في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
المشهد في الجنوب السوري يزداد تأزما، ومع تعقيدات المشهد السياسي تتعمّق حساسية الهُوية والانتماء. بين دمشق والدروز وإسرائيل، يتشابك الواقع، واليوم يبرز طرفٌ رابع على خط الأزمة عشائر البدو، التي دخلت في اشتباكات مع فصائل درزية مسلّحة في محافظة السويداء.
هذه الاشتباكات تُنذر بانزلاق الوضع نحو صِدامات مفتوحة بين مكوّنات النسيج الاجتماعي المحلي، ما يُثير تساؤلات جدّية حول خيارات الدولة السورية للحدّ من هذا التدهور، وكيفية التعامل مع تداعياته الآخذة في التوسّع.
مكونات الأزمة.. تعدد الأطراف
المواجهات الأخيرة التي شهدتها مدينة السويداء لم تكن محض صدفة أو نتيجة توتر آني، بل جاءت بعد انسحاب القوات الحكومية في إطار اتفاق مع مشايخ العقل الدروز، وفق ما أكده الكاتب والباحث السياسي مؤيد غزلان قبلاوي خلال ظهوره في برنامج "الظهيرة" على "سكاي نيوز عربية".
وقال قبلاوي: "تم سحب الجيش السوري والأسلحة الثقيلة من المدينة بناء على اتفاق مع وجهاء السويداء، لكن الفصائل المسلحة هناك خرقت هذا الاتفاق، واعتدت على العشائر البدوية التي تعيش في السويداء منذ القرن السابع عشر".
وأشار إلى أن "الانتهاكات ضد العشائر شملت التهجير والقتل، ما دفع آلاف العائلات إلى اللجوء لمحافظة درعا خوفًا من الانتقام".
التوتر الطائفي.. تهديد للهوية الوطنية؟
قبلاوي رأى أن ما يحدث هو استهداف مباشر لمفهوم "الدولة الوطنية"، وقال: "نحن أمام تهديد كامل للهوية الوطنية السورية، فرفض دخول قوى الأمن إلى السويداء بحجة أنها -قوات غريبة-، يُعدّ رفضا لسيادة الدولة".
لكنه شدد في الوقت ذاته على أن الدولة لا تجرم الطائفة الدرزية ولا تستهدفها، بل تسعى إلى "استعادة القانون والمؤسسات ومنع الفوضى"، بحسب تعبيره.
رواية مغايرة.. السلطة تتلاعب بالمشهد؟
على الطرف الآخر، جاءت مداخلة الكاتبة السياسية السورية ميس الكريدي حاملة رواية مغايرة تماما، إذ اعتبرت أن ما يجري في السويداء ليس صراعا أهليا، بل "نتيجة لتفاهمات مسبقة بين الحكومة السورية وإسرائيل".
وزعمت الكريدي في حديثها لـ"سكاي نيوز عربية": "ما يجري اليوم ليس إلا مسرحية أعدها النظام بالتفاهم مع إسرائيل، لتسليم الجنوب السوري مقابل حفظ ماء الوجه".
وأضافت: "ما يجري هو مشروع لتمزيق النسيج السوري".
غير أن قبلاوي نفى هذا الطرح بشكل قاطع، قائلا: "إسرائيل تقصف مواقع الجيش السوري وتستهدف عناصر الأمن الوطني بشكل يومي، فكيف يُعقل أنها تتعاون مع دمشق؟"
ولم تغب إسرائيل عن مشهد الجنوب، خلال الساعات الماضية، بل إن حضورها كان مباشرا، فقد أعلنت تقديم مساعدات إنسانية إلى الدروز، كما سمحت بدخول محدود للقوات الحكومية إلى السويداء خلال الـ48 ساعة المقبلة لتهدئة الوضع.
وأمام هذا المشهد المعقد، تبدو الحكومة السورية في موقف حرج. فهي من جهة، ترغب بإعادة فرض سيطرتها على كامل الأراضي السورية تحت شعار "الدولة الواحدة"، ومن جهة أخرى، تواجه تحديا كبيرا في استيعاب الأطراف المختلفة دون إشعال المزيد من النيران الطائفية والعرقية.