تدخل المواجهة الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين مرحلة جديدة أكثر حساسية بعد أن تحوّل البحر إلى ساحة مواجهة مباشرة بين القوتين، إذ فرض الطرفان رسوما مرتفعة متبادلة على السفن وملّاكها، في خطوة يرى محللون أنها تنذر بإرباك واسع في تجارة الطاقة والسلع والأسواق الاستهلاكية، وفقا لتقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ".
وأوضحت "بلومبيرغ" أن واشنطن بدأت في فرض رسوم على السفن الصينية بدءا من 14 أكتوبر/تشرين الأول، تنفيذا لقرار أعلنته إدارة الرئيس دونالد ترامب في أبريل/نيسان، لترد بكين بعد أشهر بإجراءات مضادة شملت فرض رسوم ومراقبة مشددة على السفن الأميركية وشركاتها، الأمر الذي فاقم التوتر في واحد من أكثر القطاعات الحيوية للاقتصاد العالمي.
وذكرت الوكالة أن شركة "هانوا أوشن" الكورية الجنوبية، إحدى أكبر شركات النقل البحري في آسيا، كانت من بين المتضررين المباشرين بعدما فرضت بكين عقوبات على وحداتها العاملة في أميركا، مما يعكس اتساع نطاق الصراع ليشمل شركات من دول ثالثة مرتبطة بسلاسل الشحن بين القطبين.
وأضاف التقرير أن تكاليف حجز ناقلات النفط الخام قفزت إلى أعلى مستوياتها خلال العام عقب إعلان الصين رسومها الجديدة على المواني، بحسب بيانات "مؤشر بالتك تانكر" الذي يقيس متوسط أسعار 12 خطا رئيسيا للناقلات.
ويشير محللو "بلومبيرغ" إلى أن هذا التصعيد "ينقل الحرب التجارية من مرحلة الإنتاج إلى مرحلة النقل"، في ظل اضطرار الشركات المالكة للسفن إلى إعادة ترتيب أساطيلها أو تغيير أعلامها أو مساراتها لتفادي العقوبات المتبادلة. ومع ذلك، فإن تلك الحلول المؤقتة "لم تصمد طويلا أمام تسارع الإجراءات الانتقامية".
ويحذّر التقرير من أن استمرار النزاع سيؤدي إلى انقسام سوق الشحن العالمية إلى محورين متقابلين، الأمر الذي سيؤثر على تدفقات النفط والمعادن والبضائع الاستهلاكية، مؤكدا أنه "كلما طال أمد النزاع زاد الضرر الذي سيلحق بالشركات والمستهلكين على حد سواء".
وفي مقارنة لافتة، ذكّرت "بلومبيرغ" بما حدث في أعقاب العقوبات الغربية على النفط الروسي والإيراني، عندما ظهرت "أساطيل مظلمة" من السفن المتهالكة لتسيير التجارة بعيدا عن أعين العقوبات، وهو سيناريو تقول الوكالة إنه "قد يتكرر الآن ولكن على نطاق أوسع وأكثر خطورة".
واختتم التقرير بالإشارة إلى أن تسييس التجارة البحرية بين واشنطن وبكين يُهدد بتحويل البحر المفتوح إلى ساحة نزاع اقتصادي جديد، محذّرا من أن "صناعة الشحن -ومعها مليارات المستهلكين في العالم- ستكون الخاسر الأكبر".