في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
أكد مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح أن الصحفيين في قطاع غزة يواجهون أبشع مجزرة في التاريخ، حيث ارتفع عدد الصحفيين الشهداء إلى 244 صحفيًا، مشددا على أن هؤلاء ليسوا مجرد أرقام أو إحصائيات، بل بشر لهم قصص وحكايات وذكريات.
وأشار الدحدوح إلى أن محمد سلامة -الذي اغتالته إسرائيل اليوم- أظهر تصميما كبيرا على البقاء مع زملائه في مجمع ناصر الطبي عندما حاصرته قوات الاحتلال ، وكان من أكثر الناس إصرارا على تغطية الأحداث حتى آخر نفس، لينتقل من موعد زفافه إلى الشهادة.
ووصف المشاهد التي رصدت استهداف المجمع الطبي بأنها مروعة ويُفترض أن تزلزل الجبال وليس فقط الضمائر البشرية، موضحًا أن استهداف المجمع تم بشكل واضح، وعندما هرعت طواقم الإسعاف والدفاع المدني والصحفيون لتغطية ما يجري أو إنقاذ زملائهم، تم استهدافهم أيضًا على مرأى ومسمع من العالم.
وأشار الدحدوح إلى أن بعض الصور لم تُعرض على الشاشة لفظاعتها وصعوبتها، مؤكدًا أن السؤال الذي يؤرق العقول والقلوب والضمائر الإنسانية هو كيفية إيقاف هذه المجزرة و الإبادة بحق الصحفيين كجزء من الإبادة العامة في قطاع غزة.
ودعا المؤسسات الإنسانية والحقوقية والإعلامية والنقابات والزملاء الصحفيين في العالم إلى اتخاذ خطوات جادة، مؤكدًا ضرورة نزول الصحفيين إلى الشوارع للضغط على إسرائيل وإشعارها بأن ساعة المحاسبة اقتربت على هذه الجرائم وفق القانون الدولي ومواثيق الشرف المهني.
ولفت إلى أن إسرائيل تواصل استهداف خيمة الصحفيين في المستشفى مرتين، واصفًا هذا الأمر بأنه لم يحدث في التاريخ من قبل، وأن البشرية كلها مسؤولة أمام هذه الفظاعة والجرائم، والتاريخ لن يُعفي أحدًا من مسؤوليته.
وقال الدحدوح إن الجسد الصحفي يُستنزف يوميًا بسبب هذه الاعتداءات والمجاعة والنزوح والتعب الذي يتجرعه الصحفيون ليل نهار، مؤكدًا أن هذا الأمر لم يسبق له مثيل في التاريخ.
ووصف كيف تغيرت أشكال وأوزان الزملاء الصحفيين بسبب المعاناة، لكنهم حافظوا على الإرادة والعزيمة والتصميم، مشيرًا إلى أن هؤلاء يعملون مع وكالات أنباء أجنبية مثل رويترز ومؤسسات أميركية وبريطانية، ومطالبًا هذه المؤسسات باتخاذ خطوات لحماية من تبقى من الزملاء.
وأكد أن واجب هذه المؤسسات حماية زملائهم الصحفيين الفلسطينيين الذين يتعرضون للاستهداف، كونهم شركاء في الإنسانية وفي المهنة وفي الرسالة، ويجب أن يكونوا شركاء في حماية رسل هذه الرسالة والقائمين على إيصالها.
وفسر الدحدوح استمرار إسرائيل في استهداف الصحفيين رغم الإدانات والخطوات السياسية والملفات أمام المحاكم الدولية، مؤكدًا أن إسرائيل تخشى الدور الذي يقوم به الصحفيون والرسالة التي يحملونها والصور التي هزت مكانة إسرائيل الأخلاقية والديمقراطية المزعومة.
ولفت إلى أن إسرائيل تستخدم تكتيك الاستهداف المزدوج، حيث تستهدف مكانًا معينًا ثم تستهدفه مرة أخرى عندما تهرع الطواقم لإنقاذ الضحايا، وهذا التكتيك شوهد بوضوح في استهداف خيمة الصحفيين.
وكشف الدحدوح عن الجانب الإنساني المخفي وراء صورة البطولة التي يُظهرها الصحفيون، موضحًا أن هناك معاناة لا تستطيع كل عدسات الكاميرا توثيقها، ففي زوايا الشوارع وزوايا النزوح والخيام التي لا تقي حر الشمس ولا برد الشتاء، هناك صور ومعاناة وآلام ودموع غزيرة.
وقال إن الصحفي يحمل كل هذا العبء والرسالة والأمانة ويحاول شحذ ما تبقى لديه من قوة لإيصالها للعالم وتسليط الضوء على المجاعة، لكنه في الوقت نفسه جزء منها ولا يستطيع توثيق معاناته الشخصية.
ووصف كيف ينظر الصحفي لأولاده في كل لحظة ويخاف عليهم أن يأتوا شهداء، وهو يستقبل في نفس الوقت خبر استشهاد زملائه ويخاف أن يكون في مكانهم في أي لحظة، واصفًا هذا الشعور بالقاتل.
ولفت إلى أن الصحفي يسكن فيما تبقى من خيمة ولا يستطيع توفير الطعام والشراب والمأمن والملبس، وأبناؤه يسألونه أسئلة محيرة وصادمة ومتعبة ومحزنة عن متى ستنتهي الحرب وأين الخبز والماء والطعام ولماذا يتم قصفهم ولماذا يعيشون في الخيام.
وأكد الدحدوح أن معاناة الصحفي مضاعفة أضعاف المواطن العادي لأنه موزع بين المعاناة والصعوبات والأخطار التي يواجهها في مهنته ورسالته، وبين خوفه وقلقه ومعاناته الشخصية على زملائه وأسرته، وأولاده وجيرانه وأهله.