آخر الأخبار

عروض وهمية تتصيد راغبي الهجرة بجوازات سفر وإقامات أوروبية

شارك

كشف متعاملون لدى شركات متخصصة في خدمات الهجرة عن تعرضهم للخداع بعروض وهمية تضمنت الحصول على جوازات سفر أوروبية بطريقة مضمونة مقابل أسعار مغرية، وتبين لهم بعد سداد الرسوم المطلوبة أنها مجرد وسيلة للاستيلاء على أموالهم بطرق ملتوية، دفعتهم إلى اللجوء للقضاء بغية استردادها.

وسجلت محاكم الدولة منازعات قضائية عدة أقامها متعاملون ضد عدد من الشركات بسبب خداعهم بعروض وهمية، والاستيلاء على أموالهم، مستغلين ثغرات في العقود، أو لحبس الأموال في أرصدة تلك الشركات فترات طويلة تمتد إلى عامين.

وتفصيلاً، قال (م.أ - من جنسية دولة عربية)، إنه مثل كثيرين يفكر في الحصول على جنسية أو جواز لدولة تتيح له السفر دون قيود إلى أوروبا والولايات المتحدة، نظراً لأنه يعاني كثيراً حتى يستصدر تأشيرة، إذ يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى يحصل على موعد.

وأضاف أنه شاهد إعلاناً على إحدى منصات التواصل الاجتماعي عن فرصة للحصول على جواز دولة أوروبية، فأبدى اهتمامه وتلقى اتصالاً هاتفياً من موظف بالشركة صاحبة الإعلان، وأصر الأخير على ضرورة لقائه بمقر الشركة، بعد أن أغراه بأنها فرصة لن تتكرر، إذ سوف يحصل على الجواز مقابل 40 ألف يورو فقط.

وأقر بأن ثمة حماسة سيطرت عليه في البداية، لكنه شعر بشيء من القلق لأن العرض كان جيداً لدرجة يصعب معها أن يكون حقيقياً، وسأل الموظف ما إذا كان بإمكانه أن يلتقي به في مكان آخر، لكن الأخير أخبره بأن سياسات الشركة تفرض عليه إجراء المقابلة داخل مقرها.

وتابع أنه ذهب إلى هناك بالفعل، وانبهر بفخامة المقر، والعدد الكبير للموظفين، فجلس بعقل منفتح مع الموظف واستمع إلى العرض الذي كان عبارة عن جواز سفر تمنحه إحدى الدول لما سماهم «فئة المهاجرين الاستثنائيين»، وأكد له أن بإمكانه الحصول على جوازات لاحقة لأفراد أسرته.

وأوضح أنه واجه الموظف بنتائج بحثه عن هذا النوع من التأشيرات، وأن تلك الدولة لا توفر من الأساس أي فرص للحصول على جنسية أو جواز، كما أن مجرد الحصول على إقامة دائمة بها يكلف أضعاف المبلغ المطلوب، وفوجئ برد غير متوقع، وهو أن العملية برمتها تعتمد على قوة علاقات الشركات مع أشخاص في تلك الدولة لهم حصص في منح الجنسية لفئات معينة من المهاجرين.

وتابع أنه خرج من الاجتماع وأجرى بحثاً عن اسم الشركة وصاحبها، وتبين أن هناك عشرات من الشكاوى من عملاء آخرين أفادوا بأنهم تعرضوا لنوع من الاحتيال وخسروا أموالاً كثيرة دفعوها مقابل معاملات مماثلة، بدأت بعروض مغرية، وانتهت بتجاهل وإنكار وتهرب من سداد الأموال.

وذكرت (ع.م - من جنسية دولة عربية) أنها أبرمت اتفاقية مع إحدى الشركات تحصل بمقتضاها على تأشيرة عمل في دولة أجنبية، مقابل 50 ألف درهم فقط سددت منها 26 ألفاً و700 درهم.

وأضافت أن الشركة طلبت منها تجاوز امتحان تقييم اللغة الإنجليزية آيلتس شرطاً للتقديم، فاجتازته بمعدل مقبول، وقدمت الشهادة المطلوبة ضمن المستندات اللازمة، إلا أن الشركة أخلت بالتزاماتها ولم توفر عرض عمل حقيقياً لها خلال الفترة المتفق عليها وأرسلت لها عقد عمل وهمياً بوظيفة (أمين مخازن)، كما طلبت منها سداد رسوم تجديد عقد العمل لمرور عام، إلا أنها رفضت وطلبت رد المبلغ الذي سددته فامتنعت الشركة عن ذلك.

وأشارت إلى أنها لجأت إلى القضاء المدني للحصول على حقها من تلك الشركة، بعد أن حاولت الأخيرة تحميلها مسؤولية عدم حصولها على فرص العمل المطلوبة، ما اضطر مسؤولي هذه الشركة إلى إجراء تسوية معها حتى لا تصعد الأمر.

وبدوره لجأ (م.ب.أ) إلى القضاء المدني، مطالباً شركة متخصصة في خدمات الهجرة برد مبلغ 27 ألف درهم إليه، بعد أن تنصلت من وعودها له بمساعدته في السفر من خلال أحد البرنامج، مشيراً إلى أن الموظف الذي قابله منها أكد له أن الفرصة مضمونه، لكنه لم يجد سوى سراب في النهاية، واكتشف أن تلك الشركة لم تجدد ترخيصها حتى تستطيع تنفيذ الاتفاقية المبرمة بينهما.

وأوضح أن الشركة، كالعادة، وفق حديثه مع عملاء آخرين تعرضوا للمشكلة ذاتها معها، تعذرت بأن طلبه للهجرة قوبل بالرفض من الجهة المختصة، نظراً لعدم حصوله على الدرجة اللغوية المطلوبة، أو توافر خبرات علمية وعملية تؤهله لذلك، مؤكداً أنها كانت على دراية كاملة بخبراته وشهاداته قبل أن تقدم له الطلب، وفرشت له الطريق بالورد قبل أن تحصل منه على الرسوم المطلوبة، ثم تنكرت له لاحقاً.

وبعد نظر الدعوى من قبل المحكمة المدنية في دبي وانتداب خبير لفحص الأوراق، قضت للعميل وألزمت الشركة برد الأموال التي أخذتها منه، كونه تعرض لنوع من التغرير.

وفي دعوى قضائية أخرى قصد شخص من جنسية دولة عربية شركة متخصصة في إجراءات الهجرة، بهدف استخراج تأشيرة عمل بدولة أجنبية، وتم الاتفاق بين الطرفين على سداد مبلغ مالي معين، مقابل إنهاء المعاملة خلال ستة أشهر، لكنها لم تلتزم بواجبها وحاولت تحميله المسؤولية لعدم تقديم تقرير الكفاءة اللغوية «شهادة الآيلتس»، الأمر الذي دفعه إلى مقاضاتها أمام محاكم دبي.

وقال الرجل في دعواه إنه دفع 18 ألف درهم مقدماً للمعاملة، لكن الشركة أخلت بالتزاماتها بعد مرور المدة المتفق عليها، فطلب منها رد المبلغ الذي سدده، لكنها أبلغته عبر البريد الإلكتروني أنه غير مؤهل لاسترجاع الأموال بسبب عدم تقديم الشهادة، رغم عدم ذكرها في شروط عقد الخدمة.

وبعد نظر الدعوى أوضحت المحكمة في حيثيات حكمها أن الثابت لديها التزام المدعي بواجبه التعاقدي، في حين أخلت المدعى عليها بذلك، بعد أن اكتشف أن طلبه مرفوض بسبب عدم تقديم شهادة آيلتس، رغم عدم ذكر ذلك في شروط عقد الخدمة، ما يعكس تقصيراً منها في ظل تخصصها بخدمات الهجرة، وقضت المحكمة بإلزامها سداد المبلغ للمدعي.

أما (د.ب.خ) فخاض تجربة سيئة أخرى مع إحدى الشركات، تمثلت في تلقيه وعداً بمساعدته في الحصول على تأشيرة إقامة له إلى دولة أوروبية، مقابل 18 ألف درهم فقط، فسدد المبلغ المطلوب، وسلم جواز سفره في الموعد المحدد لإلصاق التأشيرة به.

وأفاد في مذكرة قانونية بدعوى أقامها أمام المحكمة المدنية بأنه تواصل مع سفارة هذه الدولة للتدقيق على التأشيرة لعدم اطمئنانه لها، وصُدم برد من السفارة بأن التأشيرة مزورة، ما دفعه إلى مراجعة الشركة والمطالبة باسترداد أمواله، فأقام ضدها دعوى قضائية. وأنصفته المحكمة بإلزام الشركة رد أمواله.

ولا تختلف الحالات السابقة عن واقعة تعرض لها شخص عربي كان يبحث عن جواز سفر يوفر له امتياز دخول دول عدة في أوروبا والعالم، دون الحاجة إلى الحصول على تأشيرة دخول لتلك الدول، فأرشده أحد أصدقائه إلى شخص عربي زعم أنه وكيل بمنطقة الشرق الأوسط عن إحدى الدول، وأن لديه شركة متخصصة في استخراج وثائق تلك الدولة، والتقى به في مكتب أعده خصوصاً لهذا الغرض.

وعرض ذلك الشخص عليه شهادة محررة باللغة الإنجليزية منسوبة زوراً لتلك الدولة تفيد بأنه ممثلها في المنطقة، كما عرض عليه صور جوازات سفر زعم أنه استخرجها لأشخاص آخرين مقيمين بالدولة، ما دفع المجني عليه إلى تصديقه.

وزيادة في بث الثقة بنفسه، وقع المدير المحتال مع المجني عليه عقداً ينص على استخراج جواز سفر له مقابل 348 ألفاً و650 درهماً، وسلمه لاحقاً بالفعل جواز سفر باسمه منسوباً لتلك الجزيرة، إضافة إلى بطاقة هوية، وشهادة استثمار بنكية، وشهادة جنسية، ورخصة قيادة، إلا أنه اكتشف عندما تقدم للهيئة الوطنية للهجرة والجنسية لنقل إقامته من جواز سفره المنتهي إلى تلك الدولة، أن كل هذه الوثائق مزورة ومن بينها جواز السفر، فأبلغ عن الواقعة، وتم القبض على ذاك الشخص مع متهم آخر وأُحيلا إلى النيابة العامة ومنها إلى محكمة الجنح التي عاقبتهما بالحبس ستة أشهر والغرامة، كما لجأ الضحية إلى المحكمة المدنية التي حكمت له وألزمتهما برد المبلغ المستولى عليه.

بدوره، قال المحكم والمستشار القانوني، محمد نجيب، إن الإشكالية في مثل هذه المنازعات تتمثل في قيام كثير من وكلاء الهجرة وخدمات الإقامة بإعطاء انطباع لعملائهم بأن خدماتهم مضمونة، وسوف يحصلون، قطعاً، على الجنسية أو الإقامة في الدول المستهدفة، ما يقلل من تركيز العميل على التدقيق في بنود التعاقد، لأنه حصل على وعود شفهية أعمته عن ذلك.

وأضاف أن اللغة التي يستخدمها هؤلاء الوكلاء تختلف قبل إتمام المعاملة وتحصيل النقود من العملاء عن طريقة معاملتهم بعد ذلك، ويستخدمون أساليب ملتوية لاستدراج الحالمين بالهجرة أو الإقامة في أوروبا أو كندا وغيرهما من الدول الأكثر جاذبية.

وأشار إلى أن الشركات تخلق دائماً ذرائع لرفض طلب العميل من قبل الدولة المستهدفة، إما بعدم اجتيازه اختبار اللغة، أو لعدم كفاءته المهنية، وكلها شروط أساسية تمثل عوائق يجب اجتيازها، عكس ما يصوره الوكيل لراغب السفر قبل تنفيذ المعاملة.

وأوضح أن هذا النزاع يفتح الباب حول طبيعة العلاقة بين العميل وشركة الهجرة، هل هي التزام بتحقيق نتيجة «ضمان السفر» أم مجرد التزام ببذل عناية «تقديم الاستشارات وتنفيذ الإجراءات المطلوبة» دون ضمان النتيجة.

وتابع أن المحاكم في أغلب الأحوال تميل إلى اعتبارها التزاماً ببذل عناية، لأن شروط الهجرة تخضع لقوانين دول أخرى وجهات لا تملك الشركة السيطرة عليها، مثل السفارات أو اختبارات اللغة.

وقال نجيب إن العملاء يخلطون أحياناً بين ما هو مدني وما هو جزائي في تلك المعاملات، فيتهمون الشركات بالاحتيال، لكن الواقع أن المحاكم المدنية هي المعنية بالنظر في العقود، والمسؤوليات المالية، إلا إذ اقترن الفعل بسلوك مجرم مثل تزوير تأشيرة أو طلب أو تقرير أو جواز، فتحرك النيابة في هذه الحالة دعوى جزائية.

وأكد أن هناك شركات عدة تلتزم الشفافية مع عملائها، وتحرص على شرح الموقف بوضوح، وهي محل ثقة كبيرة من زبائنها، لكن لا شك أن هذه الممارسات تستلزم رقابة صارمة؛ لأن كثيراً من الأشخاص يضحون بمدخراتهم مقابل حلم يصوره بعض الوكلاء بأنه سهل المنال على عكس الواقع، لذا يجب أن يدرك الجميع أن الشركات كافة، مهما بلغ حجمها، لا تملك ضمانة على نجاح المعاملة، ومنح الجنسية أو الإقامة، بل تقتصر مهمتها على تسهيل الإجراءات.

ونصح جميع الراغبين في السفر بالتدقيق في العقود جيداً، والتحقق من التزامات الشركة، خصوصاً فيما يتعلق برد الأموال المدفوعة أو نسبة منها، إذا لم تكلل المعاملة بالنجاح، خصوصاً لو كان الخطأ أو التقصير من جانب الوكيل.

• المحاكم أنصفت ضحايا أهدروا مدخراتهم على أمنية لم تتحقق.

• «عربي» يحصل على عرض لجواز أوروبي مقابل 40 ألف يورو فقط.. ويُفاجأ بعشرات الشكاوى لعملاء آخرين تعرضوا للاحتيال من الشركة نفسها.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا