يواجه أزواج مقيمون خلافات مع زوجاتهم بشأن اختيار بلد الطلاق عند وصولهم إلى مفترق طرق، بسبب فروق سعر الصرف للعملة بين دولة الإمارات وبلادهم، إذ تصرّ الزوجة على تنفيذ الطلاق أمام محاكم الدولة والحصول على مستحقاتها الشرعية ولأطفالها بالعملة الإماراتية، فيما يصرّ الزوج على تنفيذ الطلاق في بلده، من أجل الاستمرار في دفع النفقات بعملة دولته، خصوصاً إذا كانت الزوجة والأطفال يقيمون فيها.
وأكّد قانونيان أن مسألة اختيار بلد الطلاق، هي توافقية بين الزوجين، وأن أحكام النفقة تصدر تبعاً لعملة دولة الإمارات، لافتَين إلى أن قانون الأحوال الشخصية للدولة أعطى الحق في رفع الدعوى على المواطن أو الأجانب الذين لهم موطن أو محل إقامة أو محل عمل في الدولة، وتحتسب النفقة بالعملة الإماراتية وفقاً لسعة الزوج ودخله المادي.
وقال أزواج مقيمون، رفضوا ذكر أسمائهم، إن خلافات وقعت مع زوجاتهم، ووصلت إلى طريق مسدود، ويطالبن بالطلاق وتنفيذه أمام محاكم الإمارات، في حين أنه يمكن تنفيذ ذلك في بلادهم، حتى يتمكنوا من سداد النفقة والاستفادة من فروق العملة لمصلحة الأبناء والأم الحاضنة.
وأضافوا لـ«الإمارات اليوم» أن «بعضهم من ذوي الدخل المحدود، ولا يقدر على تلبية نفقات مطلقاتهم أو أطفالهم المعيشية داخل الدولة، الأمر الذي قد يضطرهم إلى ترك عملهم والعودة إلى بلادهم، بما يعود بالضرر على المطلقة وأبنائها، مقترحين دراسة احتساب النفقة بالعملة المحلية للمقيمين المطلقين في حالة إثبات إقامة المطلقة والمحضونين خارج الدولة، أو تخفيض النفقة وتقديرها حسب بلد إقامة المحضون».
وأكّد أزواج أن زوجاتهم يقمن بالفعل في بلادهن، فيما يطلبن الطلاق أمام محاكم الإمارات، لما توفره لهن من تشريعات قانونية تضمن حقوقهن الشرعية، مشيرين إلى أن المشكلة تتعلق بدخل الزوج المحدود وزيادة الأعباء المالية على كاهله بعد الطلاق.
وقالت زوجات إن محاكم الدولة وتشريعاتها تضمن لهن حقوقهن الشرعية على أكمل وجه، الأمر الذي يجعلها الخيار الأمثل لهن في طلب الطلاق أمام دوائرها، مشيرات إلى أن مسألة احتساب النفقات بالعملة المحلية لبلد إقامة الحاضنة والمحضون، هي مجرد محاولات من الأزواج للتهرب من دفع الحقوق الشرعية، والالتزام بتوفير الحياة الكريمة للأبناء، سواء كانوا مقيمين داخل الدولة أو خارجها.
وقال قارئ في رسالة للصحيفة: «أنا مقيم في دولة الإمارات وتزوجت مقيمة داخل الدولة، وتم عقد القران منذ ثلاث سنوات، وقد تم الاتفاق بيننا على الطلاق»، متسائلاً هل يمكنني تطليق زوجتي في بلدي الأم؟ وفي حالة عدم الإمكانية ما الإجراءات الواجب اتباعها، حيث إننا متفقان على إنهاء الزواج بالتراضي ولا يوجد لدينا أولاد، وما حقوقها الشرعة والقانونية في هذه الحالة؟
من جانبه، أكّد المستشار القانوني، الدكتور يوسف الشريف، أن القانون كفل لكل شخص اتخاذ الإجراءات المتعلقة بالطلاق أمام محاكم الدولة، سواء كانت الزوجة والأولاد يقيمون في الدولة أو ببلدهم الأم، طالما كان للزوج موطن أو محل إقامة أو محل عمل في الدولة، والعبرة في الحقوق المترتبة على الزواج والطلاق هي بدخل الزوج مع مراعاة ما إذا كانت الزوجة والأبناء يقيمون بالدولة أم ببلدهم الأم، وهو ما يدخل في سلطة القاضي عند تقدير النفقات، ولذلك فإنه في الحالات التي تتخذ فيها الإجراءات من جانب الزوج يجب أن يضع في اعتباره عند اختيار المكان الذي يتخذ فيه الإجراءات أنه في جميع الأحوال سيقضى للزوجة بنفقات ومبالغ مترتبة على الطلاق.
وأضاف الشريف أن مسألة اختيار بلد الطلاق، هي توافقية بين الزوجين، فإذا كانت الإجراءات في بلد الزوجين، ستكون النفقات بعملة بلدهما المحلية التي هي أفضل خصوصاً بالنسبة للأشخاص من ذوي الدخل المحدود، وذلك بحسب فرق العملة بالنسبة للدرهم الإماراتي، لكن إذا قرّر أي طرف لأي سبب اتخاذ إجراءات الطلاق في دولة الإمارات فهو جائز ويكون الحكم بالعملة الوطنية (الدرهم)، شريطة أن يكون الزوج مقيماً في الدولة، بغض النظر إذا كانت الزوجة مقيمة فيها أو غير مقيمة.
من جانبه، أكد المحامي علي مصبح أن من أهم مقومات الأسرة في دولة الإمارات، الحفاظ على الحقوق والواجبات بكل الأنواع، ولا يقتصر ذلك على المواطنين فقط بل على كل شخص مقيم في دولة الإمارات لاسيما حتى في حالة وصول علاقة الزوجية إلى الفرقة أمام المحاكم.
وأشار مصبح إلى أن قانون الأحوال الشخصية أعطى الحق لأي طرف في الدعوى بإقامة دعوى الحقوق الزوجية من نفقة وغيرها أو حتى الطلاق في محاكم الدولة، وأعطى المشرع الحق في رفع الدعوى على المواطن أو الأجانب الذين لهم موطن أو محل إقامة أو محل عمل في الدولة.
وقد نصّ القانون على اختصاص المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه أو محل إقامته أو محل عمله أو محل إقامة المدعي أو محل إقامة المدعى عليه أو مسكن الزوجية، وذلك في ما يتعلق بدعاوى الأولاد أو الزوجة أو الوالدين أو الحاضنة ومنها دعاوى النفقات والأجور وما في حكمها.
لذلك يصدر حكم النفقة تبعاً لعملة دولة الإمارات وللحالة المادية للزوج داخل دولة الإمارات، بغض النظر عن إقامة الزوجة خارج الدولة، مشيراً إلى أنه لا يتصور إصدار حكم طبقاً لعملة دولة أخرى أو مستواها المعيشي أو الاجتماعي، لاسيما إن كانت الزوجة قد غادرت الدولة، ورفعت دعوى النفقة داخل الدولة كون زوجها يقيم أو يعمل فيها.
أمّا في حالة تغيير الأحوال المادية على الزوج سواء بسعة أموره المادية أو إعسارها، فيجوز رفع دعوى زيادة أو نقصان النفقة، وذلك بعد مرور سنة من صيرورة الحكم بالنفقة.