آخر الأخبار

سلاح الفصائل في العراق.. بين شرعية الدولة وولاء طهران

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

العراق.. سلاح الفصائل "شوكة في حلق الاستقرار"

في لحظة تبدو فيها المنطقة على شفا انفجار، تعود إلى الواجهة مجددا عقدة "السلاح غير الشرعي" الذي تحتفظ به الفصائل الموالية لإيران في العراق.

ومع تصاعد الدعوات لحصر السلاح بيد الدولة، كان رد الفصائل المسلحة واضحا: "السلاح خيار استراتيجي لا تفاوض عليه". وفي وقت تتسارع فيه التحولات من غزة إلى لبنان مرورًا بالبحر الأحمر، يبرز سؤال ملح: هل ما يجري توزيع منسق لأدوار الوكلاء الإيرانيين؟ أم محاولة طهرانية أخيرة للحفاظ على "غلاف الردع" الذي بدأ يتشقق منذ 7 أكتوبر؟.. وسط هذا الزخم، تتعزز فرضية أن العراق بات مجددًا في قلب لعبة الأمم، محاطًا بأشباح الحرب ومخاوف الانهيار السياسي.

سلاح الفصائل.. تحدي الدولة أم معركة بقاء؟

تُعد الفصائل المسلحة في العراق، وخاصة كتائب حزب الله، حركة النجباء، وكتائب سيد الشهداء، واحدة من أبرز أذرع إيران في المنطقة، وقد أعلنت بوضوح رفضها أي دعوات لنزع السلاح، معتبرة أن هذا الملف "خارج التفاوض".

في المقابل، جاءت دعوة المرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، لحصر السلاح بيد الدولة، لتُسلّط الضوء على انقسام واضح داخل البيت الشيعي بين مرجعية النجف وحسابات قم.

لكن المثير في هذه اللحظة السياسية والعسكرية أن دعوة السيستاني جاءت متزامنة مع إعلان هدنة مؤقتة بين إيران وإسرائيل بوساطة أميركية، ما يعكس – بحسب مراقبين – إدراك المرجعية لخطورة المرحلة وحتمية تقليص نفوذ الفصائل التي باتت تحرك من خارج الحدود.

يرى الخبير العسكري والسياسي مهند العزاوي، خلال حديثه إلى التاسعة على "سكاي نيوز عربية"، أن إيران تُعيد تحريك أوراقها الإقليمية بعد اهتزاز موقفها التفاوضي، خاصة بعد الضربات التي طالت منشآتها النووية.

ووفقًا للعزاوي، فإن السلاح بيد الفصائل لم يعد مجرد "تحد للدولة"، بل أصبح رأس حربة في لعبة تفاوض دولية تستخدمها طهران لموازنة الضغط الأميركي المرتكز على ثلاثية: النووي، الصواريخ، ودعم الميليشيات.

ويضيف العزاوي أن فتوى السيستاني بتأسيس الحشد الشعبي في 2014 كانت مشروطة بمواجهة " داعش" وضمن إطار عسكري غير سياسي، إلا أن الواقع اليوم يكشف انحرافا واضحا: "الفصائل تمارس نفوذا سياسيا واسعا، وتحتفظ بأسلحة استراتيجية، وبعضها يمتلك مصانع، تمويل، وحتى أجهزة استخبارات مصغّرة"، في إشارة إلى تحوّلها إلى ما يشبه "جيوشًا موازية".

تقاطع الساحات.. من بغداد إلى بيروت وصولا للبحر الأحمر

ليس من قبيل المصادفة – كما يلفت التقرير – أن تزامن التصعيد في المواقف العراقية مع رفض حزب الله في لبنان تسليم سلاحه، واستئناف الحوثيين في اليمن هجماتهم على السفن قرب الحديدة. هذه الفصائل، رغم تباعد الجغرافيا، تتقاطع في مرجعيتها مع الحرس الثوري الإيراني، الذي يدير "شبكة الردع" عبر وكلاء يشكلون ما يسمى بمحور المقاومة.

ووفق العزاوي، فإن التحركات الحوثية في البحر الأحمر واستخدامهم لأسلحة صغيرة وقذائف، "يُشبه لعبة شجرة عيد الميلاد" من حيث إشغال الخصم بوميض متقطع في ساحات متفرقة لتفكيك مركز الثقل الأساسي – أي طهران – عن أي هجوم مباشر.

منطق الردع الإيراني أمام اختبار 7 أكتوبر

أحدث هجوم حماس على إسرائيل، والذي اعتبرته إيران "جزءًا من معادلة الردع"، كشف واقعًا مغايرًا. الرد الإسرائيلي كان ضخمًا، والرد المقابل من الفصائل الأخرى بقي في حدوده الدنيا، ما أطاح – عمليًا – بفكرة وحدة الساحات التي تبنتها طهران لسنوات.

يشير العزاوي إلى أن المعادلة تغيرت: "حزب الله في لبنان تعرض لتجريف شامل، وغزة دمرت، فيما بقيت بقية الفصائل في العراق واليمن في مواقع المشاغبة المحدودة". وهذا التراجع ليس اعتباطيًا، بل يعكس حسابات استراتيجية لدى طهران، تضع في أولويتها الحفاظ على النفوذ السياسي بدل المجازفة العسكرية.

هل تستطيع الدولة العراقية نزع السلاح؟

هنا يطرح العزاوي تشخيصا دقيقا: "نزع السلاح ليس ممكنًا في المدى القريب، لأن هذه الفصائل باتت جزءًا من الدولة العميقة"، مشيرا إلى أنها ممثلة بوزراء ومدراء عامين وفاعلين داخل مؤسسات الدولة، خاصة بعد انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية، وهو ما عزز هيمنة "الإطار التنسيقي" الموالي لطهران.

لكن الأهم، بحسب العزاوي، أن الفصائل ترفض استخدام الأراضي العراقية لضرب القوات الأميركية أو الإسرائيلية حاليا، إدراكا منها أن ذلك سيكون عبئًا على الدولة، ومع ذلك تبقى مستعدة للتحرك متى اقتضت المصلحة الإيرانية، ما يضع العراق بين خيارين كلاهما مر: الرضوخ للواقع أو المخاطرة بالتصعيد.

الحوثيون يعاودون التصعيد.. الشجرة التي تضيء أينما أرادت طهران

في اليمن، عاد الحوثيون لاستهداف السفن في البحر الأحمر، في خطوة اعتبرتها تقارير أمنية بريطانية "منظمة ومقصودة"، حيث أُطلق النار من زوارق صغيرة قرب سواحل الحديدة، ما اعتبره مراقبون "رسالة لإسرائيل وأميركا على السواء".

وتعليقًا على ذلك، شدد مايك هاكبي، المستشار الأميركي لدى إسرائيل، أن "أي طلقة من اليمن هي طلقة من إيران"، ملوّحًا بـ"ضربات محتملة على مواقع الحوثيين"، معتبرًا أن "هدنة ترامب مع الحوثيين باتت مهددة".

هنا يظهر ما يسميه العزاوي بـ"تكتيك شجرة عيد الميلاد"، حيث تُفتح جبهات بشكل غير متزامن من لبنان إلى اليمن، بهدف "إشغال الخصوم وتخفيف الضغط عن إيران".

نتنياهو في واشنطن.. والملف بانتظار الحسم

زيارة بنيامين نتنياهو إلى واشنطن يُتوقع أن تكون لحظة حاسمة، بحسب العزاوي، في تحديد ملامح المرحلة المقبلة، سواء عبر دفع إدارة ترامب نحو التصعيد المنضبط أو تعزيز خط التفاوض مع طهران وفق شروط أكثر صرامة.

ترامب، كما يشير العزاوي، "لا يؤمن بالخسارة، وسيسعى إلى فرض اتفاق نووي جديد بالقوة إن تطلب الأمر، طالما أن أدوات الردع لم تؤت أكلها بعد".

في مشهد تتقاطع فيه البنادق مع الدبلوماسية، والميليشيات مع الحكومات، يقف العراق أمام استحقاق مصيري: إما السير على طريق الدولة الوطنية الجامعة، أو البقاء رهينة لمعادلة الوكلاء التي لم تعد تحمي أحدًا، بل تقود الجميع نحو الهاوية. وفيما تتجه الأنظار إلى واشنطن وطهران، يبقى القرار العراقي مؤجلًا، معلّقًا على ميزان الصراع الإقليمي... وعلى أمل أن لا يُحسم هذا القرار بصوت الرصاص.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا