آخر الأخبار

«وجوه تعبيرية» و«لايكات» تعرّض أصحابها للمساءلة القانونية

شارك

كشف مدير إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية في الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية لشرطة دبي، العميد سعيد الهاجري، أن الشرطة أغلقت الباب أمام ما وصفه بـ«المتاجرة بالسبّ عبر السوشيال ميديا» بمنع التنازل عن البلاغ، وتحويل الواقعة إلى النيابة العامة، حتى يفكر الشخص أكثر من مرة قبل أن يبادر إلى تحرير بلاغات مماثلة.

وقال خلال لقاء مع منصة «عرب كاست»: «إن الوجوه التعبيرية قد تعرّض صاحبها للمساءلة إذا خرجت عن الإطار المألوف، وتضمنت صوراً تدعو إلى شيء خارج عن القانون، مثل التطرف أو خدش الحياء أو التعرض لأنثى، وكل جرائم نصّ عليها قانون العقوبات»، لافتاً إلى أن مديري «غروبات» الدردشة والتواصل يتحملون المسؤولية القانونية، إذا لم يثبتوا اتخاذ موقف مع مرسل المحتوى المسيء أو المُجرَّم.

وأفاد بأن هناك مؤثرين ومشاهير على شبكات التواصل يتورّطون في تقديم محتوى غير لائق، أو يتضمن تجاوزات للقانون، وتقع سجالات بين بعضهم تضعهم تحت طائلة المحاسبة، خصوصاً في ظل حالة التربص والحسد المتبادلة، مشيراً إلى أن وضع إشارة الإعجاب (لايك) على محتوى مسيء أو غير قانوني، يمثل موافقة ضمنية عليه، وربما يقود صاحبه إلى المساءلة كذلك.

وتفصيلاً، قال العميد سعيد الهاجري لـ«الإمارات اليوم» إن جرائم المحتوى متنوّعة، وأحياناً لا تكون متوقعة، في ظل اندفاع البعض إلى نشر نصّ أو صورة أو فيديو مسيء، أو حتى التجاوب مع محتوى شاهده، سواء بإعادة النشر أو حتى اتخاذ خطوة الإعجاب به، إذ يمثل ذلك موافقة ضمنية عليه رغم مخالفته للقانون.

وأضاف أنه في فترة تجريم «السبّ الإلكتروني»، وتشديد عقوبته بقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية والشائعات، انتشر ما يمكن تسميته بـ«المتاجرة بالسبّ»، التي تحدث غالباً من خلال استفزاز شخص عبر صفحته أو حسابه في إحدى منصات التواصل الاجتماعي، سواء بانتقاده بشكل مباشر أو التلميح إلى أسرته أو أمر يخصه، ما يقوده إلى الردّ بشكل هجومي أو غير قانوني من خلال سبّ الطرف المستفز.

وأشار إلى أنه بمجرد حصول الأخير على مراده، ونجاحه في استفزاز الطرف الآخر ودفعه إلى سبه، يحرر بلاغاً ضده بالشرطة ومعه الأدلة بالتأكيد، ثم يبدأ في مساومة خصمه وابتزازه، ويحصل منه على مبالغ مالية مقابل التنازل عن البلاغ.

وأوضح الهاجري أن شرطة دبي أغلقت الباب أمام هذه السلوكيات، وخربت سوق هذه التجارة، من خلال تحويل البلاغات مباشرة إلى النيابة العامة حتى تتخذ إجراءً قانونياً فيها، وعدم السماح لأي شخص باستغلالها لابتزاز الآخرين، لافتاً إلى أن الاستفزاز كان يتم عادة بنشر أفكار تستفز شريحة معينة من المجتمع الإماراتي، كالأشخاص المحافظين، ما يدفع أحدهم إلى الردّ وربما يتجاوز القانون في ردّ فعله.

وحول استخدام الوجوه التعبيرية (الإيموجي) في الإساءة إلى الآخرين، أو اعتبارها تحمل رسالة ضمنية غير مقبولة، مثل الغزل أو خدش الحياء، أفاد الهاجري بأن هذه الوجوه تُصنف مثل غيرها من أشكال المحتوى، فإذا كانت تحمل دلالات واضحة غير شرعية، يُعاقب مرسلها مثل الذي يرسل صورة أو فيديو مُخلّين.

وأشار إلى أنه في حالة إرسال ذلك عبر مجموعة «واتس أب» أو غيرها من مجموعات الدردشة والتواصل، يحاسب المرسل، وكذلك «مدير المجموعة»، لأن الأخير يجب أن يتدخل لمنعه أو اتخاذ إجراء ضده، فإذا التزم بذلك أخلى مسؤوليته القانونية.

وتابع أن القانون يتضمن نصوصاً واضحة تُعاقب على مثل هذه التصرفات، كما أن الدليل الإلكتروني له حجية الدليل العادي، فإذا قدّم المبلغ صوراً من المحادثات أو المحتوى المنشور المسيء، سواء كانت نصاً أو صورة أو «إيموجي»، يتم تسجيل بلاغه، وإذا كان الوجه التعبيري يحمل إساءة لامرأة يطبق على المرسل المادة القانونية الخاصة بالتعرض لأنثى بتصرف خادش للحياء.

وأوضح أن اتخاذ إجراء من عدمه يستند إلى شرط أن يكون المحتوى واضحاً في دلالته، وليس مبنياً على سوء ظن أو مبالغة في تقديره، مبيناً أنه يؤخذ بالعرف في مثل هذه الأمور، فإذا كان أطراف المشكلة معتادين مثلاً على تبادل أشكال تعبيرية مثل القلب أو الزهور أو غير ذلك، فلا يتخذ إجراء ضد المرسل لأن سلوكه مقبول ومتكرّر عرفياً.

ولفت إلى أن إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية تتلقّى بلاغات غريبة في هذا الجانب، فهناك مطاعم تحرّر بلاغات ضد أشخاص نشروا تعليقات سلبية على أدائها، ولم نسجّل مثل هذه البلاغات طالما لم تتضمن إساءة لأنها ترد ضمن بيئة العمل الخاصة بالمنشأة ومن حق الناس التعبير عن آرائهم من دون تجاوز.

وأوضح أن أغلب مزوّدي خدمات مثل المطاعم وغيرها يتيحون خدمة التقييم للزبون، ويدركون أن التنافسية تفرض ذلك، لذا لا يجب عليهم المبالغة في رد الفعل في حال وجود انتقاد لمستوى الخدمة، لكن من دون التورط في السبّ أو استخدام ألفاظ يُعاقب عليها القانون.

وأوضح أن هناك قنوات مختلفة متاحة للشكوى وليست الشرطة فقط، فيمكن للمتضرر اللجوء مباشرة إلى القضاء أو وزارة الداخلية أو الجهات ذات الصلة بمزوّد الخدمة، في حال التعرض لأي إساءة، فالشرطة تحرص على التأكد من توافر عناصر الجريمة قبل اتخاذ أي إجراء، فيما حرصت الدولة على تنويع مصادر الشكوى حتى يمكن استعادة الحقوق عبر أكثر من طريق.

وقال الهاجري إن خطورة جرائم المحتوى تظهر في عدم الوعي بأمور قد تمس الوطن، يروجها المتطرفون والذباب الإلكتروني التابع لهم، ومن ورائهم فئة ضالة ليست لديهم بوصلة، وهناك مؤسسات في الدولة معنية بهذا الجانب، لكن من الضروري الانتباه إلى هذه الأمور حتى لا يتورّط أحد على سبيل الخطأ في ترويج أفكار ممنوعة، لكونه غير واعٍ ويسير خلف القطيع.

وأضاف أن هناك حسابات إلكترونية وهمية توظّف لهذه الأغراض، مثل الطعن في دولة ما أو شريحة من المجتمع، لافتاً إلى أن الذين يقفون وراء ذلك عادة يكون لديهم أجندة، ويتأثر البعض بهم دون وعي.

وأشار إلى أن هناك أبحاثاً جرت حول هذه الممارسات، وتبين أن تجنيد الذباب الإلكتروني يتم بشكل ممنهج، عبر مراكز تحتوي على أعداد كبيرة من الهواتف، تعمل في وقت واحد عبر إحدى منصات التواصل لنشر فكرة ما، وتجد شخصاً واحداً بحوزته 100 جهاز، مؤكداً أهمية الوعي بهذه الجوانب، لأن إعادة نشر محتوى مسيء أو وضع علامة «لايك» يمثلان مشاركة في الجريمة، إذ يعكسان موافقة الشخص على المضمون.

وحول سلوكيات فئة من المؤثرين وعدم التزامهم بآداب المحتوى، قال الهاجري إن المؤثر يجب أن يكون أكثر الناس حذراً حين يقدم محتواه بحكم عدد متابعيه، وربما يكون هناك متربصون وحاسدون يريدون الإيقاع به، ومن ثم يجب أن يساعده شخص في التدقيق على المحتوى قانوناً قبل نشره، والابتعاد عن الأمور التي قد تثير حساسيات أو ضغائن، مثل ذكر اسم دولة أو قبيلة، أو تناول شأن وطن ليس لديه إلمام كافٍ به.

وأضاف «كثير من المؤثرين زبائن دائمون لدى الإدارة بسبب خطأ في المحتوى، ونعمل من جانبنا على إرشادهم ومساعدتهم»، لافتاً إلى أن هناك عدم إلمام أحياناً بطريقة النقد الصحيح، خصوصاً عند تناول مؤسسة ما، ومن ثم نشرح لهم الآلية القانونية الصحيحة، فالمسؤول عن المؤسسة والموظفون لديهم أسر ومرؤوسون، ومن الضروري أن يكون النقد موضوعياً وعبر قنوات رسمية مقننة.

• عند إرسال رسائل غير مقبولة عبر مجموعة «واتس أب»، أو غيرها من مجموعات الدردشة والتواصل، يُحاسب المرسل، وكذلك «مدير المجموعة» لأن الأخير يجب أن يتدخل لمنعه أو اتخاذ إجراء ضده.

شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا