آخر الأخبار

"أسواق التنبؤ".. هكذا تُحول منصات المراهنة مآسي البشر إلى "أصول مالية"

شارك

انتقد الصحفي الاستقصائي تيكيندرا بارمار صعود منصات المراهنة على الأحداث العالمية وتواطؤ وسائل الإعلام الكبرى معها، محذرا من أنها تحوّل المآسي الإنسانية والقرارات السياسية المصيرية إلى سلع مالية تُتداول بهدف الربح.

وأوضح بارمار -في مقال نشره موقع إنترسبت الأميركي- أن هذه المنصات تُعرف باسم "أسواق التنبؤ". وهي مواقع تتيح للمستخدمين شراء وبيع عقود مالية مرتبطة بوقوع أحداث مستقبلية محددة. ويربح المراهن ماليا إذا تحقق الحدث وفق توقعه، ويخسر إذا حدث عكس ذلك.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 لو ديبلومات: ماذا وراء الغارات الأميركية شمالي نيجيريا؟
* list 2 of 2 خبيرة في الأمن النووي: الذكاء الاصطناعي قد يقود إلى نهاية العالم end of list

كيف تعمل المنصات؟

في هذه المنصات، لا يتم التعامل مع الحدث كخبر صحفي أو واقعة إنسانية، بل كعقد مالي قابل للتداول، يشبه السهم في السوق، تُسعَّر قيمته حسب توقعات الجماهير، بحسب المقال.

ويسلط الكاتب الضوء تحديدا على موقعي "كالشي" و"بولي ماركت"، إذ تقدّم هذه المنصات نفسها على أنها أدوات تحليل متقدمة -وليست مواقع قمار- مدعية أن التداول فيها يؤدي إلى تشكيل "احتمالات واقعية" حول أهم الأحداث، بناء على رهانات المشاركين.

يرى الكاتب أن هناك علاقة واضحة بين صعود هذه المنصات ودائرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فدونالد ترامب الابن مستشار لدى كلا الشركتين، ولديه استثمارات في شركة "بولي ماركت"

ويمكن للمشارك -وفق الكاتب- المراهنة على أجوبة أسئلة من قبيل "كم عدد الأشخاص الذين سترحّلهم إدارة ترامب هذا العام؟ وهل ستعاني غزة من مجاعة واسعة النطاق؟ وكيف ستكون نتائج الانتخابات الرئاسية وانتخابات التجديد النصفي؟ أو متى سيكون قصف إسرائيل التالي؟".

مصدر الصورة طارق منصور الرئيس المشارك لشركة "كالشي" (غيتي)

ونقل المقال قول طارق منصور، الرئيس المشارك لشركة "كالشي": إن "هدف المنصات على المدى الطويل هو تسييل كل شيء، وتحويل أي اختلاف في الرأي إلى أصل قابل للتداول".

وبحسب هذه المنصات، كلما زاد عدد المتداولين، أصبحت التوقعات أدق، لأن "حكمة الجماهير" -كما تزعم هذه المواقع- تتفوّق على الاستطلاعات التقليدية أو آراء الخبراء، وفق ما نقله المقال.

ويعني ذلك عمليا معاملة الحروب والتهجير والمجاعات وحتى الإبادة الجماعية من منطلق منطق السوق والربح، مما يثير قلق الكاتب.

ما مدى انتشارها؟

وبينما تقدم هذه المنصات نفسها كبديل أقرب للجماهير، وأكثر دقة من الإعلام التقليدي أو منصات التواصل، فإنها قد بدأت تتسلل إلى وسائل الإعلام السائد، بحسب المقال.

إعلان

فقد عقدت "كالشي" شراكات مع شبكات مثل "سي إن إن" و"سي إن بي سي" بينما تعاونت "بولي ماركت" مع "ياهو فاينانس". وذكر الكاتب أيضا منصة شركة "غالاكتك" للتوقعات، التي عقدت شراكة مع مجلة "تايم" الأميركية لتقديم عقود المراهنة الخاصة بها ضمن التغطية الإعلامية للمجلة.

وأكد الكاتب أن العلاقة مفيدة للطرفين، فبالنسبة للمنصات الإعلامية، تشكل أسواق التنبؤ حلا لتراجع ثقة الجمهور في الصحافة. وبالنسبة لأسواق المراهنات، تضفي هذه الشراكات شرعية على مجال كان يُنظر له على أنه "غير قانوني" حتى بضعة أشهر.

مصدر الصورة شركة "بولي ماركت" عقدت صفقة مع "ياهو فاينانس" (شترستوك)

تراجع المستخدمين

ولكنّ الكاتب أشار إلى أن عدد المستخدمين النشطين يوميا في المنصتين تراجع بأكثر من 90%، مقارنة بذروة مؤقتة في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

وأوضح أن المستخدمين تهافتوا على المنصتين آنذاك لتحصيل أرباحهم من توقعاتهم بمن سيفوز بالانتخابات الرئاسية الأميركية، وسجلت "كالشي" ذروة بلغت حوالي 400 ألف مستخدم، بينما سجلت "بولي مارك"‘ رقما أقل بنحو 100 ألف، وفقا لدراسة أجرتها مجلة "فورتشن".

وبحلول شهر يونيو/حزيران هذا العام، انهار عدد المستخدمين النشطين يوميا ليصل إلى ما بين 27 و32 ألفا في المنصة الأولى، و5 إلى 10 آلاف في الثانية.

هل هي دقيقة؟

وحذّر الكاتب من أن هذه"‘الأسواق" ليست بالضرورة أكثر دقة من استطلاعات الرأي التقليدية، إذ أظهرت عدم فاعليتها في مناسبات عديدة، خصوصا عندما يكون عدد المشاركين قليلا أو يقتصر المستخدمون على فئة محددة، كما هو الحال في مثال منصتي "كالشي" و"بولي ماركت".

كما أظهرت دراسة مجلة "فورتشن" أن أسواق التنبؤ غالبا ما تتفاعل بشكل متباين مع نفس المعلومات، وهو ما يتناقض مع ادعاء هذه المنصات بكفاءة "حكمة الجماهير" العالية، ويثير تساؤلات حول مدى دقة توقعاتها للأحداث المستقبلية

ويرى الكاتب أن هناك علاقة واضحة بين صعود هذه المنصات ودائرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ف دونالد ترامب الابن مستشار لدى كلا الشركتين، ولديه استثمارات في شركة "بولي ماركت".

مصدر الصورة شركة "بولي ماركت" حاولت التأثير على حملة زهران ممداني وفق المقال (أسوشيتد برس)

وربط الكاتب هذه العلاقة السياسية بحادثة نشر منصة "بولي ماركت" إعلانا مضللا يزعم انهيار حظوظ زهران ممداني، المرشح الفائز لمنصب عمدة نيويورك والذي تربطه علاقة متوترة مع ترامب، في الانتخابات، رغم أن بيانات المنصة نفسها لم تُظهر ذلك.

وخلص الكاتب إلى أن مصداقية الأخبار ليست أولوية عند هذه المنصات، رغم أنها تربط نفسها بثقة مع وسائل الإعلام، بل يبدو أن هدف "أسواق التنبؤ" الأساسي هو جذب المستخدمين وزيادة المراهنات بغض النظر عن الأثر السياسي.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا