آخر الأخبار

مختصون: الذكاء الاصطناعي «لن يسرق» وظائف البشر

شارك

قال خبراء ومتخصصون في مجالات العمل والذكاء الاصطناعي لـ«الإمارات اليوم» إن الذكاء الاصطناعي سيغيّر وجه سوق العمل بتفاصيله واتجاهاته، لكنه لن يُقصي الإنسان ولا يهدف إلى سرقة وظائفه، بل يُعيد تشكيل دوره، ويجبره على التطور والتكيّف، موضحين أن هناك 22 وظيفة ضمن خمسة مجالات، ستظل بعيدة عن مؤثرات الذكاء الاصطناعي لفترة طويلة، حيث تتطلب تعاطفاً بشرياً وذكاءً عاطفياً، أو مهارات حسية معقدة، مثل التمريض، ورعاية الأطفال، والعلاج النفسي، والفنون، والقيادة التربوية، في وقت تردد بقوة سؤال من المشاركين والحضور بمختلف الفئات، إلى الخبراء والمتخصصين في مجال الذكاء الاصطناعي، خلال فعاليات أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي، التي انطلقت، أمس، بمتحف المستقبل في دبي: «هل سيأخذ الذكاء الاصطناعي وظيفتي؟»، كما أنه السؤال ذاته الأكثر انتشاراً في الآونة الأخيرة بين الموظفين في القطاعات كافة، ليتجاوز القلق عاملَي الصناعات اليدوية والأعمال الروتينية، ليصل إلى المهنيين في مجالات مثل التعليم، والصحافة، والمحاماة، والبرمجة، وسط وعود من الشركات بتوظيف الخوارزميات وتحسين الكفاءة الإنتاجية.

وتفصيلاً، استمعت «الإمارات اليوم» إلى آراء عدد من الخبراء والمتخصصين في مجالات العمل والذكاء الاصطناعي، على هامش فعاليات أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي، في محاولة لرصد الاتجاهات العالمية بشأن العلاقة بين الإنسان والذكاء الاصطناعي الذي يتأهب لرفد سوق العمل المستقبلي بروبوتات تؤدي الكثير من مهام البشر.

وقال مدير مركز دبي لاستخدامات الذكاء الاصطناعي، سعيد الفلاسي: «الذكاء الاصطناعي لم يُخلق ليحل محل الإنسان، بل ليكون امتداداً لقدراته، وأداة تمكين تُسهم في رفع كفاءته وتوسيع آفاقه، ومن الخطأ أن ننظر إليه كتهديد للوظائف، فالتاريخ يعلّمنا أن كل ثورة تكنولوجية أفرزت فرصاً جديدة، شرط أن نواكبها بالمعرفة والمهارة والرؤية المستقبلية، موضحاً أن العالم أمام تحول جذري في مفهوم العمل، حيث ستُعاد صياغة المهام، وتُولد تخصصات لم تكن في الحسبان، ولن يبقى النجاح مرهوناً بمن يحتفظ بوظيفته، بل بمن يُعيد ابتكار دوره في المنظومة الجديدة.»

وأضاف الفلاسي أن أهمية الذكاء الاصطناعي لا تكمن في قدرته على الإنجاز فحسب، بل في كيفية توظيفه لمصلحة الإنسان وخدمة احتياجاته الحقيقية، وينبغي أن يقود الإنسان التكنولوجيا وليس العكس، مشيراً إلى أهمية ترسيخ منظومة أخلاقية تضمن ألا يتحول الذكاء الاصطناعي إلى أداة إقصاء أو استبدال، بل إلى رافعة حضارية تضمن الكرامة البشرية وتعزز جودة الحياة، مؤكداً أن مستقبل الوظائف ليس صراعاً بين الإنسان والآلة، بل شراكة ذكية تصنع عالماً أكثر عدلاً وكفاءة.

5 مجالات

من جانبه، رصد خبير الذكاء الاصطناعي، الدكتور محمد عبدالظاهر، خمسة مجالات بوظائفها ستظل بعيدة عن تأثيرات الذكاء الاصطناعي، أبرزها المهن الإنسانية والاجتماعية التي تضم وظائف الأطباء النفسيين والمعالجين النفسيين، إذ تتطلب فهماً عميقاً للعاطفة والسياق الإنساني، وهي أمور يصعب على الذكاء الاصطناعي محاكاتها بالكامل، فضلاً عن الأخصائيين الاجتماعيين والمرشدين الأسريين، حيث يرتكز عملهم على بناء الثقة والتعاطف وفهم خلفيات إنسانية متعددة.

وتابع: «المهن الإبداعية والفنية، التي تضم الكتّاب والمفكرين والمبدعين الفنيين المصممين والمخرجين والفنانين التشكيليين، تعتمد على الإبداع الأصيل المتجذر في التجربة الإنسانية، ولا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محله بالكامل، فضلاً عن المهن التربوية والتعليمية التي تضم المعلمين والمدربين الملهمين، حيث إنه رغم وجود أدوات تعليمية ذكية، فإن الدور التربوي الذي يجمع بين التعليم والتهذيب وبناء الشخصية لايزال إنسانيّ الجوهر».

صنع القرار

وقال الدكتور محمد عبدالظاهر: «يعد مجال القيادة وصنع القرار الاستراتيجي الذي يضم القادة وصناع القرار التنفيذيين من المجالات التي تتطلب التواجد البشري ببصيرته الإنسانية وقدرته على اتخاذ قرارات مبنية على القيم والثقافة والسياق، فضلاً عن خبراء القانون والقضاة، حيث إنه رغم أتمتة بعض الجوانب، فإن تفسير القانون وتطبيقه يحتاجان إلى حكمة بشرية».

وأوضح أن الوظائف المرتبطة بتنظيم المجتمعات والتشريع والسياسات العامة ستظل بحاجة إلى الحكم البشري الذي يتجاوز الحسابات الرقمية.

وأفاد: «تعد المهن اليدوية المعقدة والمرتبطة بالمهارة والتجربة التي تضم الحرفيين المهرة (كالنجارين وصناع المجوهرات) من المجالات التي لم تتأثر بتطورات الذكاء الاصطناعي، حيث تحتاج إلى دقة يدوية، وحس فني شخصي، فضلاً عن الطهاة المبدعين والطهاة التنفيذيين، إذ إن الطهو فن يرتبط بالذوق والتجربة، لا بالمعادلات فقط».

بيئات العمل

وقالت الخبيرة في تقنيات الميتافيرس وتكاملها مع الذكاء الاصطناعي، الدكتورة شيرين موسى: «إن الذكاء الاصطناعي لا يُعد مجرد تقنية مساندة، بل هو محرّك حقيقي لإعادة هيكلة بيئات العمل بما يعزز الإنتاجية ويحفّز الإبداع من خلال دمج أدوات الذكاء الاصطناعي في منظومات العمل الرقمية، ويمكننا خلق بيئات افتراضية تفاعلية تعيد تعريف مفهوم التدريب، وترتقي بأساليب تطوير المهارات إلى مستويات غير مسبوقة من الواقعية والتخصيص. الموظف في هذا السياق لا يتلقى المعرفة فقط، بل يتفاعل معها ويعيد تشكيلها بما يتوافق مع احتياجاته وتخصصه».

وأضافت: «الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يجب ألا يقتصر على الأتمتة، بل يجب أن يُوجّه نحو بناء كوادر بشرية أكثر مرونة وفهماً للتقنيات المستقبلية، فمن خلال التحليلات الذكية والتعلم الآلي يمكن تحديد الفجوات المهارية بدقة، وتصميم برامج تأهيلية تستهدفها مباشرة، ما يحوّل الذكاء الاصطناعي إلى شريك استراتيجي في تطوير رأس المال البشري. نحن لا نحتاج إلى موظفين أكثر، بل إلى موظفين أذكى، وأكثر قدرة على التفاعل مع أنظمة ذكية تصنع الفرق».

زيادة الإنتاجية

وأكد أستاذ الذكاء الاصطناعي، الخبير الدكتور أشرف النجار، أن «الذكاء الاصطناعي في جوهره لا يهدف إلى سرقة وظائف البشر، بل إلى زيادة الإنتاجية وتسهيل العمليات».

وأوضح أن هناك فرصاً كبيرة في إعادة تصميم الوظائف لتصبح أكثر مرونة وإبداعاً، مشيراً إلى أن «الذكاء الاصطناعي يمكنه تحرير الموظف من المهام المتكررة، ليتفرغ للتفكير الاستراتيجي واتخاذ القرار».

وظائف مهددة

أكد خبراء أن أكثر الوظائف عرضة للاستبدال التي تعتمد على إجراءات متكررة أو منطقية واضحة، مثل إدخال البيانات، والمحاسبة التقليدية، وخدمة العملاء عبر الهاتف، لكن حتى الموظف في تلك الوظائف قادر على أن يحافظ على مكانه إذا تعلّم كيف يستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي بدلاً من أن يخشاها، من خلال تطوير كفاءاته التقنية والانتقال نحو الأدوار الإشرافية أو التحليلية.

شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا