة شملت توقيع اتفاقية لتسهيل المعاملات المالية المصرفية بين البنوك المركزية، وافتتاح بنك "في تي بي" الروسي مكتب له في طهران (كأول مؤسسة ائتمانية روسية في إيران). وفي يوليو 2024، اكتملت عملية دمج المنظومتين الوطنيتين للمدفوعات "مير" الروسية و"شتاب" الإيرانية.
شراكة استراتيجية في قطاع الطاقة
تتعاون روسيا وإيران بشكل مكثف في مجال الطاقة، حيث تولت إحدى شركات "روساتوم" إكمال بناء وتجديد الوحدة الأولى من محطة "بوشهر" النووية، التي بدأها كونسوريوم ألماني عام 1975 وتوقفت بعد الثورة الإسلامية 1979. دخلت الوحدة الخدمة عام 2011، وسلمت رسميا لإيران عام 2013. وفي نوفمبر 2014، وقع الجانبان عقدا لبناء الوحدتين الثانية والثالثة بتكلفة 10 مليارات دولار، ومن المقرر تشغيلهما بين 2025 - 2027.
مشاريع البنية التحتية والاستثمارات
في 17 مايو 2023، وقعت روسيا وإيران اتفاقية لإنشاء القسم السككي "رشت-آستارا" في شمال إيران الساحلي. بموجب الاتفاقية، سيتشارك البلدان في تمويل التصميم والتنفيذ للمشروع. سيبلغ طول الخط 170 كيلومترا، ومن المقرر الانتهاء من أعمال البناء بحلول عام 2028. سيربط هذا الخط الأقسام البرية لممر "الشمال-الجنوب" الدولي للنقل، مما سيعزز الكفاءة الاقتصادية للطريق العابر لبحر قزوين.
الاستثمارات الروسية الكبرى
خلال العام المالي 2022-2023، أصبحت روسيا أكبر مستثمر في إيران، حيث استثمرت 2.76 مليار دولار، من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة البالغة 4.2 مليار دولار.
التسليح والمعدات العسكرية
في الفترة من 1992 إلى 2020، زودت روسيا إيران بمقاتلات "ميغ-29"، وطائرات هجومية "سو-25"، ودبابات "تي-72 إس"، ومروحيات وأنظمة صواريخ دفاع جوي. كما نفذت عقود توريد أنظمة "تور-إم 1" الدفاعية وأنظمة إس-300 الصاروخية.
صفقات عسكرية حديثة
في يناير 2023، أعلنت إيران عن شراء مقاتلات "سو-35" من الجانب الروسي، بالإضافة إلى معدات عسكرية أخرى تشمل مروحيات وصواريخ. وفي نوفمبر من العام نفسه، كشف مسؤول في وزارة الدفاع الإيرانية اللواء مهدي فراهي عن حصول بلاده على مروحيات مي-28 الهجومية، ومقاتلات "سو-35"، والطائرات القتالية التدريبية "ياك-130".
تعزيز التعاون الدفاعي
شهد يناير 2015 توقيع اتفاقية للتعاون العسكري بين البلدين خلال زيارة وزير الدفاع الروسي حينها سيرغي شويغو إلى طهران، التي تعد الأولى من نوعها منذ عام 2000. وتوالت الاتفاقيات بتوقيع مذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الثنائية بين وزارة الدفاع الروسية وهيئة الأركان العامة الإيرانية في يوليو 2019، ومذكرة تفاهم للتعاون الدفاعي البحري في ديسمبر من العام نفسه.
المصدر: RT + نوفوستي