في جولة الصحف اليوم، نستعرض لماذا خرج الأمريكيون في مظاهرات هي الأضخم في تاريخ البلاد يوم السبت الماضي؛ ثم لماذا كان ترامب على صواب في إلغاء لقائه مع بوتين في بودابست؛ قبل أن نختتم الجولة بتحذير من مغبّة إرسال جنود بريطانيين إلى غزة.
نستهل جولتنا من نيويورك تايمز ومقال بعنوان "لا ملوك، تعني لا ملوك. لا عجب أن يكره ترامب ذلك"، بقلم جاميل بْوِي.
ولفت الكاتب إلى ما قال إنه "أضخم مظاهرة يشهدها يوم واحد في تاريخ الولايات المتحدة" على الإطلاق، في إشارة إلى مسِيرات حاشدة شهدتْها شوارع وميادين البلاد احتجاجاً على سياسات الرئيس ترامب.
وقال الكاتب إن "ترامب لا يرى نفسه رئيساً لشعب الولايات المتحدة، وإنما لشعبه هو – ذلك الشعب الذي يمثّله أنصار 'تيار ماغا' الذي أيّده في انتخابات 2024 الرئاسية".
ورأى صاحب المقال أن ترامب يجمع بين التعصّب لحزب معيّن والكراهية لمَن هم خارج هذا الحزب من الأمريكيين، مشيراً إلى رغبة ترامب "في السيطرة على هؤلاء الخصوم (أو الأعداء كما يسميهم)، وإخضاعهم لإرادته. وفي سبيل هذه الغاية، أعاد تشكيل أجهزة بعينها في الحكومة الفيدرالية".
ورأى صاحب المقال أن هذه التدابير، إلى جانب تدابير كثيرة أخرى اتخذها ترامب، ألهمَتْ ملايين الأمريكيين بتحديد أُطُر احتجاجهم على ترامب في نزوعه إلى التمتّع بسُلطات وامتيازات مَلَكية.
وتابع الكاتب بالقول إن معارضي ترامب يرون بشكل واضحٍ رغبته في امتلاك سلطة مطلقة تمكّنه من سحْق منتقديه، مشيراً إلى تصريحات واضحة من جانب ترامب عبّر فيها عن رغبته في معاقبة الديمقراطيين – سياسيين وناخبين على السواء بسبب "جريمة العمل ضده".
ولفت الكاتب في هذا الصدد إلى استخدام ترامب للحرس الوطني في مُدن أمريكية، في محاولة لاستبدال النظام العسكري بالقانون المدني؛ ولفت أيضاً إلى تعهُّد ترامب باستخدام الإغلاق الحكومي للحدّ من البرامج والمبادرات التي يدعمها الديمقراطيون.
ونبّه صاحب المقال إلى أن ترامب عندما يعاقب الديمقراطيين على معارضتهم لإدارته إنما يضرّ بملايين انتخبوه لكنهم يعيشون في ولايات ذات غالبية ديمقراطية – مثل نيويورك وإلينوي وكاليفورنيا.
وفي هذا الصدد، لفت الكاتب إلى أن ترامب ربما لا يُلقي بالاً إلى حقيقة أن أعداد الذين انتخبوه في لوس أنجلوس يفوق عدد الذين انتخبوه في ولاية أوكلاهوما.
ونبّه صاحب المقال إلى أنه "من غير الممكن تقسيم الولايات المتحدة إلى فِرَق "حمراء" و"زرقاء"، قائلا إنه على الرغم من تفضيل معظم الأمريكيين للانتماء إلى حزب، إلا أنهم في واقع الأمر لا يعيشون مجتمعات منفصلة".
وعليه، رأى الكاتب أنّ الجهود التي يبذلها ترامب على صعيد معاقبة خصومه السياسيين ستضرّ كل الأمريكيين؛ فالمجتمعات تنهض معاً وتتراجع معاً.
وخلص جاميل بْوِي إلى القول إن "ترامب يسقي حُلمه بالمَلكية والحُكم المطلق بسياسة التفرقة".
ننتقل إلى صحيفة التايمز البريطانية، التي نشرت افتتاحية بعنوان "ترامب كان مُحقاً في إلغاء قمة بوتين".
وقالت الصحيفة إن ترامب اتخذ قراراً حكيماً بإلغاء قمة كان مُخططاً لانعقادها في بودابست مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ورأت التايمز أنّه من الواضح عدم وجود نيّة جادّة لدى موسكو في التفاوض على وقف إطلاق النار، فضلاً عن التوصّل لاتفاق سلام دائم مع أوكرانيا.
وقالت الصحيفة إن ترامب أدرك أنّ قمةً أخرى "فارغة" على غرار قمة ألاسكا كفيلةٌ بأن تعرّضه للسخرية وتتركه هدفاً لاتهامات طالما لاحقتْهُ مفادها أنه يتعرّض للاستغلال من جانب بوتين.
ورأت التايمز أن قرار إلغاء قمة بودابست يعتبر خبراً مريحاً للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي لم يكن اجتماعه الثالث مع ترامب في البيت الأبيض أفضل كثيراً من اجتماعه الأول.
واعتبرت الصحيفة أن الاجتماع الأخير بين زيلينسكي وترامب، رغم ذلك قد أثبت أمراً واحداً: هو أن روسيا لن تسعى إلى التفاهم إلا في حالة واحدة هي أنْ تواجه تهديداً يتمثل في تزويد أوكرانيا بأسلحة معيّنة تخشاها موسكو أكثر من غيرها.
هذه الأسلحة الأمريكية، بحسب التايمز، هي صواريخ توماهوك بعيدة المدى؛ والتي يمكن أن تصل إلى العاصمة موسكو وتُلحق ضرراً بالغاً بالقواعد العسكرية، وبمصافي النفط، وبالمصانع التي تنتج آلاف المسيّرات.
وقالت الصحيفة البريطانية إن "روسيا تفهم لغة القوة، وتحتقر النوايا الحَسنة المتفائلة -التي يظنّ ترامب بلا أي شواهد تدعم هذا الظن- أنّها يمكن أن تُنهي الحرب".
واختتمت التايمز بالقول إن "الوقت قد حان لإظهار الحزم مُجدداً".
ونختتم جولتنا من صحيفة ميرور البريطانية، التي نشرتْ مقالا بعنوان "القوات البريطانية في مهمّتها الصعبة لمساعدة حِفظ السلام في غزة يجب أنْ تتذكر دروس العراق"، بقلم محرر شؤون الدفاع والأمن كريس هيوز.
ورأى الكاتب أن قرار إرسال جنود بريطانيين إلى الشرق الأوسط للمساعدة في حفظ السلام بغزّة ليس بالقرار السهل.
وأشار هيوز إلى تجربتَي العراق وأفغانستان المريرتَين، قائلا إنّ ذكريات هاتين التجربتين غير البعيدتَين ستزيد صعوبة هذه المهمة سواء على السُكان المحليين أو على القوات المُرسلة لأداء تلك المهمة.
ورأى الكاتب أن معظم الاضطرابات التي تشهدها المنطقة تدور حول غزة من قديم، ثم حديثاً بالحرب الأخيرة التي وضعتْ إسرائيل في مواجهة على جبهات متعددة.
ورجّح هيوز أن يكون عدد الجنود البريطانيين في هذه المهمة ضئيلا، بالكاد يتجاوز الخانتين، وأن يكون على رأسه قائدان برتبة لواء، وأن تتركّز مهمّتهم في المساعدة في الخدمات اللوجستية، ولن تُوكل إليهم في الغالب مهمّة قيادة عملية حفظ السلام.
"لكنْ مع ذلك، يمكن بسهولة أن تنتهي بهم الحال في قلب صراع دمويّ يقسّم المنطقة، لا سيما ورماد الحرب لم يبرد بعدُ؛ ولا تزال أنقاض غزة مفخخة بالمتفجرات وبالجثث المدفونة على السواء"، حسبما استدرك صاحب المقال.
ولفت هيوز إلى أن جثث 13 رهينة إسرائيلية لا تزال في غزة، وأن الأمر قد يستغرق شهورا للعثور عليها، ورأى أنّ ذلك من شأنه أنْ يُبقي التوتّرات مُحتدّة وأنْ يُعيق التقدّم البطيء صوب عملية السلام.
وقال الكاتب البريطاني: "ينبغي أن نتذكر أن 457 جندياً بريطانيا لقوا مصرعهم في أفغانستان على مدى 20 عاماً من انتشارهم هناك، وأن 179 جندياً بريطانياً آخرين لقوا مصرعهم في العراق خلال الفترة ما بين 2003 و2009".
وأضاف صاحب المقال بأن إسرائيل لديها مصلحة كبيرة في تشجيع البريطانيين على الانخراط بشكل أكبر في الصراع وعلى المشاركة في أيّ مهمّة سلام أو إعادة إعمار، لكنْ ما أنْ يطأ الجنود الأرض بأقدامهم -كما حدث في سوابق عِدّة- يكون من الصعب للغاية إخراجهم، أو إمدادهم بالمزيد من الجنود".