ترسّخ دولة الإمارات مكانتها كإحدى أكثر الدول التزاماً بالشفافية ومكافحة الجرائم المالية، مع دخول المرسوم بقانون اتحادي رقم (10) لسنة 2025 حيّز التنفيذ، بما يعزّز ثقة المستثمرين ويحصّن النظام المالي من غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح. ويُعد القانون نقلة نوعية، إذ يجرّم غسل الأموال كجريمة مستقلة، ويوسّع نطاق المكافحة ليشمل الأصول الرقمية وتمويل أسلحة الدمار الشامل، تأكيداً لاستباقية الدولة والتزامها بالمعايير الدولية.
يؤكد الدكتور حسام علي، أستاذ القانون التجاري في جامعة أبوظبي، أن القانون الجديد جاء أكثر شمولية من المراسيم السابقة الصادرة في أعوام 2018 و2020 و2021، إذ نص للمرة الأولى على استقلال جريمة غسل الأموال عن الجريمة الأصلية بغضّ النظر عن الحكم فيها. كما توسّع ليشمل الجرائم المتعلقة بتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل، مضيفاً تعريفات واضحة لهذه الأسلحة والجرائم المرتبطة بها، فضلاً عن إدراج الأصول الرقمية والافتراضية ضمن إطار التجريم وإمكانية ارتكاب الجرائم عبر الأنظمة الرقمية وتقنيات التشفير.
ويضيف الدكتور حسام أن القانون ينسجم مع معايير مجموعة العمل المالي (FATF)، عبر تضمين التوصيات المتعلقة بتجريم غسل الأموال وتمويل الإرهاب باستخدام الأصول الرقمية، ومكافحة تمويل انتشار التسلح، بما يعزز نزاهة النظام المالي. كما شدد القانون العقوبات، بحيث يكفي الافتراض المنطقي لمعرفة مصدر الأموال غير المشروع، مع التوسع في تجريم التمويل المباشر وغير المباشر، وفرض ترخيص مسبق على مزودي خدمات الأصول الافتراضية، وفرض غرامات تصل إلى 10 ملايين درهم أو الحبس وفق المادة 32. ويمتد نطاق التطبيق ليشمل الشركات الصغيرة والمتوسطة والأعمال والمهن غير المالية المحددة مثل العقار، المحاماة، المحاسبة والائتمان.
ويشير حسام إلى أن القانون منح وحدة المعلومات المالية في المصرف المركزي صلاحيات أوسع، باعتبارها الجهة المعنية بالتحقيق في الجرائم المالية والمعاملات المشبوهة. وتشمل هذه الصلاحيات طلب أي بيانات أو مستندات إضافية من المؤسسات المالية والمهن غير المالية المحددة ومقدمي خدمات الأصول الافتراضية، إلى جانب تبادل المعلومات داخلياً ودولياً، وتعليق أو إيقاف العمليات المرتبطة بالجرائم المشتبه بها، وإبرام مذكرات تفاهم مع الوحدات النظيرة والجهات المختصة لتنظيم التعاون وتبادل المعلومات.
من الناحية الاقتصادية، يوضح الدكتور هيثم نوباني، أستاذ المالية في جامعة أبوظبي، أن القانون يعزز الثقة في القطاعين المالي والعقاري، ويحد من المضاربات العشوائية ويرفع معايير الإفصاح، ما يوفر بيئة استثمارية آمنة ومحكمة الضوابط. ويرى أن التشدد في تطبيق القانون يمثل عاملاً جاذباً للاستثمارات الأجنبية، لأنه يعكس التزام الدولة بالحوكمة، ويرفع تصنيفها الائتماني ويعزز ثقة المؤسسات المالية العالمية.
كما يشير نوباني إلى أن القانون يهيئ بيئة أعمال عادلة تدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، من خلال تعزيز مصداقيتها أمام المصارف وشركاء الاستثمار، ودفعها لتبني ممارسات رقابية متقدمة ترفع كفاءتها التشغيلية وقدرتها التنافسية.
ويؤكد أن التطبيق الفعال للتشريع يشكل ركيزة لترسيخ سمعة الإمارات كمركز مالي عالمي موثوق ومتوافق مع FATF، فيما تمثل النزاهة المالية أساس الاستقرار الاقتصادي وجودة الحياة، من خلال توجيه رؤوس الأموال نحو القطاعات الإنتاجية والخدمية الداعمة للتنمية المستدامة.
المصدر:
٢٤