في إنجاز علمي، أعلن فريق من الباحثين بجامعة فرجينيا الأميركية عن اكتشاف عضية جديدة داخل خلايا الإنسان أطلقوا عليها اسم الهيميفوزوم، ونشرت نتائجهم في دورية "نيتشر كوميونيكيشنز".
هذا الاكتشاف، الذي جاء باستخدام أحدث تقنيات التصوير ثلاثي الأبعاد بالتجميد الإلكتروني (كرايو-إي تي)، قد يعيد رسم خريطة معرفتنا بتشريح الخلية ووظائفها الحيوية، وربما يمهد الطريق لعلاجات مبتكرة لأمراض وراثية معقدة.
الخلية هي وحدة الحياة الأساسية، وتتكون من مكونات دقيقة تسمى عضيات، لكل منها وظيفة محددة مثل إنتاج الطاقة (الميتوكوندريا) أو بناء البروتينات (الريبوسومات).
ويعد اكتشاف عضية جديدة داخل هذا النظام المعقد أمر نادر جدًا، لأن العلماء يعتقدون أنهم حددوا تقريبًا كل الأجزاء الأساسية للخلية منذ عقود.
لكن الهيميفوزوم كسر هذه الفرضية، ويقول العلماء إنه يتميز ببنية غريبة، حيث يتكون من "فقاعتين" متصلتين بشريط ضيق، ويقع قرب مناطق التعبئة والتفريغ في الخلية، مما يشير إلى دوره في حركة ونقل المواد داخلها.
وللتعرف على الهيميفوزوم استخدم الفريق البحثي تقنية التصوير ثلاثي الأبعاد بالتبريد الفائق، التي تسمح برؤية الخلية مجمدة في حالتها الطبيعية بدقة غير مسبوقة، وبينما كانوا يدرسون مسارات النقل الداخلي للخلايا، ولاحظوا وجود هذه البنية الجديدة التي لم تُسجل في أي أبحاث سابقة.
الأكثر إثارة هو أن الهيميفوزوم يظهر فقط عندما تحتاجه الخلية، ويختفي عندما لا يكون هناك نشاط نقل داخلي كثيف، مما يفسر سبب صعوبة اكتشافه في الدراسات السابقة.
من خلال تحليل دوره، اكتشف الباحثون أن الهيميفوزوم يعمل كـ"مركز شحن داخلي"، حيث ترتبط به حويصلات صغيرة محمّلة بالمواد، هذا النشاط أساسي للحفاظ على صحة الخلية.
وبحسب الدراسة، يعتقد العلماء أن الهيميفوزوم يساعد في إعادة تدوير المواد الخلوية التالفة أو التخلص من "النفايات" التي قد تضر بالخلية إذا تراكمت.
وبفضل موقعه القريب من مناطق التخزين والتفريغ، يسهم الهيميفوزوم في ضمان توزيع البروتينات والدهون والمواد الحيوية بشكل صحيح للحفاظ على وظائف الخلية الطبيعية.
ويعتقد الباحثون أن بعض الأمراض الوراثية مثل متلازمة هيرمانسكي-بودلاك، التي تؤثر على صبغة الجلد والرئة وتجلط الدم، قد تكون مرتبطة بخلل في عمل هذه العضية. وبالتالي، فهم وظيفة الهيميفوزوم بشكل أفضل قد يؤدي إلى تطوير علاجات جديدة لهذه الحالات.