آخر الأخبار

الأم الحاضنة نرجس البلوشي: «عائشة» ابنتي.. مفتاح جنتي

شارك الخبر

وهبت الإماراتية نرجس علي البلوشي - أمّ حاضنة تبلغ من العمر 38 عاماً - حياتها لابنتها المحتضَنة (عائشة)، فمنحتها الصغيرة شعور الأمومة، وملأت حياتها فرحة، وعاشتا معاً نحو سبعة أعوام من السعادة، واعتبرت الأم أن ابنتها بالاحتضان ستكون سبباً لدخولها الجنة، فسهرت على راحتها، وبذلت أيام عمرها من أجل تربيتها وتعليمها.

وحظيت الابنة (عائشة) بمكانة مميزة وسط عائلتها الكبيرة، وأحبها أبوها لدرجة أنه بعد انفصاله عن أمها، داوم على السؤال عنها، وقضاء وقت العطلة الأسبوعية معها، وباتت (عائشة) مقرّبة إلى جدها الذي يحرص دوماً على السؤال عنها وتقريبها من بين أحفاده، وكان الجميع حريصين على عدم إشعارها بأنها محتضنة.

في المقابل، تَعِد (عائشة) أباها وأمها بالبر والإحسان، قائلة: «حين أكبر، سأرد لهما كل الأيام السعيدة التي وهباها لي، وسأدرس الطب لعلاج أبي من (السكري)».

وتروي نرجس علي البلوشي قصتها الإنسانية الملهمة، قائلة: «حكايتي التي تعكس قوة الحب الذي يتجاوز كل الحدود، بدأت قبل سبعة أعوام، عندما قررت احتضان (عائشة)، وكان عمرها شهرين، وعندما رأيتها للمرة الأولى شعرت من قلبي بأنني ولدتها، وكان شعوراً لا يوصف، ومنذ تلك اللحظة لم أستطع التخلي عنها».

وأضافت: «رغم أن المسؤولين في هيئة تنمية المجتمع في دبي أبلغوني بأن إتمام إجراءات الاحتضان قد يستغرق وقتاً، إلا أنني لم أغادر المكان حتى وعدوني بإنهاء الأمر بشكل عاجل، وبالفعل خلال أسبوعين كانت (عائشة) معي».

ولفتت إلى أن الإجراءات تضمنت فحوصاً نفسية، لضمان خلو الأم والأب الحاضنَين من أي أمراض نفسية قد تؤثر في الطفلة، إضافة إلى اختبار مدى صبرهما وقدرتهما على التحمل.

وأوضحت أنها لا تعاني مشكلات عقم أو عدم قدرة على الإنجاب، بل كانت في صحة جيدة تمكنها من إنجاب أطفال بيولوجيين، إلا أنها اختارت احتضان طفل بإرادتها، وأقنعت زوجها، وقدمت طلب الاحتضان.

واستذكرت اللحظات الأولى التي شاهدت فيها ابنتها المحتضنة، قائلة: «منذ اللحظة الأولى التي رأيتها فيها أدركت أنني أمها، ولم أتمالك نفسي من البكاء، وأحسست أن شعور الأمومة بدأ يتدفق بداخلي بشكل طبيعي، واحتضنتها بكل حب وحنان».

وتابعت: «تجربة احتضان (عائشة) ملأت حياتي بالفرحة، وأصبحت الطفلة جزءاً من حياتي لا يمكن الاستغناء عنه».

واستطردت: «جاءتني (عائشة) بملابس مكتوب عليها (أحبك أمي) باللغة الإنجليزية، وكأنها كانت رسالة مقدرة لي».

وقالت «لم أنسَ اللحظة التي تسلمت فيها (عائشة) من مسؤول الأطفال بقرية العائلة في دبي، الذي كان يُلقب بـ(بابا ناصر)، وقال لي كلمات لن أنساها أبداً: (حافظي عليها، فإنها مفتاح الجنة)، ومنذ تلك اللحظة وحتى الآن وأنا أبذل كل أيامي من أجل تربيتها وتعليمها على أعلى مستوى، لتكون سبباً في دخولي الجنة. وكل هذا منحني، خلال الأيام الأولى من استضافة (عائشة)، قوة لا توصف لمواجهة أي شيء قد يعارض وجودها معي».

وتتذكر تلك الأيام، قائلة: «لم أكن أنام الليل خوفاً عليها، وقد كانت صغيرة جداً، وكنت أتفحص أنفاسها طوال نومها خوفاً من أن يصيبها أي مكروه، ورغبةً في التعامل معها كابنة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وأخذت دورات علاجية لأتمكن من إرضاعها، وشاركتني أمهات في عائلتي إرضاعها، حتى تصبح ابنتي وابنتهن بالرضاعة».

وعن ردود فعل والديها تجاه قرار الاحتضان، تقول البلوشي: «(عائشة) كانت رزقاً وبركة على العائلة، فوالدي كان يبحث عنها من بين أحفاده، ويضعها في المقدمة في كل مناسبة، كما يتواصل بشكل متكرر للسؤال عنها يومياً، ومعرفة ما إذا كانت بحاجة إلى أدوات للمدرسة أو أي شيء آخر، ولم يصدر من عائلتي أي رد فعل قد يشعرها بأنها طفلة محتضنة، بل كانت فرداً أصيلاً في العائلة».

وأشارت إلى أنها انضمت إلى مجموعة «واتس أب» تجمع أمهات حاضنات، يقدمن الدعم لبعضهن، ويتبادلن تجاربهن، فكانت المجموعة عوناً كبيراً لها، حيث درّبْنها على كيفية إخبار (عائشة) بأنها طفلة محتضنة، فبدأت معها بأسلوب بسيط، مستخدمة قصصاً عن الحيوانات التي تتبنى صغاراً من فصائل مختلفة، لتمهيد الفكرة في ذهنها بشكل طبيعي، وبدأت تدرّيجياً بإيصال مفهوم الاحتضان لها، حتى صارحتها في النهاية بأنها محتضَنة، فكان رد (عائشة) طبيعياً وهادئاً، وكأنها كانت تعلم بذلك مسبقاً.

واسترجعت (نرجس) ذكرياتها عن أول يوم دراسي لـ(عائشة)، قائلة: «كان يوماً استثنائياً، فقد كانت أول تجربة انفصال عن (عائشة)، والمضحك أنني ظللت أتصل بإدارة المدرسة لأستفسر عن حالتها، هل أكلت؟ هل شربت؟ وكلما تذكرت ذلك الآن أضحك على مخاوفي التي كنت أعبّر عنها بكثرة الاتصال، حتى اعتدت ذلك».

وعن تعرض (عائشة) للتنمر بسبب اختلاف شكلها عن عائلتها، قالت أمها: «يخبر الأطفال (عائشة) بأنها لا تشبه أبويها، وتبدو مختلفة عنهما، إلا أن ردها دائماً هو (لقد خلقني الله جميلة)»، مؤكدة أنها عملت على دعم طفلتها نفسياً، لمنحها الثقة في مواجهة المتنمرين.

وقالت: «تخبرني ابنتي باستمرار بعبارات بريئة، مثل (أنا أعلم أنك لم تلديني، وأنني جئت من بطن امرأة أخرى، لكنني أحبك أنت، فقلبك هو من ولدني)»، لافتة أنها تخبر زملاءها بأنها محتَضنة، وأنها مميزة من قِبل أم وأب عظيمين.

وذكرت أنها انفصلت منذ مدة عن والد (عائشة) بالاحتضان، الذي يعد نعم الأب لها، فلايزال يقدم لها كل ما تحتاج إليه، ويلبي لها جميع متطلباتها حتى لا ينقصها أي شيء، كما أنها تقضي معه عطلة نهاية الأسبوع، وتسعد جداً بذهابها إليه، لافتة إلى أن عمتها هي إحدى أمهاتها اللاتي أرضعنها وهي صغيرة، ولديها خمسة أبناء، جميعهم يحبونها، ويعتبرونها جزءاً منهم، إضافة إلى جدتها التي تحبها كثيراً.

من جانبها، عبّرت (عائشة) بكلمات بريئة عن طموحاتها، قائلة: «سأدرس الطب لأتمكن من تقديم العلاج الذي يعالج أبي ويريحه من تعبه، لأنه مريض بارتفاع سكر الدم، وحين أكبر سأرد لأبي وأمي كل الأيام السعيدة التي وهباها لي».

نرجس البلوشي:

. كنت أستطيع إنجاب أطفال بيولوجيين، لكنني اخترت احتضان طفل بإرادتي، وأقنعت زوجي، والإجراءات كانت ميسرة من قِبل «تنمية المجتمع» بدبي.

الطفلة المحتضَنة عائشة:

. حين أكبر، سأردّ لأبي وأمي كل الأيام السعيدة التي وهباها لي، وسأدرس الطب لعلاج أبي من «السكري».

لمشاهدة الفيديو الرجا، يرجى الضغط على هذا الرابط

شارك الخبر


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا