نبدأ جولة الصحف من افتتاحية صحيفة "تشاينا ديلي" الصينية، التي قالت إن هناك تحولاً بارزاً في مواقف دول غربية من الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، حيث أعلنت دول توصف بالداعمة التقليدية لإسرائيل والشركاء الرئيسيين للولايات المتحدة، مثل أستراليا وكندا وفرنسا والبرتغال والمملكة المتحدة، عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وبينما أشارت الصحيفة إلى وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخطوة بأنها "مكافأة هائلة للإرهاب"، قالت الافتتاحية إن هذه التصريحات "مجرد محاولة لتغيير المعايير القائمة". مشيرة إلى أن هذه الدول تنضم إلى قائمة متزايدة من الدول التي تعترف بفلسطين، حيث أن أكثر من ثلثي أعضاء الأمم المتحدة قد فعلوا ذلك.
توضح الافتتاحية أن السبب المباشر لهذا التغير في المواقف الغربية هو "العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة في غزة التي تجاوزت حدود الرد المشروع على هجمات حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023"، وأن هذا القرار يعكس "عدم استعداد المجتمع الدولي للوقوف مكتوف الأيدي أمام تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة".
وتضيف الصحيفة أن "الغرب مال لفترة طويلة إلى انتقاد فلسطين والتعبير عن التعاطف مع إسرائيل، لكن تصاعد الأزمة الإنسانية والاتهامات الموجهة لإسرائيلي بالإبادة والتطهير العرقي، أثار تحولات واضحة في الرأي العام".
من جهة أخرى، تسلط الافتتاحية الضوء على ما وصفته بالفجوة المتنامية بين الولايات المتحدة وتلك الدول حول القضية الفلسطينية. ووفقاً للصحيفة فإن هذا التباين ظهر جلياً مع كون الولايات المتحدة العضو الوحيد في مجلس الأمن الذي استخدم حق النقض (الفيتو) ضد قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة.
وترى الصحيفة أن الولايات المتحدة "تجد نفسها معزولة مع إسرائيل"، فيما يعكس اعتراف تلك الدول الغربية بفلسطين "اتفاقاً متزايداً على تنفيذ حل الدولتين".
وتشير إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت مؤخراً قراراً يسمح لفلسطين بالمشاركة في دورتها الثمانين، رغم رفض الولايات المتحدة إصدار تأشيرات لبعض ممثلي فلسطين، ما يعكس "التزام المجتمع الدولي بضمان تمثيل فلسطيني فعّال".
وقالت الصحيفة إنَّ "عدوان إسرائيل، بما في ذلك عملياتها العسكرية في سوريا ولبنان وإيران، فضلاً عن الهجمات الأخيرة داخل قطر، جعلها أكثر عزلة، وأبرز اعتمادها المتزايد على الدعم الأميركي".
ووفقاً للصحيفة فإن على الولايات المتحدة "إعادة تقييم سياساتها في الشرق الأوسط"، مشددة على ضرورة "اتخاذ قرارات تحترم الحياة والتاريخ"، معتبرة أن "حل الدولتين ليس خياراً بل ضرورة تتطلب التحرك".
واحتتمت الافتتاحية بالإشارة إلى "دعم الصين الدائم والحازم للقضية العادلة للشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه الوطنية المشروعة... ووقف إطلاق النار وحل الدولتين"، ومعارضة الصين لأي إجراءات أحادية تقوّض أساس حل الدولتين مع تأكيدها على أن لكل من إسرائيل فلسطين الحق في إقامة دولة، وفق الصحيفة.
في مقال نشرته صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، يسلط كاتب المقال السفير الفرنسي السابق في الجزائر كزافييه دريانكور الضوء على ظاهرة سياسية ودبلوماسية مميزة في فرنسا خلال العامين الأخيرين، إذ اتخذ الرئيس إيمانويل ماكرون مبادرتين كبيرتين في فترة شهدت حكومات "مستقيلة" أو "مكلفة بتصريف الأعمال"، ما يثير تساؤلات حول مدى صلاحية هذه القرارات ومسؤولية تحمل نتائجها، وفقاً للكاتب.
يشير دريانكور إلى أن "المحللين والصحفيين يعلقون على صعوبات تشكيل الحكومات المتعاقبة منذ تجربة حل البرلمان في يونيو/حزيران 2024، لكن لم يلحظ أحد نقطة مهمة: هاتان المبادرتان الدبلوماسيتان الكبريان تم اتخاذهما في فترات حكومات مستقيلة مكلفة بتسيير الأعمال اليومية".
المبادرتان المقصودتان هما: اعتراف فرنسا عام 2024 بالمخطط المغربي بشأن الصحراء الغربية، واعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية في 2025.
يقول الكاتب إن قرار الاعتراف بالمخطط المغربي ترك أثراً عميقاً وأدى "عملياً" إلى "قطع العلاقات بين باريس والجزائر" إذ تم "إيقاف إصدار التصاريح القنصلية" فضلاً عن"غياب سفير جزائري في باريس وسحب السفير الفرنسي من الجزائر للتشاور".
أما بخصوص الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فيرى دريانكورأن نتائجه قد تؤدي إلى "استثمار هذا الموقف من جانب حركة حماس، واعتباره في الداخل الفرنسي انتصاراً لليسار واليسار المتطرف... واحتمال حدوث اضطرابات داخلية (خصوصاً مع رفع الأعلام الفلسطينية فوق مباني البلديات)، وإغلاق محتمل لقنصلية فرنسا العامة في القدس، وأخطر من ذلك، تصاعد ملموس لمعاداة السامية في فرنسا، تُغذّيها أطراف في أقصى اليسار. ويزداد المشهد رمزية مع تزامن الإعلان في يوم عيد رأس السنة العبرية".
ويضيف الكاتب أنه ليس بصدد إصدار حكم على هذين القرارين، لكنه يشير إلى ناحية قانونية تتمثل باتخاذ كلا القرارين خلال فترات حكومات مستقيلة، ويقول إن مفهوم "تصريف الأعمال" غير منصوص عليه في الدستور الفرنسي، بل يقوم على تقاليد الجمهورية وعلى اجتهادات مجلس الدولة والمجلس الدستوري، يُفهم منه أن الحكومة في هذه الحالة لا تملك الصلاحيات الكاملة للحكومة العادية، وعليها الامتناع عن اتخاذ قرارات سياسية كبرى أو طويلة الأمد إلا في حال الطوارئ، واصفاً القرارين في الحالتين بغير العاجلين، وفقاً للكاتب.
ويختم دريانكور مشيراً إلى أنه "حتى لو اعتبرنا أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو اختصاص حصري للرئيس، فإن مسؤولية تحمل النتائج المترتبة تقع على الحكومة، التي في هذه الحالة، حكومة مستقيلة".
في تحليل نشرته صحيفة "ذا تلغراف" البريطانية، يعبر كبير معلّقي الشؤون الخارجية الكاتب ديفيد بلير عن قلقه المتزايد من تصرفات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي يرى أنها تعرض أمن حلف الناتو للخطر من خلال "تهاونه المستمر مع روسيا" و"تجاهله للواقع".
يبدأ بلير مقاله متسائلاً عن مدى إمكانية الاعتماد على ترامب، رغم تلبية معظم مطالبه، في ظل تهديدات مباشرة لطائرات ميغ الروسية وطائرات الدرونز لأجواء دول الناتو الحدودية. حاثاً الحكومة البريطانية على تبني "واقعية باردة" تتجاوز الاحتفالات الرسمية واللقاءات الدبلوماسية مع الرئيس الأمريكي.
يستعرض الكاتب سلسلة من القرارات والتصريحات لإدارة ترامب أبرزها عدم تمويل مبادرة الأمن في دول البلطيق، وهي خطوة وصفها بلير بأنها قللت من دعم الولايات المتحدة لأكثر أعضاء الناتو تعرضاً للخطر. ويعلق الكاتب قائلاً: "هذا القرار رسالة إلى بوتين كانت أن التزام أمريكا بدفاع الحلف ليس بصلابة ما أعلن في القمة".
ويشير إلى حادثة اختراق أكثر من 20 مُسيّرة أجواء بولندا، معتبراً أن العملية الدفاعية للناتو كانت نموذجية في التعاون بين الطيارين والأنظمة الدفاعية المتعددة، لكنها سرعان ما تحولت إلى قصة ضعف بسبب رد ترامب، الذي وصف الحادث بـ "قد يكون خطأ"، متجاهلاً تقييم بولندا التي اعتبرت الحدث "تجاوزاً للخطوط"، وفقاً للكاتب.
يرى بلير أن تصرفات ترامب تشجع بوتين على تصعيد حملته ضد الناتو، التي تتسم بـ"المنطقة الرمادية" التي تحاول تفادي الحرب المفتوحة واختبار دفاعات الحلف.
ويقول بلير في مقاله إن كل عملية استنزاف أو استفزاز روسي تهدف إلى "تقسيم الناتو وزرع الشكوك حول التزام أمريكا بالدفاع عن حلفائها"، مضيفاً أن "ترامب، بسلوكه غير المتوقع وعدم إيمانه بالتحالفات، يخدم مصالح بوتين ويعرض الأمن العالمي للخطر".
ويختم قائلاً: "يمكنك أن تكرم ترامب، أن تمدحه، أن تنفق أكثر منه على الدفاع، لكنك لا تستطيع تغييره أو تغيير معتقداته، وهذا في النهاية ما يعرضنا جميعاً للخطر".