آخر الأخبار

هل يهدد غياب التمويل مشاركة مصر في بعثة “السلام” بالصومال؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

القاهرة– تشهد عملية الاتحاد الأفريقي لدعم وتحقيق الاستقرار في الصومال "أوصوم" (AUSOM) أزمة تمويلية ولوجيستية معقدة، أثارت انتقادات القاهرة، وتساؤلات عن مستقبل الانخراط المصري المباشر في البعثة، وطبيعة وحجم القوات المشاركة.

وكانت القاهرة قد أعلنت في ديسمبر/كانون الأول الماضي، عزمها المشاركة مدة 5 سنوات في البعثة التي بدأت مهامها الفعلية في يناير/كانون الثاني الماضي في الصومال خلفا لبعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية "أتميس" (ATMIS).

وفي حين تواصل مصر مشاوراتها مع مقديشو في ترتيبات "الشراكة الإستراتيجية" الموقّعة مطلع العام الجاري، يبدو أنها لا تزال "مترددة" في الانخراط المباشر ضمن بعثة "أوصوم"، وفق مؤشرات وتصريحات رسمية وحديث خبيرين للجزيرة نت.

مصدر الصورة السيسي (يمين) وقّع اتفاقية الشراكة الإستراتيجية مع نظيره الصومالي مطلع العام الجاري (مواقع التواصل)

إلى أي مدى يهدد غياب التمويل مشاركة مصر في بعثة "أوصوم"؟

لطالما دعت القاهرة إلى تأمين تمويل دولي "كاف ومستدام" لبعثة "أوصوم" في الصومال ، وشددت في أكثر من مناسبة -وفق الرئاسة والخارجية- على أن مشاركتها مرتبطة بفعالية البعثة وقدرتها على تنفيذ ولايتها.

وفي هذا السياق، يرى الخبير في العلاقات الدولية والأمن القومي اللواء محمد عبد الواحد، أن غياب التمويل يهدد فعليا مشاركة بلاده، التي سبق أن هيأت نفسها لنشر 10 آلاف جندي ضمن البعثة، مشددا على أن بلاده قلقة للغاية تجاه أعباء تمويل المشاركة في البعثة.

وعمل عبد الواحد منسقا لعملية المصالحة الصومالية على مدى عقدين من الزمن، وأشرف على اتفاق القاهرة (1997) الذي وضع الأسس الشاملة للمصالحة الصومالية آنذاك.

وحذر من أن اعتماد الاتحاد الأفريقي على تمويلات المانحين من خارج القارة، خاصة أوروبا، عادة ما تشكل عائقا أمام نجاح بعثات حفظ السلام داخل القارة، كما أعاقت ضغوط المانحين أهداف الأفارقة، بما فيها مبادرة "إسكات البنادق" التي كان من المفترض أن تنتهي في 2020.

إعلان

وعن خيارات مصر تجاه معضلة تمويل "أوصوم"، يرجح اللواء عبد الواحد ثلاثة مسارات:


* انسحاب مصر من البعثة.
* تقليص عدد القوات المشاركة فيها.
* الاكتفاء بالتعاون الأمني الثنائي مع الصومال.

وعن الأسباب التي قد تدفع القاهرة إلى اتخاذ أي من هذه المسارات، يشير إلى:


* صعوبة تحمل أي دولة بمفردها عبء تمويل ونشر قواتها.
* غياب الدعم الكافي للبعثة قد يعرقل توفير المساعدات اللوجيستية في بلد يعاني من دمار خلفته الحروب الأهلية، إضافة إلى إضعاف الفاعلية العملياتية للقوات المشاركة.
* المخاطر العالية التي قد تواجهها القوات المصرية المشاركة في العمليات ضد "تنظيم الشباب"، التابع لتنظيم القاعدة .
* قد تواجه القوات المصرية أيضا تصفية حسابات، سواء من إثيوبيا ، مع وجود جهات ودول ترفض الوجود العسكري المصري في الصومال، حسب قوله.

ويتفق مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون الأفريقية السفير صلاح حليمة مع الطرح السابق، مشددا على أهمية تذليل جهود التمويل، بالنظر إلى اعتبار المكون المصري جزءا أصيلا من البعثة.

وعن معضلة التمويل، يشير حليمة -وهو نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية (غير حكومي)- إلى أنه لم يتم حلها في العموم بعد، قائلا، "إنها أزمة لا تخص مصر وحدها، ولا تزال ترتيبات التمويل الأفريقية والأممية مستمرة".

هل وصلت عناصر مصرية إلى الصومال؟

رغم تأكيد القاهرة دعمها البعثة، لم تعلن بعد عن طبيعة مشاركتها العسكرية الفعلية، حيث لم يكشف الرئيس عبد الفتاح السيسي أو نظيره الصومالي حسن شيخ محمود ، في لقاء جمعهما أخيرا، ما إذا كانت قوات مصرية وصلت فعلا إلى الصومال أم لا.

وحسب بيان للرئاسة المصرية الأسبوع الماضي، فقد ركز لقاء الرئيسين في مدينة العلمين المصرية على تعزيز التعاون الثنائي الأمني والعسكري، إلى جانب متابعة تنفيذ اتفاق الشراكة الإستراتيجية الموقع مطلع العام.

وخلال اللقاء، طالب السيسي بأهمية التنسيق مع الشركاء الدوليين، وضمان توفير تمويل كافٍ، ومستدام، وقابل للتنبؤ لتلك البعثة، بما يمكنها من تنفيذ ولايتها على نحو فعال.

في هذا السياق، يرجح اللواء عبد الواحد والسفير حليمة، وجود عناصر مصرية في الصومال في إطار الاتفاق الثنائي بين البلدين، وليس في إطار بعثة الاتحاد الأفريقي.

ويعزز ذلك، وصول إمدادات ووفود عسكرية مصرية على متن طائرتين عسكريتين على الأقل إلى العاصمة مقديشو في أغسطس/آب الماضي، وسفينة حربية في الشهر التالي عليه، تزامنا مع توقيع بروتوكول التعاون العسكري بين البلدين.

هل رفضت مصر المشاركة في "مهمتين تقييميتين" في الصومال قبل نشر البعثة؟

كشف تقرير نشره موقع "أفريكا إنتليجنس" (Africa Intelligence) الاستخباري الفرنسي، يوم الجمعة الماضي، عن تردد مصر في المشاركة في بعثة "أوصوم"، مشيرا إلى أنه من المرجح أن يطلب الاتحاد الأفريقي من القوات البوروندية البقاء دائما "إذا ظلت مصر مترددة في الانضمام".

وبحسب التقرير رفض الجيش المصري المشاركة في "مهمتين تقييميتين" على الأقل في الصومال، كان من المفترض أن تسبقا عملية نشر البعثة المصرية، وعزا الموقع الفرنسي الأمر إلى أن القاهرة "لم تخف إحباطها إزاء العدد القليل من الجنود المخصصين ونقص التمويل".

إعلان

تعقيبا على ذلك، يعتقد اللواء عبد الواحد، أن القاهرة حين استشعرت دوافع دول كبرى (لم يسمّها) في التحكم بمسار بعثة "أوصوم"، فضلت النأي عن تقييم مهمتها وقواتها في البعثة، دون توفير دعم مالي ولوجيستي لهذه المهمة.

وشدد على أنه تصرف مصري "سليم تماما"؛ مستشهدا بتقارير أممية وأفريقية تشير إلى وجود حاجة عاجلة لتأمين ما يقارب من 170 مليون دولار لدعم المهمة خلال عام واحد، وعليه من الصعب على مصر تحمل جزء من هذا العبء في ظل أزمتها الاقتصادية الراهنة.

وكان مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، شدد في بيان في 3 يوليو/تموز الجاري، على ضرورة أن تقوم مفوضية الاتحاد بالتنسيق مع الأمم المتحدة لاستكمال عملية نشر القوات المصرية، كما دعا إلى توفير أشكال الدعم لاستمرار وجود القوات البوروندية.

ما تأثير الوجود المصري في الصومال على توازنات القرن الأفريقي ؟

يوضح السفير حليمة أن الوجود المصري في الصومال يأتي في إطار بروتوكول الدفاع الثنائي المشترك بين دولتين عضوين في منظمتي الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ، وجاء بناء على طلب صومالي.

ويأتي هذا الوجود -بحسب المتحدث- في إطار الدعم المصري للصومال والحفاظ على سلامة أراضيه وأمنه الداخلي من الجماعات المسلحة من جهة، والانفصالية من جهة أخرى، مشيرا إلى أن "السلوك الإثيوبي" عزز من فرص تشكيل تحالف ثلاثي يجمع القاهرة وأسمرا ومقديشيو.

وفي إشارة إلى إثيوبيا، شدد على أن هذا التحالف الثلاثي، يرفض وجود أيّ دولة غير مشاطئة على البحر الأحمر أو خليج عدن ، سواء عبر إقليم أرض الصومال الانفصالي أو غيره، حسب قوله.

بدوره، يشير اللواء عبد الواحد إلى أهمية الوجود المصري في القرن الأفريقي لحفظ التوازن الإقليمي، في سياق الأهداف التالية:


* تعزيز حضور مصر كقوة إقليمية فاعلة.
* مراقبة النشاط الأمني في الإقليم، الذي يعاني هشاشة أمنية، وصراعات إقليمية ودولية، ونزاعات انفصالية، وفصائل إرهابية مسلحة.
* مجابهة النفوذ الإثيوبي لتوازن القوى بينها وبين شركاء مصر.
* مواجهة توظيف إثيوبيا للأمن المائي في المنطقة، الذي يضر بجميع جيرانها، إضافة إلى انخراطها بأزمات حدودية سواء في منطقة الفشقة بالسودان ، ومثلث بادمي مع إريتريا، وإقليم أوجادين مع الصومال، على حد تقدير اللواء عبد الواحد.
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا