آخر الأخبار

هل تنهي روسيا عسكرة اقتصادها؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

أفضت سنوات من الإنفاق الدفاعي الكبير إلى رهن روسيا بحالة من العسكرة حوّلت المصانع واستقطبت مئات الآلاف من العمال، مما ساعد على منع انكماش الاقتصاد وجعل وقف الحرب مسألة محفوفة بالمخاطر، حسبما ذكر تقرير لوكالة بلومبيرغ.

ووفق التقرير، يرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حاجةً ملحة لقوة قتالية روسية مجهزة تجهيزًا جيدا، ويريد دمج صناعة الدفاع المزدهرة في رؤيته الطويلة المدى.

وبينما يضع خططه وتُنفق أوروبا المليارات على إعادة تجهيز جيوشها ردًا على ذلك، يبقى السؤال: ماذا سيحدث لوفرة الدبابات والصواريخ التي تُنتجها المصانع الروسية؟

استنزاف

قد تتمكن موسكو من تحويل ما يُمثل استنزافًا للميزانية حاليا إلى مصدر دخل مجدٍ من خلال بيع الأسلحة لحلفاء مثل الصين ، لكن مع تراكمها على الحدود الشرقية لحلف الناتو، وزعزعتها العلاقات مع أوروبا، فإنها تُخاطر بأن تُصبح عبئا على اقتصاد يعاني بالفعل من عقوبات ونظام مصرفي متذبذب ونمو متعثر.

كان بوتين نفسه يتطلع إلى ما بعد نهاية الحرب المحتملة خلال زيارة قام بها الأسبوع الماضي إلى أقدم مصنع دفاعي في روسيا، قائلا إن الطلب على الأسلحة لن يتوقف عند هذا الحد.

كان تنامي الإنتاج العسكري الروسي "مذهلًا" وفق التقرير، فقبل اندلاع الحرب مع أوكرانيا عام 2022، كانت روسيا تُخطط لتسليم نحو 400 مركبة مُدرعة في العام التالي، وهي الآن تُشحن 10 أضعاف ذلك.

كما أنها ابتكرت وأطلقت خطوط إنتاج للطائرات المسيّرة بعد أن أصبحت سلاحًا أساسيا في الحرب، وبعد أن اعتمدت في البداية على الواردات من إيران ، أنتجت 1.5 مليون طائرة العام الماضي بزيادة عن 140 ألف طائرة في عام 2023.

مع ذلك، كانت تكاليف الحرب باهظة، وبلغت نفقات الدفاع بين عامي 2022 و2024 ما لا يقل عن 22 تريليون روبل (263 مليار دولار)، وفقًا للبيانات الرسمية المتاحة.

إعلان

ولا يُظهر الإنفاق أي مؤشرات على كبح جماحه خلال السنوات الثلاث المقبلة، مما يؤدي إلى عجز سنوي في ميزانية تعاني أصلًا من ضغوط العقوبات.

ويمكن لروسيا أن تستلهم من آثار الحرب العالمية الثانية من كيفية الاستفادة من مصانعها العسكرية المتوسعة؛ فقد أرسى تحوّل الاتحاد السوفياتي إلى حالة حرب عام 1941 أسسًا ليصبح من أكبر بائعي الأسلحة عالميًا بعد انتهاء القتال، وفقًا لتاتيانا أورلوفا من أكسفورد إيكونوميكس.

وقالت "أصبحت الحرب بين روسيا وأوكرانيا ساحة اختبار عملاقة للأسلحة والتقنيات الجديدة". وبعد انتهاء الصراع أو دخوله مرحلة الجمود، "من المرجح أن يُصدّر كلا البلدين التقنيات والمعدات التي أثبتت نجاحها".

وحسب المحلل الجيواقتصادي أليكس كوخاروف من بلومبيرغ إيكونوميكس فإنه "من غير المرجح أن تُنهي روسيا عسكرة اقتصادها حتى في ظل سيناريو إنهاء الحرب في أوكرانيا. ومن غير المرجح أن تهدأ المواجهة الجيوسياسية الأوسع بين موسكو والغرب.

وسيكون هذا أحد العوامل المساهمة في بقاء جزء كبير من صناعة الدفاع الروسية محافظا على مستويات إنتاج أعلى بكثير من مستويات ما قبل عام 2022، استعدادًا للصراعات العسكرية المحتملة في المستقبل".

تصدير الأسلحة

بعد أن كانت روسيا ثاني أكبر مورد للأسلحة في العالم بعد الولايات المتحدة قبل هجومها على أوكرانيا، تراجعت مبيعاتها في السنوات الأخيرة فقط واستخدمت ما أنتجته في حربها على جارتها، والآن ثمة مؤشرات على أنها قد تعود للظهور.

وتشارك صناعة الدفاع الروسية مجددا في معارض الأسلحة في الهند والصين والشرق الأوسط و أفريقيا ، ولأول مرة منذ 6 سنوات عُرضت الأسلحة الروسية في معارض في ماليزيا والبرازيل، وتشمل العروض مجموعة كاملة من المعدات العسكرية، كما أن نقل التكنولوجيا والإنتاج المشترك مطروحان على الطاولة.

تقول شركة روسوبورون إكسبورت، وهي شركة حكومية لتصدير الأسلحة وتدير حوالي 85% من المبيعات الخارجية، إن الطلب رفع طلباتها إلى مستوى قياسي بلغ 60 مليار دولار، مما يوفر للمصانع طلبًا مضمونًا وعقودا متعددة السنوات.

وتقدّر شركة تحليل تجارة الأسلحة العالمية أن روسيا قد تُصدّر معدات عسكرية بقيمة تتراوح بين 17 و19 مليار دولار سنويا في السنوات الأربع الأولى بعد الحرب في أوكرانيا، مما يشير إلى إقبال دول الجنوب العالمي على الشراء، حيث تسعى دول إلى تجنب الاعتماد على الولايات المتحدة.

وقالت الزميلة البارزة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى آنا بورشفسكايا إن المسؤولين في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سيعتبرون أي اتفاق محدود أو مؤقت يوقف الحرب في أوكرانيا بمثابة ضوء أخضر للاستفادة سريعًا من سلاسل التوريد الجديدة لموسكو.

وتضيف أن أحد الحوافز هو السعر، إذ حققت القفزة في الإنتاج فورات كبيرة في الحجم جعلت بعض المنتجات أرخص مما كانت عليه قبل الحرب.

وهذه الإستراتيجية ليست خالية من العيوب، فسجل طلبات شركة روسوبورون إكسبورت، على الرغم من أنه يمثل احتياطيا كبيرًا في حال تقليص الإنفاق الحكومي، لا يزال أقل من نصف ميزانية الدفاع السنوية، وقد يواجه بعض العملاء المحتملين ضغوطًا من الغرب، كما حدث عندما طلب دونالد ترامب من الهند وقف شراء النفط الروسي.

إعلان

الأكثر من ذلك، بينما ستواصل المصانع العسكرية عملها موفرةً فرص عمل ومساهمةً في التوسع الاقتصادي، سيظل تسريح العمال وخفض الرواتب أمرا واردا، وفقًا لتاتيانا أورلوفا من أكسفورد إيكونوميكس، والتي قالت إن الصادرات لن تولد طلبًا كافيا للحفاظ على تشغيل المنشآت على مدار الساعة كما هو الحال الآن.

ويصرّ بوتين على أن الأموال التي أنفقتها روسيا على إنتاج المعدات العسكرية لم تُهدر سدىً، مشيرًا إلى إدراكه للتحدي المُقبل.

المرحلة المقبلة

للمساعدة في المرحلة الانتقالية القادمة، لا يدعو بوتين إلى زيادة صادرات الأسلحة فحسب، بل إلى توثيق التعاون بين المؤسسات الدفاعية والمدنية.

ويرى أن ما يُسمى بالإنتاج المزدوج الاستخدام ينبغي أن يكون ممكنًا بالفعل لمكونات في قطاعات مثل بناء السفن والطيران والإلكترونيات والمعدات الطبية والزراعة.

لكن بالنسبة لبوتين، فإن العامل الأهم في اتخاذ قراراته هو الحفاظ على جيش جاهز للقتال يُمكنه الاعتماد عليه بعد انتهاء مهمته الحالية، مما يعني أن قدرة الإنتاج المُحسّنة لروسيا باقية.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار