احتفل مجلس تنافسية الكوادر الإماراتية، بالذكرى الرابعة لإطلاق برنامج "نافس"، البرنامج الوطني الرائد الذي انطلق في سبتمبر 2021، ضمن "مشاريع الخمسين"، ليكون ركيزة أساسية في تعزيز تنافسية الكوادر الإماراتية، وتمكينها من المشاركة الفاعلة في القطاع الخاص، وإعدادها لمواكبة متطلبات المرحلة المستقبلية، ما يسهم في ارتقاء المنظومة الاقتصادية الوطنية.
ويبرز نافس كقصة نجاح وطنية متكاملة، ليس بالأرقام فحسب، وإنما بما أحدثه من أثر ملموس في تغيير المفاهيم، وبناء شراكة حقيقية بين القطاعين الحكومي والخاص، وتعزيز حضور الكفاءات الوطنية في سوق العمل، ومساهمتها في دفع عجلة التنمية الاقتصادية الوطنية.
الاستثمار بالإنسان.. استثمار بالمستقبل
وفي هذا الإطار، أكّد غنام بطي المزروعي، الأمين العام لمجلس تنافسية الكوادر الإماراتية، أن برنامج نافس، شكّل منذ انطلاقه نموذجاً فريداً في تحقيق الرؤية الوطنية الرامية إلى الاستثمار برأس المال البشري، وقال: "انطلاقاً من رؤية القيادة الرشيدة في دولة الإمارات، التي جعلت الإنسان محور النهضة الوطنية، حققنا خلال أربعة أعوام، نتائج ملموسة عبر برنامج نافس. فقد ركّزنا على تطوير قدرات المواطنين لبناء مستقبل الوطن، مؤمنين بأن تمكينهم هو السبيل الأكثر فاعلية لاستدامة التنمية. فبرنامج نافس ليس مجرد مبادرة للتوظيف، بل منظومة وطنية متكاملة، تهدف إلى إنشاء بيئة عمل مستدامة في القطاع الخاص، ترتكز على التنافسية والمعرفة والابتكار، وبناء شراكة حقيقية وتعاون وثيق مع شركائنا في القطاعين الحكومي والخاص، وقد أسفرت هذه الجهود عن زيادة غير مسبوقة في أعداد المواطنين، في مختلف القطاعات الحيوية، وترسيخ دورهم كمحرك رئيسٍ للاقتصاد الوطني".
وأضاف: "ما حققناه خلال أربعة أعوام ليس سوى البداية، ونحن ملتزمون بمواصلة المسيرة، مستلهمين رؤية قيادتنا الرشيدة، نحو مستقبل تُسهم فيه الكفاءات الوطنية بفاعلية، في بناء اقتصاد مستدام ومزدهر".
نافس في 4 أعوام
حقق نافس خلال الأعوام الأربعة الماضية، أهدافه في تعزيز حضور الكفاءات الوطنية في سوق العمل، ضمن مختلف مجالات القطاع الخاص، ورفع نسب التوطين في هذه القطاعات الحيوية. فقد بلغ عدد المواطنين العاملين في القطاع الخاص أكثر من 152 ألف مواطن، إذ وصل عدد المواطنين الذين انضموا إلى القطاع منذ إطلاق برنامج نافس إلى أكثر من 134 ألف مواطن، يعملون ضمن 29 ألف منشأة.
وما يزال برنامج نافس يواصل تقديم حزمة متكاملة من برامج الدعم المالي والتدريبي والتطويري، بهدف توفير فرص عمل مستدامة، وبناء قوى عاملة مؤهلة، وتعزيز جاذبية القطاع الخاص للكفاءات الإماراتية. فعلى صعيد الدعم المالي، يوفّر البرنامج مبادرات متعددة تشمل "برنامج دعم رواتب المواطنين" الذي يقدّم دعماً مالياً إضافياً على رواتب المواطنين العاملين في القطاع الخاص، تحدد قيمته حسب المؤهل العلمي وقيمة الراتب، بالإضافة إلى "برنامج علاوة الأبناء"، و"برنامج الدعم المؤقت" و"برنامج اشتراك" الخاص بالتقاعد، إذ يسهم نافس في تغطية اشتراكات صناديق التقاعد وفق نسب محددة، ما يخفف العبء المالي عن المواطن وصاحب العمل.
أما على صعيد البرامج التدريبية والتطويرية، فقد أطلق نافس سلسلة مبادرات رائدة، بالشراكة مع جهات حكومية وخاصة، ومؤسسات أكاديمية. ويأتي في مقدمتها برنامج "كفاءات" الذي استفاد منه أكثر من 3 آلاف مواطناً، وبرنامج "تطوير كوادر القطاع الصحي" الذي نُفّذ بالتعاون مع 11 مؤسسة أكاديمية، واستفاد منه أكثر من 3 آلاف مواطن، تخرّج منهم (350) في مختلف التخصصات الطبية ومجالات الرعاية الصحية. كما حقق برنامج "الإرشاد المهني" أثراً واسعاً، إذ قدّم أكثر من 55 ألف جلسة إرشاد وتوجيه فردية، إضافة إلى 175 ورشة عمل، استفاد منها أكثر من 600 شركة.
بالإضافة إلى ذلك، يقدّم نافس "برنامج خبرة" بالتعاون مع شركات القطاع الخاص، لتوفير التلمذة المهنية للخرّيجين الجدد في مختلف التخصصات المهنية، و"برنامج التدريب أثناء العمل" الذي يقوم على صقل مهارات العاملين في القطاع الخاص وتعزيز مهاراتهم.
ومن بين البرامج البارزة النوعية أيضاً "برنامج قيادات نافس" الذي أطلقه مجلس تنافسية الكوادر الإماراتية، بالتعاون مع برنامج قيادات حكومة الإمارات، ويهدف إلى تطوير القيادات الوطنية وإعداد جيل جديد من القادة القادرين على قيادة القطاع الخاص، والمساهمة في تعزيز مستقبل الاقتصاد الوطني، ودعم مسيرة التنمية المستدامة في الدولة. و"برنامج نافس الدولي" الذي يهدف إلى تدريب المواطنين خارج الدولة، في شركات عالمية ومنظمات دولية لمدة تتراوح بين 3 إلى 6 أشهر، لتعزيز خبراتهم العملية، وصقل مهاراتهم القيادية والفنية، وبناء شبكات مهنية دولية، ما يسهم في تعزيز مشاركتهم في مختلف القطاعات ودعم مكانة الدولة عالمياً.
أما "برنامج مصنّعين" الذي ينفّذ بالتعاون مع وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدّمة، ووزارة الموارد البشرية والتوطين، فيسعى إلى تمكين الكوادر الوطنية من شغل وظائف متخصصة في القطاع الصناعي والتكنولوجيا المتقدمة.
منصة نافس
تُعدّ "منصة نافس" بوابة وطنية شاملة، تهدف إلى ربط المواطنين الباحثين عن عمل بأصحاب الشركات في القطاع الخاص. وتتيح المنصة للمواطنين إيجاد الوظائف المناسبة لهم، والاطلاع على برامج التدريب والتأهيل التي يقدمها برنامج نافس، والاستفادة من مختلف الفرص المتاحة لتعزيز مهاراتهم وتطوير مسيرتهم المهنية. وفي الوقت نفسه، تُوفّر المنصة للشركات إمكانية عرض شواغرها الوظيفية، والتواصل مع المواطنين أصحاب الكفاءات والمهارات المطلوبة، ما يعزّز فرص التوظيف ويسهم في تحقيق أهداف التوطين. والجدير بالذكر أنه تم عرض أكثر من 80 ألف وظيفة على منصة نافس، حتى الآن.
وتتضمن المنصة شرحاً مفصلاً عن برامج نافس للدعم والتدريب والتأهيل، إلى جانب مجموعة واسعة من الأسئلة الشائعة، وشروط الأهلية، وتفاصيل التواصل مع فريق نافس.
تغيير المفاهيم
ولتحقيق الأهداف الوطنية في إطار نافس، تمّ إطلاق حملة تغيير المفاهيم التي تهدف إلى تعزيز الوعي الإيجابي بفرص العمل في القطاع الخاص، من خلال مجموعة من المبادرات المتكاملة، منها إنشاء "مجلس نافس للشباب"، الذي يضمّ مجموعة من الشباب المتميزين، الذين يعملون في مختلف التخصصات الوظيفية في القطاع الخاص، ويهدف إلى تعزيز التواصل والتفاعل مع الشباب، ويسهم في دعم التوجهات الاستراتيجية لبرنامج نافس، عبر مبادرات لتعزيز وعي الشباب بالفرص المتاحة في القطاع الخاص، وتمكينهم من اكتساب المهارات اللازمة لمتطلبات سوق العمل.
إلى جانب ذلك، تمّ نشر أكثر من 600 قصة نجاح ضمن حملة "نافس على طريقتك"، وتوقيع أكثر من 65 مذكرة تفاهم لتوظيف وتدريب المواطنين، كما شملت الحملة تنظيم زيارات تعريفية للمجالس المحلية، وعقد أكثر من 400 ورشة توعوية حول برنامج نافس، ما يسهم في تغيير المفاهيم المجتمعية، وتعزيز مشاركة المواطنين في القطاع الخاص.
كما تمّ إطلاق جائزة نافس التي تشكّل منصّة وطنية رائدة، لتكريم الأفراد المتميزين والمنشآت الناجحة في دعم التوطين وتعزيز حضور الكوادر الوطنية في القطاع الخاص، وترسيخ ثقافة التنافسية والإنجاز والابتكار.
وأُطلقت الجائزة عام 2022 لتسليط الضوء على المساهمات الاستثنائية للأفراد والمنشآت التي تتجاوز التوقعات في تطوير المواهب الإماراتية، وتكريم من يحقق أهداف التوطين ويعزز مشاركة الإماراتيين في مختلف القطاعات.
وشهدت الدورة الأولى (2022–2023) تكريم 24 جهة و9 أفراد، فيما كرمت الدورة الثانية (2023–2024) 21 جهة و30 فرداً، ما يعكس نجاح المبادرة في رفع الكفاءات وتشجيع الشباب على المشاركة الفاعلة في التنمية الاقتصادية المستدامة.
وتضم الجائزة فئات متعددة تشمل الإنجازات الفردية والمؤسسية، وتتيح تبادل أفضل الممارسات والاستفادة من قصص النجاح الملهمة.
وتستعد الدورة الثالثة قريباً لتكريم نخبة جديدة من الأفراد والمنشآت، ما يعزز دور الجائزة كمنصة وطنية للتحفيز والإلهام ويؤكد التزامها ببناء قوة عمل وطنية تنافسية ومستدامة.
نحو المستقبل
مع اختتام أربعة أعوام من الإنجازات، يواصل مجلس تنافسية الكوادر الإماراتية العمل على توسيع نطاق المبادرات، وتطوير برامج مبتكرة، وبناء شراكات استراتيجية جديدة، ما يضمن استدامة التوظيف النوعي في القطاع الخاص، ويعزز مكانة نافس، كبرنامج وطني رائد، لتمكين المواطنين، وتعزيز مساهمتهم في دفع مسيرة التنمية المستدامة للدولة.