آخر الأخبار

علاج ضحايا العنف باللعب للإجابة عن «الأسئلة الصامتة»

شارك

أكدت مدير عام مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال بالإنابة، شيخة سعيد المنصوري، أن «العلاج باللعب» وسيلة قادرة على ترجمة المشاعر الدفينة والإجابة عن الأسئلة الصامتة.. «فمن خلاله يستطيع ضحايا العنف والاستغلال رواية تجارب مؤلمة بطريقة تعبيرية تراعي حالتهم النفسية».

وذكرت المنصوري لـ«الإمارات اليوم» أن الاستثمار في تطوير أدوات علاجية مبتكرة مثل «العلاج باللعب» هو استثمار مباشر في مستقبل المجتمع وتماسكه، لافتة إلى إدخال هذا النهج ضمن البرامج العلاجية في المؤسسة منذ عام 2010.

وقالت: «مع تزايد الوعي بأهمية الصحة النفسية للأطفال، والتطور المتسارع في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، نتوقع أن يشهد هذا المجال توسعاً أكبر في السنوات المقبلة، وأن يتطور، ويدخل في مجالات أوسع تشمل أساليب تفاعلية رقمية وأدوات مبتكرة تسهّل عملية العلاج وتوسع من نطاق تأثيره، بما يخدم احتياجات الأطفال بشكل أشمل وأكثر فعالية. ونسعى لأن تكون المؤسسة مرجعاً رائداً فيه على مستوى المنطقة».

وأوضحت أن المؤسسة تتابع نتائج البرامج العلاجية بشكل منهجي، من خلال أدوات تقييم علمية واستبانات دورية، إضافة إلى المتابعة الفردية لحالات الأطفال الذين خضعوا للتأهيل بالعلاج باللعب.

وقالت: «لاحظنا تحسناً ملموساً في قدرة الأطفال الذين خضعوا للبرامج العلاجية على التعبير عن مشاعرهم، وتجاوز الصدمات التي تعرضوا لها، وتعزيز مهاراتهم الاجتماعية، كما أن لدينا قصص نجاح عديدة لأطفال تمكنوا من استعادة الثقة بأنفسهم، والاندماج مجدداً في حياتهم الأسرية والمدرسية».

وتتلقى المؤسسة حالات ضحايا عنف من جهات مختلفة مثل الشرطة، أو النيابة العامة، أوالجهات الاجتماعية، كما يتم أحياناً اكتشاف حالات داخل المدارس، وتحويلها رسمياً عن طريق الشرطة أو الجهات المختصة.

وبدورها، قالت مديرة إدارة الرعاية والتأهيل في المؤسسة، الدكتورة غنيمة البحري، إن العلاج باللعب طبق في بداياته على ثلاثة أطفال في المرحلة العمرية 8 إلى 10 سنوات في نظام الإيواء داخل المؤسسة، وهم من خلفيات وثقافات مختلفة، وكل منهم تعرض لنوع عنف مختلف، من إساءات جسدية، واعتداء جنسي، وتعرض للإهمال.

وأضافت أن المشكلات التي تمت ملاحظتها لدى هؤلاء الأطفال تنوعت من صعوبات في التركيز مع تدهور المستوى الدراسي، وصعوبة في تكوين علاقات صحية مع أقرانهم، إضافة إلى صعوبة التزام قواعد السلوك داخل المؤسسة، وعدم تمييز اللمسات الجيدة من السيئة.

وتابعت: «في بداية علاج الحالات، تم تطبيق العلاج السلوكي الذي يعتمد على الثواب والعقاب وتقنيات تعديل السلوك، ولم نلاحظ استجابة منهم، فلجأنا إلى العلاج باللعب».

وحول مدة العلاج، أوضحت أن بعضهم استغرق ستة أشهر، وبعضهم عاماً كاملاً، أو عامين، وبعضهم أكثر من ذلك. وقالت إنه تم إعطاء مقدمي الرعاية تعليمات والدية مستمرة خلال فترة العلاج، بهدف إرشادهم لكيفية التعامل مع الحالات، إضافة إلى تقديم الدعم الاجتماعي والقانوني الذي يحتاجونه.

وأوضحت أن «جلسات العلاج باللعب كانت تقدّم أسبوعياً، وتمت ملاحظة النتائج الإيجابية بعد الجلسة السادسة أو السابعة، إلا أن النتائج الفعلية اختلفت من حالة لأخرى، فهناك حالات شهدت تحسناً واضحاً بعد 12 جلسة، وغيرها احتاجت إلى عدد أكبر من الجلسات»، موضحة أن «ذلك يعتمد على نوع العنف والتجربة القاسية التي عاشتها الضحية».

وأضافت: «في بعض الحالات، لا يُظهر الطفل استجابة للعلاج السلوكي التقليدي، ما يدفع الفريق إلى اعتماد نهج العلاج باللعب. وقد لوحظ أن هذا النهج يُسهم في تقليل التوتر لدى الطفل، كونه يشارك في أنشطة يحبها ويتعلم من خلالها، إذ تصمم الألعاب لتتناسب مع ميول الطفل وقدراته، وقد أثبت هذا النهج فعاليته في عدد من الحالات».

وذكرت أنه عند تطبيق هذا النوع من العلاج لأول مرة، تم إدخال كل حالة على حدة للغرفة العلاجية مع إعطائها فرصة للاستكشاف. وتمت خلال هذه المرحلة ملاحظة طبيعة رسوماتهم، وطريقة لعبهم بالدمى، ولعبهم بلعبة الأدوار، وطريقة اللعب التعبيري، والرسائل التي يكتبونها خلال الجلسة.

وتابعت: «لاحظنا تحسناً واضحاً بعد متابعة الحالات، حيث أصبحوا أكثر هدوءاً نسبياً مع تقلبات مزاجية أقل مما سبق، إضافة لتحسن تركيزهم أكاديمياً ما أدى لارتفاع المستوى الدراسي ونجاحهم في المراحل الدراسية».

وأكدت أن الحالات استطاعت العودة للحياة، وبعضهم تخرج في المرحلة الثانوية، وآخرون حصلوا على وظائف، أو تمكنوا من تكوين أسر، معربة عن فخرها بما حققوه، بعدما عانوا انتكاسات شديدة، ومشكلات في العلاقات والتواصل الاجتماعي، وفي السلوك العدواني، والدراسة، قبل أن يصلوا إلى مرحلة الاستقرار، ويصبحوا قادرين على تحقيق طموحاتهم واكتشاف ذواتهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم.

كما روت إحدى التجارب الناجحة لطفلة كانت في حدود ثماني سنوات، وتعاني تأخراً دراسياً، إضافة إلى ورود شكاوى من المدرسة بشكل يومي، نتيجة قيامها بسلوكيات عنيفة تجاه أقرانها، من تنمر وعنف، إلى جانب عدم التزامها تعليمات المدرسة. كما أنها كانت تكسر القواعد والقوانين في السكن الداخلي الخاص بالمؤسسة.

وتابعت: «بعد تطبيق النمط الحر من العلاج باللعب، لاحظنا تحسناً واضحاً في كل الجوانب، من الناحية الأكاديمية وتحسناً في العلاقات داخل نظام الإيواء والتجاوب مع قواعد السلوك».

وأشارت إلى أن المؤسسة تركّز بشكل أساسي على الاضطرابات المرتبطة بالعنف، مثل اضطراب كرب ما بعد الصدمة (PTSD)، والقلق، والاكتئاب، إضافة إلى اضطراب المَسْلَك، الذي يتمثل في قيام الطفل بسلوكيات خارجة عن النطاق السوي الطبيعي وغير مناسبة للموقف أو الزمان أو المكان، موضحة أنه بناءً على هذه الاضطرابات، يتم إدخال الحالات في جلسات علاجية مع مراقبة دقيقة للأعراض، حيث يُعد انخفاضها مؤشراً إيجابياً على فعالية العلاج، مشيرة إلى أن مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال تضم نخبة من المختصين في المجال النفسي، من مرشدين ومعالجين نفسيين، وأخصائيي اختبارات ومقاييس.

ويعمل فريق متكامل على تقديم الدعم النفسي الفردي، وأحياناً العائلي، ما يمنح الطفل شبكة دعم شاملة من مختلف الجوانب.

الدكتورة غنيمة البحري:

• فريق متكامل يعمل على تقديم الدعم النفسي الفردي، وأحياناً العائلي، للطفل، ما يمنحه شبكة دعم شاملة.

• قصص نجاح واقعية لحالات واجهت الألم واستطاعت تكوين أسر مستقرة.

شارك

الأكثر تداولا اسرائيل دونالد ترامب مصر

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا