تورط متعاملون، في الآونة الأخيرة، بقضايا شيكات ضمان، إذ لا يعتد القانون بالقصد الحسن من وراء تحرير الشيك، ولا يعتبر صرفه من قِبل حامله خيانة أمانة، وإنما يعتبره أداة وفاء تستحق أن يكون لها مقابل، ويعاقب القانون في قضايا تحرير الشيك أو توقيعه بصورة تمنع من صرفه بالحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنتين وبالغرامة التي لا تقل عن 10% من قيمة الشيك وبحد أدنى 5000 درهم.
وأكّدت المحكمة الاتحادية العليا، في حيثيات بعض قضايا شيكات حُررت على سبيل الضمان، أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا جدوى من التذرع بأن الشيك محرر على سبيل الضمان، إذ العبرة بالباعث على تحرير الشيك والتأثير له على قيام المسؤولية الجزائية مادام أن الشيك قد استوفى المقومات التي تجعل منه أداة وفاء في نظر القانون، ذلك أن مراد المشرع من العقاب، هو حماية الشيك في التداول، وقبوله في المعاملات على أساس أنه يجري فيها مجرى النقود.
وتلقت «الإمارات اليوم» استفسارات عدة من قرّاء حول المسؤولية الجزائية عند تحرير شيك ضمان، فيما أكّد المستشار القانوني الدكتور يوسف الشريف، أهمية وجود إثبات لدى محرر الشيك، أنه للضمان وليس للاستحقاق، وما يفيد التزام المستفيد منه برده بعد تسوية المعاملة بينهما سواء مع بنك أو شخص.
وقال قارئ لـ«الإمارات اليوم» إنه كان بينه وبين أحد المقاولين اتفاق على بناء منزل، وحرر المقاول له شيكاً وكتب خلفه كلمة «ضمان»، ونشب خلاف بينهما بعد أن استلم المقاول مستحقاته، متسائلاً هل يستطيع تقديم الشيك من دون رصيد للمحكمة أم أن المدعي عليه يستطيع أن يثبت أنه شيك ضمان عن طريق الكلمة خلف الشيك فقط؟
وقال آخر استأجرت بيتاً وسيتم السداد المالي لقيمة الإيجار من قبل جهة عملي، لكن المؤجر طالبني بوضع شيك ضمان، متسائلاً ما المسؤولية القانونية الواقعة على شخصي إذا كتبت هذا الشيك لمصلحة المستأجر؟ وهل يمكن استرداده عند قيام جهة عملي بسداد كامل الأجرة للمالك؟ وفي قضية أخرى، حرر شخص لآخر شيكاً بقيمة 339 ألف درهم، لكن حسابه مغلق، وقضت محكمتا أول درجة والاستئناف ببراءته، إلا أن المحكمة الاتحادية العليا نقضت الحكم.
وأكّدت المحكمة العليا في حيثيات الحكم أنه لا جدوى من التذرع بأن الشيك محرر على سبيل الضمان، إذ العبرة بالباعث على تحرير الشيك ولا تأثير له في قيام المسؤولية الجزائية مادام أن الشيك استوفى المقومات التي تجعل منه أداة وفاء في نظر القانون، ذلك أن مراد المشرع من العقاب هو حماية الشيك في التداول وقبوله في المعاملات على أساس أنه يجري فيها مجرى النقود، كما أنه يكفي في الجرائم الواردة بالمادة 675 من قانون المعاملات التجارية رقم 50 لسنة 2022، توافر القصد الجنائي العام، وهو علم الجاني بأن فعله يمنع الوفاء بقيمة الشيك، كما أكّدت أن تحرير الشيك على سبيل الضمان، بفرض حصوله، لا ينتفي فيه توافر القصد الجنائي، ولا تأثير له في المسؤولية الجزائية.
من جانبه، أكّد المستشار القانوني الدكتور يوسف الشريف، في حال استخدام شيك الضمان رغم تسوية المعاملة التي صدر الشيك ضماناً لها، فإنه يمكن للساحب (مُصدر الشيك) تسجيل منازعة تنفيذ موضوعية، ويتعين عليه في هذه المنازعة إثبات أن الشيك هو شيك ضمان، وأسباب عدم استرداد الشيك رغم تسوية معاملته سواء مع بنك أو شخص، وعند إثبات ذلك يتم إلغاء الإجراءات التنفيذية الصادرة في ملف تنفيذ الشيكات، ولفت إلى أنه في حال قدّم المستفيد شيك الضمان للبنك المسحوب عليه واستلم إفادة بسبب عدم الصرف، جرّاء غلق الحساب أو عدم وجود رصيد أو عدم كفاية الرصيد، فإنه يمكن اللجوء مباشرة إلى محكمة التنفيذ وقيد ملف تنفيذ الشيكات.
قانون
نصّ قانون المعاملات التجارية في المادة 675 أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنتين، وبالغرامة التي لا تقل عن 10% من قيمة الشيك وبحد أدنى مبلغ 5000 درهم، ولا تزيد على ضعف قيمة الشيك، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أقفل الحساب أو سحب كل الرصيد الموجود فيه أو علم بقفله قبل إصدار الشيك أو قبل تقديمه للمسحوب عليه للسحب، أو تسبب عمداً في تجميده، أو تعمد تحرير الشيك أو توقيعه بصورة تمنع من صرفه».
تجريم واحتيال
حصر قانون المعاملات التجارية حالات التجريم والاحتيال المتعلقة بالشيك في حالات الغش عند إصدار الشيك، كإصدار أمر أو الطلب من البنك قبل تاريخ الاستحقاق، بعدم صرف الشيك بدون وجه حق، ومن ذلك حالة ضياع الشيك أو إفلاس حامله، إضافة إلى حالات التجريم في جرائم تزوير الشيكات واستعمالها وإقفال الحساب أو سحب كامل الرصيد الموجود فيه قبل إصدار الشيك أو قبل تقديمه للبنك للصرف أو كان الحساب مجمداً إلى جانب تعمد تحرير الشيك أو توقيعه بصورة تمنع من صرفه.
المصدر:
الإمارات اليوم