طالب «إعلان بغداد» الصادر عن القمة العربية الـ34 في بغداد، أمس، بالوقف الفوري للحرب على قطاع غزة، ووقف جميع الأعمال العدائية ضد المدنيين، وأكد رفضه القاطع لتهجير الشعب الفلسطيني.
وأكد القادة العرب دعم الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، ومركزية القضية الفلسطينية، وضرورة توفير المساعدات الإنسانية العاجلة، ودعم خطة الإعمار العربية - الإسلامية، وإنشاء صندوق خاص لإعادة إعمار غزة، ورعاية الأيتام والمصابين.
وأكد «إعلان بغداد» رفضه محاولات تهويد القدس، وأدان بشدة، جميع الممارسات غير القانونية التي تنتهجها إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، والتي تنتهك حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والكرامة والحياة، في مخالفة صريحة للقوانين الدولية والشرائع السماوية.
كما جدّد دعمه لوحدة وسلامة وسيادة دول عربية تشهد أزمات، داعياً إلى حلول سياسية وحوار وطني شامل، ووقف التدخلات الخارجية.
وجدّد القادة العرب دعمهم الكامل لسيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث: طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبوموسى، التي تحتلها الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ودعا الإعلان إيران إلى التجاوب مع مبادرة دولة الإمارات لإيجاد حل سلمي لهذه القضية، سواء من خلال المفاوضات الثنائية المباشرة، أو باللجوء إلى محكمة العدل الدولية، وفقاً لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، بما يسهم في تعزيز الثقة وترسيخ الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي.
وفي الجانب التنموي، أقر الإعلان مبادرات استراتيجية تشمل الأمن الغذائي، والذكاء الاصطناعي، وتمكين المرأة، والتعليم الفني، والطاقة المتجددة، إلى جانب تعزيز التعاون العربي لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
وفي ملف الأمن، شدد على رفض الإرهاب بأشكاله كافة، وضرورة التصدي لخطاب الكراهية والتطرف، مرحباً بإنشاء المركز الوطني لمكافحة الإرهاب في العراق.
كما عبّـر عن دعمه للمحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، مثمناً دور سلطنة عمان في تيسيرها. ودعا إلى نزع أسلحة الدمار الشامل من الشرق الأوسط.
كما أكد القادة العرب أن المبادرات العراقية التي طرحت خلال أعمال القمة العربية الـ34 تمثّل رؤية شاملة لمعالجة التحديات المشتركة، وانطلاقة حيوية لتطوير آليات العمل العربي الجماعي، في سبيل تحقيق التنمية والاستقرار والرفاه لشعوب الأمة العربية.
وأشاد القادة في «إعلان بغداد» الصادر في ختام أعمال القمة العربية، وخلال القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الخامسة التي استضافتها العاصمة العراقية بغداد بتلك المبادرات، واعتبروها ركيزة مهمة لإحداث نقلة نوعية في مسيرة العمل العربي المشترك، وتجسيد روح التضامن والتكامل بين الدول العربية. وثمّن القادة العرب استضافة العراق للقمتين، وأعربوا عن تقديرهم للتقدّم المحرز في مسار التنمية الاقتصادية، والدور الفاعل الذي يضطلع به في دعم قضايا الأمة، وتعزيز التعاون العربي في مختلف المجالات.
ونوّه «إعلان بغداد» بإطلاق العراق مبادرات عدة، في مقدمتها إنشاء «الصندوق العربي لدعم جهود التعافي وإعادة الإعمار من آثار الأزمات»، حيث أعلنت حكومة جمهورية العراق التبرع بـ40 مليون دولار أميركي لصالح الصندوق، تخصص 20 مليون دولار أميركي منها لدعم الجهود الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة، و20 مليون دولار أميركي لدعم جهود إعادة الإعمار في الجمهورية اللبنانية.
وتضمنت المقترحات العراقية أيضاً، مبادرة لدعم الشعب السوري تحت عنوان «العهد العربي»، تسعى إلى دعم الانتقال السياسي الشامل في سورية، وبناء نظام ديمقراطي يضمن الحقوق والحريات، إلى جانب الدعوة لعقد مؤتمر دولي يهدف إلى إعادة إعمار سورية، وتسهيل عودة النازحين واللاجئين بشكل آمن وكريم.
ورحب «إعلان بغداد» بدعوة العراق للمشاركة في مشروع «طريق التنمية»، بوصفه مشروعاً استراتيجياً يربط الدول العربية بالأسواق العالمية، ويُسهم في تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي، إلى جانب إطلاق مشروع شامل للإصلاح الاقتصادي العربي خلال العقد المقبل، يستهدف بناء فضاء اقتصادي عربي متكامل قادر على المنافسة، ويعزز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ويراعي أبعاد العدالة الاجتماعية والاستدامة البيئية.
وفي قطاع الأمن الغذائي، طُرحت مبادرة لتعزيز إنتاج الحبوب في المنطقة، من خلال سياسات زراعية ومائية مدروسة، ترتكز على البحث العلمي والتخطيط المستدام، لضمان استدامة الموارد للأجيال القادمة.
وفي المجال التكنولوجي، قدّم العراق مبادرات رائدة في الذكاء الاصطناعي، شملت إنشاء مركز عربي متخصص تستضيفه بغداد، وإطلاق مبادرة للبحث العلمي والتقنيات المتقدمة، بما يسهم في تعزيز الأمن الرقمي والتنمية المعرفية، وفق ضوابط أخلاقية تراعي خصوصية المجتمعات العربية.
واقترح العراق تشكيل تحالف عربي لحماية الموارد المائية، لمواجهة تحديات شح المياه وتغير المناخ، وضمان حقوق الدول العربية المائية في إطار الأمن القومي العربي.
وفي الشأن البيئي، أعلنت بغداد عن مبادرة عربية لمواجهة التغير المناخي، انطلاقاً من الواقع البيئي العربي، إلى جانب إطلاق مركز لحماية البيئة من مخلفات الحروب، بهدف دعم الدول المتأثرة بالنزاعات المسلحة في إزالة الألغام والمخلفات الحربية.
وفي إطار الأمن والاستقرار تم طرح مقترح إنشاء مركز عربي لمكافحة الإرهاب ومنع التطرف العنيف يتخذ من بغداد مقراً له، مع توفير التمويل اللازم لتأسيسه ودعمه، إلى جانب الدعوة إلى إنشاء غرفة تنسيق أمني عربي مشترك، تُعنى بتوحيد الرؤية الأمنية لمواجهة التحديات الإقليمية.
وشملت المبادرات الأمنية أيضاً إنشاء مركزين متخصصين في مكافحة المخدرات والجريمة المنظمة، انطلاقاً من الحاجة الملحة إلى تعزيز قدرات الدول العربية في مواجهة هذه الظواهر العابرة للحدود.
وتضمنت المبادرات كذلك، مقترحاً لتعزيز التعاون مع مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والأنشطة المالية غير المشروعة.
وفي المجال الثقافي والاجتماعي، دعا العراق إلى تأسيس مجلس عربي للتواصل الشعبي والثقافي، لتعزيز التفاهم بين الشعوب العربية، وتوثيق روابط الأخوة.
وشملت المبادرات العراقية إطلاق مقترح عربي لتوفير ملاذات آمنة للمتضررين من الكوارث والنزاعات، وتعزيز أمن السكن في الدول المتأثرة، من خلال إنشاء صندوق لدعم مشروعات الإسكان وإعادة الإعمار في المناطق المنكوبة.