نستهل جولتنا الصحفية اليوم بمقال في فاينانشال تايمز يناقش تحديات أوروبا في مواجهة صعود الصين. ثم ننتقل إلى الغارديان التي تركز على تبعات أمر قضائي سرّي بمنع نشر معلومات عن تسريب يهدد حياة أفغان تعاونوا مع بريطانيا.
وأخيراً، نقرأ في نيويورك تايمز مقالاً بعنوان ترامب يفعل "شيئاً لا يريده أحد".
البداية من مقالٍ نشرته صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية بقلم سيمون كيبر بعنوان "ماذا تريد الصين من أوروبا".
يقارن الكاتب بين "تخلّي" الولايات المتحدة عن النظام العالمي الذي أسسته، في حين تقوم الصين ببناء نظامها الخاص، ويطرح تساؤلاً بشأن الطريقة التي ينبغي لأوروبا أن تتعامل بها مع هذا التحول.
يشير الكاتب إلى أن الأوروبيين لم يتخذوا بعد قراراً واضحاً بشأن كيفية التعامل مع الصين، حيث صنفتها واشنطن كـ"العدو الرئيسي"، بينما تعتبر أوروبا روسيا هي العدو الأساسي لديها. وفي الواقع، ساهم غياب عدو مشترك في إبعاد الأوروبيين عن الأمريكيين، بحسب المقال.
وصف الكاتب العلاقة بين الصين وأوروبا بأنها "علاقة قائمة على انعدام الثقة"، مشيراً إلى غياب القيم المشتركة بين الطرفين، على حد تعبيره. ويستعرض الأسباب التي يراها وراء تحوّل الصين في السنوات الأخيرة إلى "تهديد مباشر"، من بينها دعمها للحرب في أوكرانيا، وممارساتها "التجسس" داخل أوروبا، بالإضافة إلى تفوقها التكنولوجي الذي تجاوز القدرات الأوروبية.
وفي إطار تحليله، يشير كيبر إلى أن ما تريده الصين من أوروبا يتمثل، بالدرجة الأولى، في تصدير منتجاتها إلى السوق الأوروبية. ويضيف أن المفارقة تكمن في أن الاقتصاد الصيني، رغم معاناته، لا يزال قادراً على إنتاج تقنيات متفوقة على المستوى العالمي، "نحو 50 في المئة من الاقتصاد الصيني يعاني، بينما يعمل نحو 5 في المئة منه بشكل مذهل".
يشير المقال إلى أن الاتحاد الأوروبي فرض رسوماً جمركية على السيارات الكهربائية الصينية، إلا أن الشركات الصينية بدأت في بناء مصانع لها داخل دول أوروبية مثل المجر. ويلفت إلى أن المستهلكين الأوروبيين يُقبلون على شراء السيارات الصينية الجيدة والرخيصة، والكهربائية.
ويحذّر الكاتب من أن خسارة صناعة السيارات الأوروبية لملايين الوظائف قد تدفع الناخبين "الألمان الغاضبين" نحو التصويت لصالح أحزاب "اليمين المتطرف"، مشيراً إلى أن سيناريو مشابهاً حدث بالفعل في الولايات المتحدة.
يختتم كيبر بالإشارة إلى أن إبرام صفقة تجارية كبرى بين أوروبا والصين يبدو أمراً غير مرجح، نظراً لتحوّل التبادل التجاري بينهما إلى مسار أحادي الاتجاه. ومع ذلك، يرى أن هناك إمكانية لاتفاق محدود في مجال الطاقة المتجددة، وفقاً لما ورد في المقال.
نطالع في صحيفة الغارديان البريطانية مقالاً للكاتب ثيو بورجيس، يستهلّه بالإشارة إلى قيام قاضٍ في المحكمة العليا البريطانية برفع "أمر قضائي بالغ السرّية" كان قد صدر بهدف منع نشر معلومات تتعلق بتسريبٍ عرّض حياة أفغان تعاونوا مع المملكة المتحدة للخطر.
ويشير الكاتب إلى أن هذا الأمر القضائي كان من المفترض أن يظل سارياً بين سبتمبر/أيلول وديسمبر/كانون الأول 2023، لكنه استُخدم لإخفاء تفاصيل "فضيحة وطنية" عن أعين الرأي العام لعدة سنوات، في مثال على استخدام "الأمن القومي" كغطاء قانوني لأزمة سياسية، على حد تعبيره.
ويضيف بورجيس أن أمراً قضائياً كهذا يعد المرة الأولى التي يُمنح فيها بطلبٍ من الحكومة، وهو ما يمثل تحولاً كبيراً في الأدوات التي باتت تملكها الدولة لمنع انتشار معلومات قد تكون ضارة أو محرجة، بحسب ما جاء في المقال.
ويقول إن: "الوسائل القانونية المتاحة للحكومة، مثل ’أمر قضائي بالغ السرية‘ باتت أكثر اتساعاً مما كانت عليه لدى الحكومات السابقة. واستخدام هذا النوع من الأوامر القضائية في سياق الأمن القومي قد يشكل مرحلة جديدة في سعي السلطة التنفيذية إلى الحفاظ على أسرار الدولة".
ويشير المقال إلى أن الدافع الأساسي وراء إصدار هذا الأمر القضائي كان يتمثل في "حماية أرواح الأفغان المعرّضين للخطر". ومن المؤكد أن تسريب بياناتهم فاقم من التهديدات التي تحيط بهم، وكان من الواجب على الحكومة البريطانية أن تتخذ إجراءات لحمايتهم.
ويُثير الكاتب تساؤلات حول كيفية تقييم هذه المخاطر طوال السنوات التي ظل فيها الأمر القضائي نافذاً، وما إذا كان حجب المعلومات عن الرقابة العامة قد ساهم فعلاً في تحسين أوضاع المتضررين.
ويقول بورجيس إن السبب الرئيسي لعدم تمديد الأمر القضائي "جاء نتيجة لمراجعة نائب سابق لرئيس الاستخبارات الدفاعية، خلصت إلى أن وجود شخص ما على القائمة المسرّبة لم يكن ’عاملاً حاسماً‘ في تحديد مدى تعرضه للخطر، بل كان مجرد جزء من صورة أكبر للخطر الذي يواجهه الأفغان الذين تعاونوا مع المملكة المتحدة".
يقول الكاتب: "لقد خانت المملكة المتحدة الأفغان مرة أخرى من خلال هذا التسريب الصادم، والكثير منهم لا يعرف حتى ما إذا كانوا قد تأثروا به".
ويختم الكاتب مقاله بالتأكيد على أن هذه القضية، التي وصفها بأنها غير مسبوقة، تطرح تساؤلات جوهرية حول مدى التزام الدولة بالنزاهة والشفافية أمام القضاء، ومدى إمكانية إخضاع مواقفها في قضايا الأمن القومي للفحص القضائي. ويرى أن هذا سؤال لا بد من الإجابة عليه بشكل عاجل.
وفي مقال رأي في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية للكاتبة ليديا بولغرين، تبدأ صاحبته بالإشارة إلى اتفاق تم توقيعه قبل أيام في البرازيل، اتفاق بين شركات مملوكة للدولة في الصين والبرازيل لبدء خطوات أولى لبناء خط سكة حديد يربط الساحل الأطلسي البرازيلي بميناء عميق يبنيه الصينيون على ساحل المحيط الهادئ في بيرو.
وتشير إلى أنه إذا تم إنجازه، فقد يحوّل هذا الخط الذي يبلغ طوله حوالي 2800 ميل أجزاء واسعة من البرازيل ودول الجوار، من خلال تسريع حركة البضائع من وإلى الأسواق الآسيوية.
وترى بولغرين في ذلك تجسيداً للاختلافات الواضحة في الأساليب التي تتبعها الصين والولايات المتحدة في تصاعد تنافسهما، حيث تقدم الصين دعماً عملياً من خلال بناء خط سكة حديد جديد، بينما يلجأ ترامب إلى "الابتزاز والتدخل السياسي"، على حد وصفها.
ويصف المقال الأشهر الستة الأولى من ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنها مليئة بـ"الدراما والخطر"، ما يفسر سلوكه المتسم بـ"الطيش"، وتُجسده المواجهة مع الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا كحادثة صغيرة لكنها معبرة.
وتشير بولغرين إلى تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية على البرازيل ردّاً على محاكمة الرئيس السابق بولسونارو، واصفاً المحاكمة بأنها "حملة مطاردة" يجب أن تتوقف فوراً.
وهذا الأمر يعمّق المشكلة الجوهرية التي تواجه السياسة الخارجية الأمريكية منذ عقدين، حيث تشير الكاتبة إلى أن ترامب يلجأ إلى التهديدات ونوبات الغضب وفرض الرسوم الجمركية، مما يأتي على حساب المصالح الأمريكية.
وتشير الكاتبة إلى أن الصين تُعتبر الآن، بالنسبة لغالبية صانعي السياسة الخارجية في أمريكا، وحتى ترامب نفسه، قوةً لا يمكن تجاهلها أو تركها دون مواجهة.
وفي المقابل، فإن معظم الدول لا ترغب في اختيار جانب في المواجهة بين قوى عظمى - "فهي تفضّل نظاماً تنافسياً مفتوحاً تقوم فيه الولايات المتحدة بدور مهم، وإن لم يكن الخيار الأوحد".
بالعودة إلى البرازيل، ترى الكاتبة أن البلاد لديها الكثير لتخسره إذا أفرطت في عزل الولايات المتحدة، التي تُعد أكبر مستثمر أجنبي مباشر فيها، وترى أن روابطها مع الصين تمثل رد فعل عكسي على السياسات الأمريكية الحادة.
ورغم الاختلافات الأيديولوجية بين لولا وترامب، إلا أن بينهما مصالح عقلانية مشتركة، لكن ترامب اختار المواجهة، وجزء من حساباته السياسية واضح في ذلك.
وتختم بولغرين مقالها بالتأكيد على أن لولا سيستمر في موازنة القوى بحثاً عن مستقبل أفضل، بينما يبدو أن ترامب متمسك بالـ"هيمنة والتدمير"، ما قد يشكل لحظة الانحدار النهائي في مسار تجاوز أمريكا لما يجب أن تكون عليه - على حد تعبيرها.