قد يبدو الأمر وكأنه خيال علمي، لكن العلماء يؤكدون أن الأيام على كوكب الأرض باتت أقصر بالفعل بجزء من المللي ثانية. وبينما لا يدعو هذا التغير البسيط إلى القلق حالياً، فإن تسارع دوران الأرض بشكل أكبر قد يفتح الباب أمام كوارث لا تخطر على بال، من فيضانات مدمرة وزلازل عنيفة، إلى اختلال في توازن الجاذبية نفسها.
فكيف سيكون شكل الحياة على كوكب يزداد دورانُه سرعةً؟
فوفقاً للعلماء، كانت أيام 9 يوليو و22 يوليو و5 أغسطس من هذا العام أقصر بنحو 1.3 إلى 1.51 مللي ثانية من اليوم المعتاد البالغ 24 ساعة.
ورغم أن السبب الدقيق لا يزال غامضاً، إلا أن هناك عدة تفسيرات محتملة، مثل التغيرات في الغلاف الجوي، ذوبان الأنهار الجليدية، حركة نواة الأرض، وضعف المجال المغناطيسي، وفق تقرير لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
ورغم أن فقدان أجزاء من المللي ثانية لا يستدعي القلق الكبير، فإن بعض السيناريوهات العلمية والروائية تتخيل عالماً يخرج عن السيطرة.
وكشف الخبراء التداعيات الحقيقية لمثل هذا السيناريو المرعب من كوارث واسعة النطاق، وفيضانات وزلازل تهدد الحضارة البشرية.
ولو زادت سرعة دوران الأرض فعلاً، سيظهر ما يُعرف بـ"التأثير الطردي المركزي"، حيث تبدأ الأشياء بالاندفاع بعيداً عن محور الكوكب، مثل الكراسي المعلقة في لعبة الدوارة.
وعندها ستنتفخ المحيطات حول خط الاستواء، ليصبح للأرض شكل أقرب إلى الماسة مع ميل في نصفي الكرة الشمالي والجنوبي.
كما سيؤدي سحب المياه من المناطق القطبية إلى جعل المحيط المتجمد الشمالي أقل عمقاً، فيما تغرق مناطق شاسعة قرب خط الاستواء تحت الماء.
وحتى اليابسة القريبة من خط الاستواء التي لن تغمرها المياه ستواجه خطراً متزايداً من التسونامي والفيضانات.
بدوره قال دانكن أغنيو، أستاذ الجيوفيزياء في جامعة كاليفورنيا سان دييغو، إن "أكبر التغيرات ستكون في المد والجزر".
إذ ينتج عن دوران الأرض مدان وجَزران كل 24 ساعة و50 دقيقة تقريباً، بفعل الجاذبية المشتركة للقمر والشمس.
وأضاف: "إذا تغيرت سرعة الدوران بنسبة 10%، فإن المد والجزر في بعض الأماكن سيزداد وفي أماكن أخرى سينخفض".
كما أن زيادة سرعة الدوران ستجعل حركة الصفائح التكتونية أسرع، ما قد يزيد الضغط الجيولوجي ويؤدي إلى "الكثير من الزلازل".
ويُذكر أن خط الاستواء يدور بسرعة تقارب 1,650 كم/ساعة، بينما القطبين يكادان لا يدوران.
وفي حال أصبحت السرعة كبيرة جداً، فإن قوة الطرد المركزي ستتغلب على الجاذبية، ما يجعل الأشياء تُقذف إلى الفضاء.
كما حذر عالم الفلك في وكالة ناسا، الدكتور ستين أودينوالد، من أن الظواهر الجوية ستصبح أكثر عنفاً وتدميراً.
ومع زيادة سرعة دوران الكوكب، ستشتد قوة تُعرف بـ"تأثير كوريوليس" التي تعطي الأعاصير دورانها، وبالتالي "ستدور الأعاصير بشكل أسرع وتحمل طاقة أكبر".
قِصر اليوم سيعني قلة ساعات النهار وأيضاً قلة وقت النوم، مما قد يقلل إنتاجية البشر.
وسيُضطر الناس لتأخير ساعاتهم باستمرار أو ابتكار نظام جديد تماماً لحساب الوقت.
ولأن لدى البشر إيقاعاً بيولوجياً مرتبطاً بـ 24 ساعة، فإن أي خلل فيه يؤدي إلى مشاكل جسدية ونفسية كما يحدث في اضطراب السفر بالطائرة.
إضافة إلى ذلك، فإن الكثير من الأقمار الصناعية ستخرج من مواقعها المدارية الصحيحة، ما قد يتسبب بتعطل الاتصالات، الإنترنت، البث التلفزيوني والمزيد.
لكن أغنيو شدد على أن هذه الفرضية "سخيفة للغاية"، مضيفاً: "هذا غير ممكن، ولم يُرصد أي شيء مشابه في أي كوكب أو نجم".
فالواقع أن دوران الأرض يتباطأ تدريجياً منذ مليارات السنين.
وقال: "قبل مليار سنة كان اليوم ربما 19 ساعة فقط، وحتى في زمن الديناصورات كان أقصر بنصف ساعة تقريباً مما هو عليه الآن".