رسخت دولة الإمارات مكانتها التاريخية والحضارية بمعالم بارزة شكلت رموزاً وطنية وثقافية وعصرية، وجسدت مسيرة التنمية الشاملة التي شهدتها الدولة. وتمثل هذه المعالم شواهد حيّة على نهج الإمارات في الجمع بين الأصالة والحداثة، والهوية والانفتاح.
ويستعرض 24 كل أسبوع واحداً من معالم الدولة التاريخية والثقافية والحضارية، مسلطاً الضوء على ملامحه ودوره في مسيرة التنمية، مثل متحف اللوفر أبوظبي الذي يعد من أبرز المعالم التي تُجسد رؤية الإمارات في جعل الثقافة والفن جسراً للتواصل الإنساني، ومركزاً عالمياً يجمع بين روائع الإبداع من مختلف الحضارات تحت سقف واحد.
ويوجد متحف اللوفر أبوظبي في جزيرة السعديات، وافتُتح رسمياً في 11 نوفمبر(تشرين الثاني) 2017، في إطار شراكة ثقافية غير مسبوقة بين دولة الإمارات وفرنسا، ليكون أول متحف عالمي في العالم العربي، يعرض أعمالًا فنية وآثاراً من مختلف الحضارات والفترات الزمنية في سردٍ إنساني موحد لتاريخ الإبداع البشري.
ويُعد المتحف نتاج اتفاقية تمتد 30 عاماً بين البلدين، تتضمن تبادل المعروضات والخبرات والمعرفة، وتعاوناً مؤسسياً بين متحف اللوفر في باريس، ونظيره في أبوظبي.
صُمم المتحف على يد المعماري الفرنسي الشهير جان نوفل، الذي استلهم تصميمه من تقاليد العمارة العربية التقليدية، ليبتكر قبة معدنية ضخمة تُعد قلب المتحف وأيقونته المعمارية، ويبلغ قطرها 180 متراً وتزن نحو 7500 طنًّا، أي ما يعادل وزن برج إيفل تقريباً.
وتتألف القبة من 8 طبقات هندسية تحتوي على 7850 نجمة معدنية متداخلة بزوايا مختلفة، تسمح بتسلل أشعة الشمس بطريقة تُعرف بـ "مطر الضوء"، وهي السمة البصرية الأجمل للمتحف وأحد أبرز عناصره المعمارية.
ووفق الموقع الرسمي للمتحف، يهدف التصميم إلى خلق "مدينة مصغّرة" تشبه الأحياء العربية القديمة، تمتد على شبكة من الممرات المظللة المفتوحة على البحر، وتمنح الزائر تجربة حسية تجمع بين الضوء والماء والهواء.
كما يحقق المبنى أعلى معايير الاستدامة البيئية، إذ حصل على تقييم "Silver LEED" للتميز البيئي، وتقييم “Three Pearl Estidama” ضمن نظام أبوظبي للمباني المستدامة، بفضل اعتماده على تقنيات التبريد السلبي، وأنظمة طاقة عالية الكفاءة، ما يخلق "مناخًا مصغراً" يوازن بين الجمال والوظيفة والاستدامة. ويمتزج المتحف بالماء في مشهد بصري فريد، فيبدو كأنه يطفو على سطح البحر، في انسجام بين الطبيعة والفن والضوء، ليجسّد فلسفة الإمارات في جعل الجمال والتنوّع جزءًا من هوية المكان.
ويضم المتحف أكثر من 600 عمل فني دائم إلى جانب مقتنيات معارة من متاحف عالمية مثل اللوفر باريس، ومتحف أورسيه، وقصر فرساي. وتتوزع المعروضات على 12 قاعة تسرد تطور الإبداع الإنساني منذ العصور القديمة، حتى الفن المعاصر، في حوار ثقافي يربط بين مختلف الحضارات، والأديان، والثقافات.
كما يحتضن المتحف معارض مؤقتة وورش تعليم، ومبادرات فنية تستهدف الأطفال والطلاب والمهتمين بالفنون، ما يعزز دوره مؤسسة ثقافية حية تتجاوز العرض إلى التعليم والتبادل المعرفي والإبداع.
ويعتبر متحف اللوفر أبوظبي ركيزة أساسية في الاستراتيجية الثقافية الوطنية، إذ يساهم في تعزيز مكانة الدولة مركزاً عالمياً للحوار بين الحضارات. ويجسد المتحف رسالة الإمارات في دعم قيم التسامح والانفتاح الثقافي من خلال جمع أعمال تمثل ديانات وثقافات متعددة في مساحة واحدة تُعبّر عن وحدة التجربة الإنسانية المشتركة، ما يجعله أكثر من مجرد متحف، بل رمزاً لعصر جديد من النهضة الثقافية الإماراتية، ورسالة تؤكد أن الحوار والتنوير والمعرفة هي الأساس الحقيقي للتنمية المستدامة.
المصدر:
٢٤