آخر الأخبار

مواطن يتبرع بأعضاء طفلته المتوفاة لإنقاذ حياة 3 أشخاص.. ورضيعة تخلّص سيدة من الفشل الكلوي

شارك

كشف رئيس اللجنة الوطنية للتبرع وزراعة الأعضاء في دولة الإمارات، الدكتور علي العبيدلي، عن قصص إنسانية مؤثرة جسّدت أسمى معاني الرحمة والعطاء في مجتمع دولة الإمارات، وأسهمت في ترسيخ ريادة البرنامج الوطني للتبرع وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية (حياة)، الذي أصبح أحد أسرع البرامج نمواً في العالم من حيث نِسَب المشاركة والوعي المجتمعي.

وقال إن من أبرز القصص المُلهِمة في التبرع بالأعضاء، موقف أب مواطن قرر أن يحول فاجعة فقدان ابنته، ذات السنوات الخمس، إلى مصدر حياة للآخرين، حين اتخذ قراراً شجاعاً بالتبرع بأعضائها بعد وفاتها، لينقذ حياة ثلاثة أشخاص كانوا بأمسّ الحاجة إلى الزراعة.

وأوضح أن الأب ذكر كلمات لامست القلوب، حيث قال: «أنا متعلق بابنتي، ورب العالمين اختارها، ولأني متعلق بها وأحبها كثيراً، أحب لها أن تترك هذا الأثر».

واستعرض قصة أخرى لا تقل إنسانية، لرضيعة لم تتجاوز أسبوعين من عمرها، أصرّ والداها على التبرع بكليتيها بعد وفاتها، لتُزرعا بنجاح في جسد مريضة تبلغ من العمر 48 عاماً عانت طويلاً من الفشل الكلوي، لينتهي صراعها مع الغسيل الدموي، وتبدأ حياة جديدة.

وأكد العبيدلي أن هذه المواقف النبيلة جعلت من أصحابها «سفراء العطاء»، مشيراً إلى أن مثل هذه القصص كانت وراء الوعي المجتمعي المتزايد الذي حققه برنامج «حياة» منذ انطلاقه ليصبح اليوم نموذجاً عالمياً في مجال التبرع بالأعضاء، ومصدر فخر للدولة في المحافل الطبية الدولية.

نتائج استثنائية

وأشار العبيدلي، في تصريحات إعلامية، إلى أن إجمالي عمليات زراعة الأعضاء التي أُجريت في الدولة تجاوز 2034 عملية منذ انطلاق البرنامج في عام 2017، فيما ارتفع عدد المسجلين في قاعدة بيانات المتبرعين إلى أكثر من 36 ألف شخص، ما يعكس ثقة المجتمع بالمنظومة الصحية والتشريعية الراسخة في الدولة.

وأوضح أن هذا التقدم الكبير لم يكن وليد المصادفة، بل نتيجة منظومة متكاملة تبدأ من الإطار التشريعي المتوافق مع الفتاوى الشرعية، مروراً بتأهيل الكوادر الطبية، حيث تم تدريب أكثر من 10 آلاف مختص في القطاع الصحي لضمان تطبيق أعلى المعايير العالمية في جميع مراحل الزراعة.

وأضاف أن دولة الإمارات باتت قادرة على إجراء جميع أنواع زراعات الأعضاء المعقدة، بما فيها القلب والرئتان والبنكرياس والكبد والكلى، وحتى العمليات المزدوجة (مثل زراعة كبد وكلية في آن واحد) التي تُرفض أحياناً في مراكز عالمية نظراً لتعقيدها.

التحديات العالمية

وحول الأسباب التي تجعل نسبة الأعضاء المتبرَّع بها عالمياً لا تتجاوز 10% من الاحتياج الفعلي، أوضح العبيدلي أن التحدي الأساسي يعود إلى تزايد الأمراض المزمنة وغير السارية مع ارتفاع متوسط الأعمار، ما يؤدي تراكمياً إلى فشل الأعضاء، في مقابل محدودية الإمكانات الفنية والتقنية لتشغيل برامج زراعة الأعضاء في جميع الدول.

وأشار العبيدلي إلى وجود فجوة أخرى في «ثقافة التبرع»، موضحاً أن الدراسات العالمية تُظهر أن ما بين 70 و90% من الناس يؤيدون فكرة التبرع بالأعضاء، لكن أعداد المسجلين فعلياً تبقى أقل بكثير، قائلاً: «الإنسان بطبيعته يرغب في إنقاذ غيره، لكنه يحتاج إلى تمكينه بالمعلومة في لحظتها المناسبة، ليتحوّل هذا الشعور الإنساني إلى قرار فعلي بالتسجيل».

وشدد على أهمية الوعي المجتمعي في الوقاية من أمراض الفشل العضوي، لافتاً إلى أن كثيراً من أسباب هذه الأمراض «في متناول اليد»، ويمكن الوقاية منها عبر تغيير نمط الحياة، والغذاء الصحي، والنشاط البدني المنتظم، قائلاً: «احتمالية أن يحتاج الإنسان لعملية زراعة خلال حياته أكبر من احتمالية أن يصبح متبرعاً، ولهذا فإن دعم ثقافة التبرع والوقاية يصبّ في مصلحة الجميع».

تجربة إماراتية فريدة

وأوضح العبيدلي أن ريادة دولة الإمارات في هذا المجال لم تأتِ فقط من أعداد العمليات أو المسجلين، بل من النهج المتكامل الذي جمع بين تهيئة القطاع الطبي وبناء الثقة المجتمعية قبل إطلاق حملات التسجيل، على عكس بعض الدول التي بدأت بالترويج للتسجيل قبل بناء بنية تحتية طبية متكاملة، ما أدى إلى فشل برامجها لاحقاً.

وأكد أن دولة الإمارات تتصدر عالمياً في معدل النمو السنوي للتبرع بعد الوفاة، مشيراً إلى أن الوعي المجتمعي ليس جديداً، إذ أظهرت دراسة أُجريت عام 2016 في جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية أن 68% من أفراد المجتمع يؤيدون التبرع بعد الوفاة، وهي نسبة توازي المعدلات العالمية.

كما أشار إلى أن المرصد الدولي لإحصاءات التبرع بالأعضاء سلّط الضوء أخيراً على النمو السريع الذي حققته دولة الإمارات مقارنة بدول أخرى، وهو ما يضعها ضمن التجارب العالمية الرائدة في بناء منظومات مستدامة لزراعة الأعضاء.

وجدّد الدكتور علي العبيدلي دعوته لجميع أفراد المجتمع إلى التسجيل في برنامج «حياة» الوطني، مؤكداً أن هذه الخطوة البسيطة، التي لا تستغرق أكثر من دقيقة واحدة، وقد تُحدث فرقاً بين الموت والحياة لشخص آخر، قائلاً: «التبرع بالأعضاء هو أعظم ما يمكن أن يقدمه الإنسان بعد وفاته، لأنه يمنح الحياة لمن ينتظرها، ويُخلّد الأثر الطيب في الدنيا والآخرة».

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا