آخر الأخبار

تحديات تواجه حكومة نيبال الجديدة

شارك





كتماندو – لا تزال نيبال تشهد تبعات الاحتجاجات الشعبية التي أدت لسقوط الحكومة فيها، لكنها انتقلت هذه المرة من الميدان إلى أروقة الحكومة والبرلمان الذين حلَّه الرئيس النيبالي، وهو ما عارضته الأحزاب السياسية، بالرغم من تأكيدها المشاركة في الانتخابات القادمة التي حددها الرئيس.

وفي الوقت ذاته، انتقدت حركات الشباب، لا سيما من جيل زد ، التي خاضعت الاحتجاجات عدم إشراكها في الحكومة الانتقالية الجديدة التي تم تعيينها والاستجابة لمطالبهم، خاصة التحقيق في مقتل المتظاهرين وقضايا الفساد، ورفض أن تكون الطبقة الحاكمة ممن احتجوا ضدها.

وكانت نيبال الثالثة في سلسلة الدول التي أطيح بحكوماتها في جنوب آسيا بعد سريلانكا ، و بنغلاديش ، اللتين فرَّ رئيسا حكومتيهما.

ضد الفساد

لكن ما يُميز سيناريو نيبال هو استقالة رئيس وزرائها وحكومتها، خلال أقل من 48 ساعة من اندلاع الاحتجاجات ضدها، على عكس سريلانكا وبنغلاديش، حيث واصل المتظاهرون احتجاجاتهم لأسابيع.

وانطلقت الاحتجاجات ضد حكومة نيبال يوم 8 سبتمبر/أيلول الجاري، بعد حظر مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد، التي يفوق تعداد سكانها 30 مليون نسمة، وجاء الحظر -وفق الحكومة- بسبب عدم تسجيل المواقع في الهيئة الحكومية المعنية.

وفي ظل انتشار حالة الغضب بأنحاء البلاد، ومقتل وإصابة عشرات المتظاهرين، واستقالة وزراء من الحكومة تنديدا بالتعامل القاسي مع المحتجين، استقال رئيس الوزراء شارما أولي، بعد يوم فقط من انطلاق التظاهرات، وكان أولي، زعيم الحزب الشيوعي النيبالي (الماركسية اللينينية الموحدة) يقود حكومة ائتلافية مع حزب المؤتمر النيبالي.

ويعتقد المتظاهرون من "جيل زد" الذين قادوا الاحتجاجات في البلاد الواقعة على سلسلة جبال هيمالايا، وتحدثت معهم الجزيرة نت، أن حظر منصات التواصل كان مجرد نقطة انطلاق، ولكن الاحتجاجات جاءت بسبب فساد الساسة وحلفائهم، وعدم قدرة الحكومة على إدارة شؤون البلاد.

إعلان

وقالت المتظاهرة من جيل "زد" بوانا غميري، التي تمثل حركة "ماركسست أووتلوك" الماركسية، للجزيرة نت، "كان التفاوت بين نمط الحياة المترف للسياسيين والبيروقراطيين وأبنائهم، وبين الوضع الاجتماعي المتدني للمواطنيين من الأسباب الرئيسية التي جلبت الشباب إلى الشوارع".

وحسب المحلل السياسي، ونائب رئيس تحرير صحيفة "كاتماندو بوست" تيرا لال بوسال، كانت مطالب جيل زد الرئيسية هي وقف الفساد، والمحسوبية واستغلال خزائن الدولة في نيبال، وأضاف في حديث للجزيرة نت "يطالب جيل زد بالحكم الرشيد، وفرص العمل، والتعليم الجيد، والخدمات الصحية".

مصدر الصورة ملصق ممزق لرئيس الوزراء النيبالي المستقيل بعد أن أطاحت الاحتجاجات الشبابية بحكومته (غيتي)

الحكومة والمعارضة

وإثر استقالة رئيس الوزراء، حلَّ رئيس نيبال رام شاندرا بودل البرلمان، وعين الرئيسة السابقة للمحكمة العليا سوشيلا كاركي رئيسة مؤقتة للوزراء حتى إجراء الانتخابات في مارس/آذار 2026.

ورغم تعيين رئيسة مؤقتة للحكومة، عارضت الأحزاب السياسية، في بيان مشترك، حل البرلمان، وحسب المحلل بوسال، جاءت هذه المعارضة لأن الأحزاب فقدت فرصة التأثير في اختيار رئيس الوزراء بعد حل البرلمان، وأضاف بوسال، للجزيرة نت، "رغم معارضة الأحزاب الأولية، أجمع قادتها على المشاركة في الانتخابات القادمة".

وفي السياق، أكد عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي النيبالي (الاشتراكية الموحدة)، أشيش غميري للجزيرة نت، استعداد حزبه للمشاركة في الانتخابات، مشيرا إلى أن جميع الأحزاب في البلاد، قد توصلت إلى إجماع على تأييد الحكومة الانتقالية لإجراء الانتخابات.

ومن جهة أخرى، أبدت بعض فصائل "جيل زد" خيبة أملها عن عدم تعيين الشباب في مجلس الوزراء الجديد الذي اختارته رئيسة الوزراء المؤقتة كاركي.

وأرجع الناشط السياسي براكاش ديوكوته، في حديثه للجزيرة نت، سبب استياء هذه الفصائل إلى اعتقادها بأنه تم تعيين السياسيين في مجلس الوزراء، من الطبقة السياسية نفسها التي كان "جيل زيد" يحتج ضدها.

أولويات وتحذيرات

فيما ذهب المحلل بوسال إلى القول إن الفرص لا تزال قائمة لاختيار الشباب لمجلس الوزراء، وإن إجراء الانتخابات وتسليم السلطة إلى حكومة منتخبة هي المهمة الرئيسية للحكومة المؤقتة، مشيرا إلى أن الأحزاب السياسية ترى أن العودة إلى النظام البرلماني هي الطريق الأمثل لإعادة البلاد للمسار الصحيح.

وفي السياق نفسه، قال السياسي أشيش غميري "يجب على الحكومة المؤقتة استعادة الدستور النيبالي ليعمل كما كان، وقد جاء نتيجة ثورة شعبية، ويقر حقوق الشعب النيبالي، وكل المحاولات ضد هذا الدستور ستكون مدمرة للبلاد".

يذكر أن نيبال كانت آخر بلد هندوسي تحت النظام الملكي، عندما ألغي النظام عام 2008 بعد ثورة شعبية، وبعدها أُدخل الدستور النيبالي الحالي حيز التنفيذ عام 2015.

مصدر الصورة متظاهر يشعل النار في مركبة خلال احتجاجات ضد الحكومة قبل أيام (غيتي)

وفيما يتعلق بالأولويات المطلوبة من الحكومة المؤقتة، أضاف أشيش غميري "يطالب الشعب بالتحقيق في قضايا الفساد التي تورط فيها السياسيون، وعلى الحكومة المؤقتة تأسيس هيئة معنية لتحقيق هذه القضايا".

إعلان

وأردف "لم يرد قادة الثورة وجيل زد التورط في أعمال شغب، وعلى الحكومة التحقيق بشأن من يقف وراء أعمال الشغب التي استهدفت المبنى البرلماني، ومكاتب رئيس الوزراء والرئيس، والمباني الحكومية الأخرى"، ولفت إلى مقتل أكثر من 70 متظاهرا، ودعا الحكومة المؤقتة للتحقيق في قتلهم.

ومن جهة أخرى، حذر الناشطان ديوكوته وبوانا غميري من أن القوى التي تريد إعادة نيبال إلى النظام الملكي حاولت التسلل إلى الاحتجاجات، لكن الشعب والمتظاهرين لا يريدون الرجوع إليه، حسبهما.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا