آخر الأخبار

بعد دعوة "قطع رأس الأفعى".. هل يسير لبنان نحو مواجهة عسكرية؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

نواف سلام يبدي استغرابه من تشكيك براك في جدية حصر السلاح

يعيش لبنان هذه الأيام على وقع تصعيد متصاعد تتقاطع فيه التصريحات الأميركية والإسرائيلية مع ردود الفعل الداخلية المتباينة، ما يعيد إلى الواجهة سؤالا قديما: هل يسير لبنان نحو مواجهة عسكرية جديدة، بغطاء أميركي هذه المرة، قد تكون أشد خطورة من كل ما سبق؟

التصريحات الأخيرة للمبعوث الأميركي إلى بيروت، توم باراك، والتي دعا فيها إلى "قطع رأس الأفعى" في إشارة إلى إيران، وحث الجيش اللبناني على نزع سلاح حزب الله بالقوة، فجّرت عاصفة من ردود الأفعال السياسية والإعلامية.

خطاب بدا صريحا إلى حدّ التجاوز، إذ لم يكتفِ بالضغط الدبلوماسي المعتاد، بل حمل تهديدا مبطنا بإعادة خلط الأوراق اللبنانية الداخلية على وقع احتمال تدخل إسرائيلي واسع النطاق.

ردود لبنان جاءت متباينة: رئيس البرلمان نبيه بري رد بلهجة حادة، رافضا تحويل الجيش اللبناني إلى "حارس حدود لإسرائيل"، بينما رئيس الحكومة نواف سلام بدا أكثر هدوء، مكتفيا بالتعبير عن "استغرابه" من تصريحات باراك.

أما المحلل السياسي فيصل عبد الساتر فذهب أبعد من ذلك، معتبرًا أن كلام المبعوث الأميركي يشكّل "انتهاكًا للسيادة الوطنية" وانحيازا صريحا لإسرائيل، محذرا من خطورة الانجرار نحو حرب أهلية.

التقرير التالي يحاول تفكيك المشهد عبر 3 محاور رئيسية: الموقف الأميركي والإسرائيلي، ردود الفعل اللبنانية الرسمية والسياسية، ثم قراءة تحليلية لنتائج التصعيد واحتمالات المرحلة المقبلة.

الموقف الأميركي والإسرائيلي.. من الوساطة إلى التحريض

لم يكن كلام توم باراك عابرا. الرجل الذي حلّ محل مورغان أورتاغوس مؤقتا في موقع حساس، اختار أن يعلن بوضوح موقفا يعكس، بحسب مراقبين، توجه الإدارة الأميركية الحالية بقيادة دونالد ترامب.

باراك قال بصراحة إن الجيش اللبناني "ليس مجهزا" لمهمة نزع سلاح حزب الله، لكنه شدد على أن هذه المهمة ضرورية، داعيا إلى "قطع رأس الأفعى"، في إشارة مباشرة إلى إيران التي يرى أنها تموّل وتدعم الحزب.

اللافت أن كلامه لم يترك مجالًا للتأويل، فهو لم يكتفِ بمطالبة الحكومة اللبنانية بحصر السلاح، بل أشار إلى أن المطلوب تدخل مباشر من الجيش، ما يعني عمليًا دفع المؤسسة العسكرية إلى مواجهة داخلية لا يمكن التكهن بنتائجها.

هذه اللغة تلتقي مع تصعيد إسرائيلي متواصل. إسرائيل تعتبر أن أي تسوية في لبنان لا تكتمل من دون تفكيك قدرات حزب الله العسكرية، وهي ترى أن الوقت مناسب لفرض وقائع جديدة، خاصة مع انشغال العالم بالحرب في غزة وسوريا.

ومن هنا، فإن دعم واشنطن العلني قد يُقرأ كتمهيد سياسي لأي عملية عسكرية إسرائيلية محتملة على الأراضي اللبنانية.

التهديد بعملية "شرسة" ضد حزب الله ليس جديدا، لكن الجديد هو ربطه العلني بالجيش اللبناني، الذي تريد واشنطن وتل أبيب تحميله مسؤولية مواجهة الحزب.

هذا الموقف يطرح إشكالية كبرى: إذا كان الجيش عاجزًا عن إزالة صور حسن نصر الله وهاشم صفي الدين عن صخرة الروشة، كما أشار منتقدو الحكومة، فكيف يمكنه نزع سلاح حزب الله بالقوة؟.

بمعنى آخر، قد يكون كلام باراك محاولة لإعداد الرأي العام اللبناني والدولي لقبول فكرة أن "البديل الوحيد" هو تدخل إسرائيلي مباشر، بحجة أن الدولة اللبنانية لا تملك القدرة أو الإرادة على القيام بهذه المهمة.

المواقف اللبنانية.. بين الرفض والاستغراب

رئيس مجلس النواب نبيه بري كان الأوضح في رده، إذ رفض توصيف براك للحكومة والجيش والمقاومة، واعتبر أن هذه التصريحات "مناقضة" لما سبق أن قاله المبعوث نفسه. بري شدد على أن الجيش اللبناني "لن يكون حرس حدود لإسرائيل"، مؤكدًا أن سلاحه "ليس سلاح فتنة"، بل وسيلة لحماية السيادة الوطنية.

رد بري يحمل أكثر من رسالة. أولها الدفاع عن دور الجيش كمؤسسة وطنية جامعة، ورفض زجه في صراع داخلي مع حزب الله. ثانيها التمسك بمعادلة "الجيش والشعب والمقاومة"، التي ما زالت رغم الجدل تمثل صيغة توازن قوى داخلية.

نواف سلام: "استغراب" أكثر من رفض

في المقابل، بدا رئيس الحكومة نواف سلام أكثر تحفظًا. إذ عبّر عن "استغرابه" من كلام باراك، مؤكدًا التزام الحكومة بالبيان الوزاري وحصر السلاح بيد الدولة. سلام شدد على أن الجيش يقوم بمهامه في حماية السيادة، داعيا المجتمع الدولي إلى تكثيف دعمه للمؤسسة العسكرية والضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها.

لكن هذا الخطاب بدا للبعض ضعيفًا، إذ اكتفى بالاستغراب بدل الإدانة، ما جعله عرضة لانتقادات قاسية. بالنسبة لفيصل عبد الساتر، كان الأجدى أن يعلن سلام رفضا صريحا لهذه التصريحات، لأنها "تمس الكرامة الوطنية" وتتجاوز حدود الوساطة الدبلوماسية.

لبنان على شفير المواجهة

في قلب أجواء إقليمية مشحونة بالتوترات والتحولات الدبلوماسية، أثارت التصريحات الأخيرة للمبعوث الأميركي توم باراك بشأن لبنان صدمة واسعة وموجة جدل على المستويين المحلي والعربي.

الكاتب والباحث السياسي فيصل عبد الساتر وصف هذه التصريحات بأنها تجاوزت كل الأطر الدبلوماسية والأخلاقية المتعارف عليها، مؤكدًا أنها تهدد كرامة الدولة اللبنانية وسيادتها، وتضع لبنان أمام اختبار حقيقي لقدرة مؤسساته على حماية قراره الوطني.

في مقابلة حصرية لبرنامج "التاسعة" على سكاي نيوز عربية، قدم عبد الساتر قراءة تحليلية دقيقة لما أسماه "تجاوز الدور الوسيط" من قبل المبعوث الأميركي، موضحًا أن باراك لم يعد مجرد صوت دبلوماسي محايد، بل أصبح ممثلًا لمطالب طرف خارجي محدد، وهي إسرائيل، على حد وصفه.

هذا الانحياز، بحسب عبد الساتر، يحول لبنان إلى ساحة ضغط مفتوحة، ويجبر الدولة على مواقف خارجية وأمنية لا تخدم سوى أجندات أجنبية، ما يضع الجيش اللبناني والمؤسسات الوطنية أمام تحديات شبه مستحيلة.

وأضاف عبد الساتر أن الانحياز الأميركي لا يقتصر على لبنان وحده، بل يعكس سياسة عامة تجاه المنطقة العربية، حيث يتم تقديم الدعم الكامل لإسرائيل على حساب الحقوق والمصالح الوطنية للفلسطينيين واللبنانيين.

واستشهد بعدم توقف الحرب على غزة رغم وعود سابقة، معتبرًا أن هذا استمرار للنهج الذي يتجاوز أي مراعاة للحقوق أو مصالح العرب، ويضع لبنان أمام ضغوط مستمرة ومتصاعدة.

لكن ما يثير القلق الأكبر، بحسب تحليله، هو الطابع الصريح للتهديد الذي تحمله تصريحات باراك، والتي يجب قراءتها على أنها استنكار يضع سيادة لبنان وكرامته على المحك.

فالضغط المباشر الذي يمارسه الخارج على الجيش اللبناني لمواجهة حزب الله، وفق عبد الساتر، يجعل من مهمة الدولة الدفاع عن سيادتها تحديًا شبه مستحيل، ويطرح تساؤلات حادة بشأن قدرة المؤسسات الوطنية على الصمود أمام تدخلات مستقبلية أكثر شدة.

وحذر عبد الساتر من أن أي قبول بهذا الهوان سيدفع بالتصريحات نفسها إلى مستويات أعلى وأكثر خطورة، ما يفتح الباب أمام مزيد من التدخلات الخارجية ويهدد الاستقرار الداخلي للبنان.

وأوضح أن الخطاب الأميركي الحالي ليس مجرد رسائل دبلوماسية عابرة، بل يعكس استراتيجية تهدف إلى خلق أجواء توتر وحرب داخلية محتملة، تحت ستار الوساطة، ما يجعل من موقف لبنان الحازم والواضح ضرورة استراتيجية لضمان حماية السيادة والكرامة الوطنية.

في هذا السياق، يبدو لبنان على شفا لحظة فارقة، تتطلب يقظة قصوى وفهمًا دقيقًا لكل دلالة من دلالات التصريحات الأميركية، بما يحفظ استقلال القرار الوطني ويصون القدرة على مواجهة أي ضغوط خارجية دون التنازل عن سيادته أو كرامته.

حزب الله.. المستهدف المباشر

الحزب بدوره يدرك أن الضغوط تتزايد. رفع الصور على صخرة الروشة بدا تحديًا رمزيًا للدولة، لكنه يعكس في العمق ثقة بميزان قوى لا يزال في صالحه. أي محاولة لانتزاع سلاحه بالقوة ستواجه برد فعل عنيف، وقد تجر البلد إلى مواجهة مفتوحة مع إسرائيل.

الداخل اللبناني.. الانقسام المستمر

الانقسام بين خطاب بري الحاد وخطاب سلام المتحفظ يعكس مأزق الدولة اللبنانية. فبدل وحدة الصف في مواجهة التهديد الخارجي، ينكشف الخلاف مجددًا حول العلاقة مع حزب الله ودور الجيش. هذا الانقسام قد يضعف الموقف اللبناني الرسمي في مواجهة الضغوط الدولية.

في ضوء ما سبق، يبدو لبنان واقفًا على حافة معقدة بين الحفاظ على سيادته وحماية مؤسساته، وبين ضغوط خارجية متصاعدة قد تفرض عليه خيارات صعبة. تصريحات المبعوث الأميركي توم باراك تحمل إشارات تحذيرية واضحة، وإن تجاهلها أو التعامل معها بالاستغراب وحده قد يفتح الباب لمزيد من التدخلات والتهديدات.

المستقبل القريب للبنان مرهون بقدرته على توحيد المواقف الداخلية، وتعزيز دور الجيش في حماية السيادة دون الانجرار لصراعات مفتوحة، وفي الوقت نفسه مواجهة الضغوط الإقليمية والدولية بحزم ووعي، لضمان أن تبقى الدولة اللبنانية حامية لشعبها وليس ساحة لتصفية حسابات خارجية.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا