أعلنت مدارس في إمارات الدولة اتخاذ إجراءات عملية لحل مشكلة ثقل الحقيبة المدرسية التي تتكرر سنوياً، وتقليل وزنها بنحو 50%.
ودعت ذوي الطلبة إلى مساعدتها في حماية أطفالهم، من خلال شراء حقائب صحية ومراجعة محتويات الحقيبة يومياً.
وألزمت دائرة التعليم والمعرفة بأبوظبي المدارس بألا يتجاوز وزن حقيبة الطالب 10% من وزنه، لتجنّب الآثار السلبية على عموده الفقري، وألزمت جميع المدارس بتوظيف «مسؤول للصحة والسلامة».
وتفصيلاً، قدّمت مدارس حلولاً عملية لتخفيف وزن الحقيبة المدرسية، شملت تنظيم الجدول المدرسي، وتوزيع حصص النشاط على أيام الأسبوع، وتحويل الواجبات المدرسية إلى إلكترونية لتقنين عدد الكتب والدفاتر المستخدمة يومياً، وتنظيم محتويات الحقيبة بشكل صحيح، والالتزام بمتطلبات الجدول المدرسي فقط، واختيار حقيبة مدرسية خفيفة الوزن، وتوفير خزائن في الصفوف لحفظ الكتب في المدرسة، والاستعاضة عن الكتب المدرسية العادية بالملازم (الشيتات الأسبوعية) أو الكتب الإلكترونية، إضافة إلى زيادة وعي الطلبة عن طريق وضع ميزان حقائب في كل صف، ليتمكنوا من وزن حقائبهم.
مواصفات الحقيبة
واشترطت مدارس «في رسائل تسلمها ذوو الطلبة عبر البريد الإلكتروني» واطلعت عليها «الإمارات اليوم»، أن تكون الحقيبة دون عجلات ودون مقبض حديدي، وألا يتجاوز مقاس حقيبة طلاب رياض الأطفال 40 سم x 30 سم، ومقاس حقيبة طلاب الصف الأول إلى الـ12، 50 سم x 30 سم، مع مراعاة أن تكون الحقيبة مناسبة ومتناسقة مع حجم وتكوين الطالب الجسماني، مشيرة إلى أن الالتزام بهذه المعايير - إلى جانب الإجراءات التي وفّرتها لتقليل عدد الكتب داخل الحقيبة - من شأنهما تخفيف وزن الحقيبة المدرسية بنحو 50%.
وحثّت الإدارات المدرسية ذوي الطلبة على مساعدة أبنائهم في اختيار حقائب مدرسية صحية، تحتوي على أجزاء داخلية منفصلة، تتسع للكتب والأدوات، وتشجيعهم على حمل الحقيبة على الكتفين بدلاً من تعليقها على كتف واحدة، وحثّهم على استخدام حقائب تحتوي على أحزمة كتف مبطنة وعريضة وقابلة للتعديل، لتتناسب مع طول الطفل، مع تخصيص رفّ في المنزل للطالب لتخزين كتبه الدراسية بدلاً من حملها كلها إلى المدرسة، مشددة على أن التخفيف من الحقيبة المدرسية يُعدّ استثماراً في صحة الطلبة، وتمهيداً لمسيرة تعليمية أكثر فاعلية وراحة وجودة.
وزن الحقيبة
وأصدرت دائرة التعليم والمعرفة بأبوظبي سياسة جديدة للصحة والسلامة، حدّدت من خلالها وزن حقائب المدرسة لكل مرحلة دراسية، مشيرة إلى أنه يجب على المدارس الالتزام بالحدود القصوى لوزن حقائب المدرسة للطلبة، وضمان إبلاغ أولياء الأمور بها، حيث يجب ألا يتجاوز وزن الحقيبة 5% إلى 10% من وزن الطفل عند تعبئتها، مع مراعاة عوامل فردية مثل الصحة العامة للطالب والقوة البدنية وأي حالات صحية قائمة، لتجنّب الآثار السلبية على عموده الفقري.
وأكدت ضرورة الالتزام بأن يكون الحد الأقصى لوزن الحقيبة في مرحلة رياض الأطفال حتى الصف الثاني، كيلوغرامين، ومن الصف الثالث إلى الخامس من 3 إلى 4.5 كيلوغرامات، ومن الصف السادس حتى الثامن ثمانية كيلوغرامات، ومن الصف التاسع إلى الـ12، 10 كيلوغرامات، مشددة على ضرورة امتثال المدارس لهذه السياسة بحلول الأول من فبراير 2026، فيما سيُعرّض عدم الامتثال لها المدرسة للمساءلة القانونية والعقوبات المطبقة، بموجب اللوائح والسياسات والمتطلبات الخاصة بالدائرة، دون الإخلال بالعقوبات التي يفرضها القانون.
معاناة الطلبة
وأكد ذوو طلبة في مدارس حكومية وخاصة: أحمد ناصر وحسن البلوشي وعبير حامد ونجلاء إبراهيم وشيرين حفني، أن مشكلة الحقيبة المدرسية وعدم قدرة الأطفال على حملها تظهر عند أولياء الأمور الذين يصطحبون أطفالهم يومياً حتى باب الصف لحمل الحقائب عنهم، بسبب صعوبة حمل الطفل للحقيبة من باب المدرسة حتى الصف، خصوصاً في حال كان على الطالب صعود درج، لأنه سيضطر إلى الانحناء بشكل كبير أثناء الصعود بسبب الحمل الزائد، إضافة إلى تخوف الأب من اختلال وزن ابنه وسقوطه.
وأكدوا أن حمولة الحقيبة المدرسية لا تقتصر على الكتب والدفاتر وأدوات القرطاسية، بل تشمل أيضاً صندوق الطعام، وزجاجة الماء، ما يتطلب قيام المدارس بتوعية الطلبة بالطريقة الصحيحة لحمل الحقيبة، وتتمثّل في حملها على الكتفين معاً، ومنعهم من التنقل بها، وتصغير حجم الكتب، وإعادة النظر في ترتيب جدول الدروس الأسبوعي لتقليل عدد الكتب في اليوم الواحد.
أحمال شاقة
ونبّه أطباء إلى تداعيات ثقل الحقيبة المدرسية على صحة التلاميذ، مؤكدين أنها تصيب عدداً كبيراً منهم بانزلاقات غضروفية وتمزّقات عضلية وانحناء في الظهر، محذرين من خطورتها على صحة الطفل ونموه.
وحذّر استشاري جراحة العظام، الدكتور أحمد بهاء موسى، من أن الحقيبة المدرسية الثقيلة قد تتحول من وسيلة لحمل الكتب إلى عبء يومي يُرهق عضلات الأطفال، ويُقلل نشاطهم وحيويتهم، مشيراً إلى أن الكثير من الطلبة يعانون مع بداية العام الدراسي آلاماً في الظهر والكتفين والرقبة، إضافة إلى شعور بالإجهاد العام وتعب العضلات، نتيجة حمل الحقائب ذهاباً وإياباً يومياً.
وقال موسى: «الوزن الزائد للحقيبة قد يؤدي إلى إرهاق مزمن للعضلات، وانخفاض في النشاط البدني، وصعوبة في التركيز، ما ينعكس على الأداء الأكاديمي والمشاركة في الأنشطة»، مشيراً إلى أن استمرار الإجهاد العضلي قد يجعل الطفل أقل حيوية في الصف، وأكثر عرضة للشعور بالتعب في وقت مبكر من اليوم الدراسي.
وأوصى بأن يكون وزن الحقيبة أقل من 10% من وزن الطفل، وألا يتجاوز وزنها وهي فارغة 500 غرام للأطفال، وكيلوغراماً واحداً للبالغين، كما نصح باختيار حقيبة ذات حمالات عريضة ومبطنة، وحملها على الكتفين لتوزيع الوزن بالتساوي، مع ترتيب الكتب والأدوات بحيث تكون الأثقل ملاصقة للظهر، لتقليل الضغط على العضلات، والحفاظ على نشاط الأطفال طوال اليوم.
اضطرابات المشي
وأشارت أخصائية طب الأطفال، آية عبدالناصر، إلى أن تأثيرات ثقل وزن الحقيبة المدرسية على الأطفال، تتضمن الشعور الدائم بالتعب، وآلام العضلات وآلام الظهر والرقبة والكتف. وقد تتسبب في اضطراب المشي وتزيد خطر التعثر والسقوط، والتشتت الذهني والنفور من الدراسة، نتيجة لما يصاحب هذه الآثار من انعكاسات نفسية وأكاديمية مختلفة، كما يمكن أن يؤدي الحمل الزائد للحقيبة إلى إصابة الطفل بتقوس العمود الفقري وانحناء الظهر، وتالياً تشوه بنية الجسم وشكل الكتفين.
ونصحت ذوي الطلبة بملاحظة مستوى كتفي الطفل بشكل مستمر، وإجراء فحوص طبية دورية له، لتفادي المشكلات الناتجة عن الحقائب المدرسية، وذلك للبدء في العلاج الفوري في حال اكتشاف أي اختلاف في مستوى الكتفين، أو ميل في الرقبة أو عدم اتزان أثناء المشي، أو ظهور تقوس لأحد الجانبين في الظهر.
دور الأسرة
وحمل المعلمون: محمد جاد ومنال وصفي وأميمة صبحي، ذوي الطلبة مسؤولية ثقل حقائب أطفالهم، خصوصاً في الحلقة الأولى، بسبب اهتمامهم في البداية بشراء حقائب تساير الموضة، وتحمل علامات تجارية شهيرة من باب المفاخرة، بدلاً من الاهتمام بالمواصفات الصحية التي يجب أن تتوافر فيها، إضافة إلى عدم معرفتهم جدول الحصص اليومي لأبنائهم، وعدم مراجعة محتويات الحقيبة للتأكد من إحضار الكتب المطلوبة لجدول الحصص اليومي فقط.
وقالوا إن أبرز التحديات التي تواجههم في مسألة وزن الحقيبة المدرسية، هي إصرار بعض أولياء الأمور على إرسال جميع الكتب مع أبنائهم، وإهمالهم متابعة محتويات الحقيبة، ما يؤدي إلى حمل الطلبة أدوات غير ضرورية أو ألعاباً، مضيفين أن مواجهة هذه التحديات تتطلب تعاوناً مستمراً بين المدرسة وأولياء الأمور، لضمان تطبيق الإجراءات بشكل صحيح، وتوفير بيئة تعليمية صحية وآمنة للطلبة.
حملة توعوية
أكد مسؤولون في مدارس مختلفة، لـ«الإمارات اليوم»، أن الأسبوع الأول من العام الدراسي، سيشهد حملة توعية متكاملة بأهمية الالتزام بمعايير الحقيبة المدرسية الصحية، والتوعية بالأضرار الصحية للحقيبة الثقيلة، وتحديد الخصائص المناسبة للحقيبة المدرسية من حيث الوزن والتصميم، إلى جانب تدريب الطلبة على الطرق السليمة لحمل الحقيبة وتنظيم محتوياتها، وتشجيعهم على استخدام الأدوات التي تتناسب مع أعمارهم دون زيادة.
مسؤول الصحة والسلامة
ألزمت دائرة التعليم والمعرفة بأبوظبي المدارس الخاصة بتعيين مسؤول للصحة والسلامة، للعمل موظفاً بدوام كامل، في مقر المدرسة طوال اليوم الدراسي. وقالت إنه لا يجوز لأكثر من حرم مدرسي استخدام مسؤول واحد مشترك للصحة والسلامة، كما ألزمت المدارس بتخصيص الموارد الكافية لتنفيذ السياسة الجديدة الخاصة بالصحة والسلامة بشكل مناسب.
• 10 كيلوغرامات الحد الأقصى لوزن حقيبة طلبة الثانوي.
• «التعليم والمعرفة» تُعمّم معايير جديدة لأوزان حقائب الطلبة، وتُلزم المدارس بتوظيف مسؤول للصحة والسلامة.