تختلف الأذواق وتتعدد الخيارات في عالم السيارات؛ فهناك من يفضل التصاميم غير التقليدية، وآخرون يميلون إلى الراحة التي توفرها السيارات الأوتوماتيكية. لكن خلال السنوات القليلة الماضية، فرضت السيارات الكهربائية نفسها كلاعب جديد في هذا العالم، وسط حالة من التخوف الطبيعي، الذي يرافق أي تقنية ناشئة.
هذا التخوف بدأ سريعاً بالتلاشي، مع تزايد الإقبال على المركبات الكهربائية بوتيرة متسارعة، مدفوعاً بتطور التكنولوجيا وازدياد الوعي البيئي. وتشير التوقعات اليوم إلى أن عام 2026 قد يشكل منعطفاً حاسماً، وربما يكون "العام الذهبي" لهذا النوع من السيارات.
لكن ما الذي يقف خلف هذا التحول المنتظر؟
الانتقال من سيارة تعمل بالمحروقات إلى أخرى كهربائية لا يزال يشكل تحدياً لكثير من المستهلكين، خصوصاً بسبب ارتفاع الأسعار. ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى كلفة البطارية، التي تمثل الجزء الأغلى في السيارة الكهربائية.
استخدام السيليكون، والليثيوم الحديدي، وتطوير مواد الكاثود، في أحد المصانعصورة من: Moritz Frankenberg/dpa/picture alliance
بحسب دراسة حديثة صادرة عن موقع بلومبرغ، من المتوقع أن تشهد أسعار بطاريات السيارات الكهربائية انخفاضاً مع بداية العام الجديد، ليصل معدل التراجع إلى نحو 3٪ في عام 2026.
وتقول الدراسة أن هذا الانخفاض عائد إلى عدة عوامل، أبرزها ارتفاع حجم الإنتاج في الصين، وزيادة حدة المنافسة العالمية، إضافة إلى الانتشار المتزايد للبطاريات التي تعتمد على مواد أقل كلفة، مثل تقنيات الليثيوم وبطاريات فوسفات الحديد واللثيوم، المعروفة بمستويات أمان أعلى.
كما تسهم التكنولوجيات المبتكرة، مثل استخدام السيليكون وحديد الليثيوم وتطوير مواد الكاثود، إلى جانب تحسين عمليات التصنيع، في خفض التكاليف على المدى المتوسط والبعيد.
وفي هذا السياق، تقول إيفيلينا ستويكو، مديرة فريق تكنولوجيا البطاريات في مزود الأبحاث الاستراتيجية "بلومبر غ إن إي إف" (BloombergNEF ): "نحن أمام لحظة فاصلة في هذه الصناعة، مع تراجع قياسي في أسعار البطاريات، ما يفتح الباب واسعاً أمام انخفاض أسعار السيارات الكهربائية نفسها".
ويُتوقع أن يسهم انخفاض أسعار البطاريات بشكل مباشر في تسريع انتشار السيارات الكهربائية حول العالم، مع بروز الصين كقوة رائدة في هذا القطاع.
ووفقاً لبيانات "بلومبر غ إن إي إف"، من المنتظر أن تتجاوز المبيعات السنوية للسيارات الكهربائية في الصين إجمالي مبيعات السيارات في الولايات المتحدة الأمريكية، بما في ذلك المركبات العاملة بالوقود التقليدي.
ولا يقتصر تأثير هذا التحول على سوق السيارات فحسب، بل يمتد إلى قطاعات أخرى مثل البنية التحتية للطاقة. إذ يُتوقع أن يزداد عدد محطات شحن المركبات الكهربائية بشكل ملحوظ، ما يعزز في الوقت نفسه الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة والمستدامة .
كما تتوقع "بلومبر غ إن إي إف" أن تتضاعف جميع منشآت تخزين الطاقة خلال العقد المقبل، في مؤشر واضح على أن مستقبل النقل والطاقة يتجه بخطى ثابتة نحو الكهرباء والاستدامة.
تحرير: صلاح شرارة
المصدر:
DW