أكد خبراء وتربويون ومعلمون أن تطوّر مهارات الأبناء في عصر الذكاء الاصطناعي أوجد فجوة معرفية بينهم وبين آبائهم، بعدما أصبح الجيل الجديد أكثر قدرة على استخدام الأدوات الرقمية والبرمجيات، وصناعة المحتوى، وتنفيذ مشاريع تفاعلية تتجاوز حدود التعليم التقليدي.
وقالوا لـ«الإمارات اليوم» إن هذا دفع العديد من أولياء الأمور للعودة إلى التعلم من جديد، لفهم الأدوات التي يستخدمها أبناؤهم، ومواكبة تطور مهاراتهم الرقمية، مشيرين إلى أن مشاركة الآباء أبناءهم في مسار التعلم باتت ضرورة لضمان التوازن داخل الأسرة وعدم بقاء الجيل الأكبر في الخلف.
وتفصيلاً، أكد أولياء الأمور: شيماء لاشين وميثاء عبيد وإسراء محمد وميادة ياسين وحمدان حداد وسعيد حارب ومحمد حسن، أن سرعة اكتساب الأبناء لمهارات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية يصنع فجوة واضحة بينهم وبين الآباء، ما يجعل متابعة مسار تعليمهم تحدياً مستمراً داخل البيت.
وأضافوا أنهم يسعون لتعلم أدوات أبنائهم الرقمية ومواكبة مهاراتهم الحديثة، معتبرين أن فهم هذه التقنيات أصبح ضرورة لضمان دعمهم ومساعدتهم على الاستفادة المثلى من فرص التعلم المتقدمة.
في المقابل، قال الطلبة: خالد ومحمد ويوسف وعمرو وشيخة عبدالله وشيماء آل علي، إن مهاراتهم في استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي منحتهم قدرة كبيرة على التعلم والإبداع، لكنها في الوقت نفسه أوجدت فجوة بين مهاراتهم ومهارات والديهم.
وأضافوا: «نسعى لشرح ما نتعلمه ومشاركة والدينا استخدام المنصات الرقمية حتى يتمكنوا من مواكبة مهاراتنا وتعزيز التواصل والفهم داخل الأسرة».
وقال المعلمون: عاطف حسن وأحمد النجار وسارة خالد وسوسن محمد، إن جيل الطلاب الحالي يمتلك قدرة عالية على التعامل مع التقنيات الحديثة من الذكاء الاصطناعي إلى المنصات الرقمية التفاعلية، ما يضع الوالدين أمام تحدٍ لفهم بيئة تعلم أبنائهم ومواكبة سرعة اكتسابهم للمهارات الجديدة.
وأكدوا أن الفجوة المعرفية بين الأبناء والآباء تفرض على الأسرة إعادة ترتيب أدوارها، حيث بات الآباء بحاجة لتعلم أدوات تعليمية حديثة والتعرف على أساليب التفكير الرقمي لأبنائهم، ما يعزز التواصل الأسري ويجعل دعم الطلبة أكثر فاعلية وواقعية.
وأفاد التربوي خالد عبدالحميد بأن الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي أحدثا تحولاً نوعياً في مهارات الطلبة، إذ أصبح الأبناء أكثر قدرة على استخدام التكنولوجيا والتعلم الذاتي، بينما يظل كثير من الآباء غير ملمين بهذه الأدوات، ما يصنع فجوة في التواصل وأساليب التفكير وحل المشكلات.
وأشارت التربوية نورا سيف المهيري إلى أن إدراك الآباء هذه الفجوة دفعهم لتعلم أدوات الذكاء الاصطناعي وفهم المنصات الرقمية، مؤكدة أن مشاركتهم لم تعد رقابية فقط، بل أصبحت ضرورة لتعزيز الحوار الأسري ودعم استفادة الأبناء من مهاراتهم الجديدة مع الحفاظ على توازن الأدوار داخل الأسرة.
وحول المهارات التي يكتسبها الطلبة من الذكاء الاصطناعي، أفاد الخبير التربوي أستاذ علوم الحاسب، الدكتور محمود موسى، بأن الجيل الحالي أصبح قادراً على فهم آلية عمل النماذج الذكية، وتوظيف الأدوات الرقمية في البحث والتحليل، وتنظيم المعلومات بكفاءة غير مسبوقة.
وأضاف أن مهارات البرمجة أصبحت جزءاً أساسياً من أدوات الطالب المعرفية، إذ يتعلم الأطفال اليوم لغات مثل Python وScratch، ويكتسبون مهارات التفكير الخوارزمي وتصميم تطبيقات بسيطة أو روبوتات تعليمية، ما يعزز قدرتهم على تحويل الأفكار إلى نماذج قابلة للتجربة والتنفيذ.
وأشار إلى توسع مهارات تحليل البيانات لدى الطلبة، الذين باتوا قادرين على قراءة البيانات واستنتاج الأنماط واستخدام أدوات التحليل والرسوم البيانية، بالإضافة إلى تقييم نتائج الذكاء الاصطناعي والتدقيق فيها بدل الاعتماد عليها كما هي، وهو ما يعزز التفكير القائم على الأدلة لا الحفظ التقليدي.
ولفت إلى تنامي مساحات الإبداع التكنولوجي لدى الأبناء من خلال قدرتهم على تحرير الفيديو والصور باحترافية، وإنتاج محتوى تعليمي أو ترفيهي أو إعلامي باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، وتحويل أفكارهم إلى مشاريع رقمية واقعية تنافس وتظهر للنور بسرعة.
وأكد أن الأمن الرقمي أصبح جزءاً محورياً في وعي الجيل الجديد، إذ يتعلم الأبناء كيفية حماية بياناتهم، والتحقق من المعلومات، والتعامل مع الخصوصية بوعي أعلى، إلى جانب فهم المخاطر الإلكترونية وتجنبها.
وأضاف أن التعامل مع الروبوتات لم يعد أمراً مستقبلياً، بل واقعاً داخل بيئات التعلم، حيث يستطيع الطلبة تشغيل الروبوتات التعليمية وتوجيهها وتوظيفها في البحث أو الدراسة أو المهام اليومية، وهو ما يهيئهم لوظائف مستقبلية تعتمد على الأنظمة الذكية.
ولفت إلى أن التفكير النقدي وحل المشكلات أصبحا من أهم مخرجات عصر الذكاء الاصطناعي، إذ لم يعد المطلوب من الطالب الحفظ فقط، بل تحليل المعلومات والوصول إلى حلول مبتكرة وتقييم مخرجات التكنولوجيا دون اعتبارها حقيقة مطلقة.
وقال إن مهارات التعلم الذاتي تميز أبناء هذا الجيل، فالتعلم لم يعد مرتبطاً بالمعلم أو الصف، بل يمتد عبر المنصات الرقمية والمصادر المفتوحة، مع قدرة عالية على تطوير المهارات باستمرار وإدارة الوقت بذكاء لمواكبة سرعة تطور الأدوات الرقمية.
وشدد على أولياء الأمور بضرورة فهم مهارات أبنائهم الرقمية، والذكاء الاصطناعي، الذي أصبح ضرورة لسد الفجوة المعرفية، مشيراً إلى أهمية تعلم الأدوات الرقمية ومواكبة التطورات التكنولوجية لدعم الأبناء وتعزيز التواصل داخل الأسرة.
المصدر:
الإمارات اليوم