قد تحمل الطريقة التي ننام بها كل ليلة مخاطر صحية تتجاوز مجرد آلام الظهر العابرة. ففي حين أن النوم يهدف إلى الراحة والاستشفاء ، يمكن لوضعيات النوم غير الصحية أن تسبب الألم، والارتجاع، والشخير، بل وحتى أعراضًا عصبية تظهر في الصباح التالي.
تُعد بعض وضعيات النوم الشائعة، على الرغم من شعورها بالراحة، من أكثر الوضعيات ضررًا على المدى الطويل، وتأتي في مقدمتها وضعية تُعرف باسم "وضعية الديناصور ريكس" (T. rex position) .
ووضعية "الديناصور ريكس" (أو الأذرع المطوية) تتمثل في النوم مع ثني الذراعين ولفهما بالقرب من الصدر. يوضح الدكتور راج داسغوبتا ، أخصائي طب النوم، أن هذه الوضعية قد تؤدي إلى تنميل ووخز في الأصابع والذراعين، وتصلب أو ألم في الكتفين بحسب ما نقل موقع هافنغتون بوست عن أطباء.
والأسوأ من ذلك، يمكن أن يؤدي الضغط المستمر على الأعصاب في المرفقين أو الرسغين إلى تلف دائم في الأعصاب ، على غرار متلازمة النفق الرسغي أو متلازمة النفق المرفقي حسب ما قال الدكتور ماثيو بينيت جراح العظام المعتمد لموقع صحيفة نيويورك بوست.
كما يشير كيران شيريدان (Kieran Sheridan)، أخصائي العلاج الطبيعي، إلى أن الشعور بـ "الذراع الميتة" أو الحاجة إلى هز اليدين في الصباح هو "جسمك يخبرك بأن جهازك العصبي غير سعيد"، وفق ما ذكر لموقع هافنغتون بوست.
النوم على البطن: يُعتبر النوم على البطن هو الأقل شيوعًا، ولكنه الأكثر ضررًا على محاذاة العمود الفقري. يرتبط هذا الوضع بآلام الظهر والرقبة والكتفين، ويرجع ذلك أساسًا إلى ضرورة ليّ الرأس إلى أحد الجانبين للتنفس، مما يضع ضغطًا كبيرًا على فقرات العنق وفق ما ذكر موقع الصحيفة الأمريكية.
النوم على الظهر والبطن: يُعتبر النوم على البطن هو الأقل شيوعًا، ولكنه الأكثر ضررًا على محاذاة العمود الفقري، ويرتبط بآلام الظهر والرقبة والكتفين بسبب ليّ الرأس للتنفس. أما النوم على الظهر، فيمكن أن يساهم في تفاقم مشكلتي الشخير والارتجاع الحمضي (ارتجاع المريء) بحسب ما نقل موقع نيويورك بوست.
تُعد بعض وضعيات النوم الشائعة، على الرغم من شعورها بالراحة، من أكثر الوضعيات ضررًا على المدى الطويلصورة من: Dasha Petrenko/Zoonar/picture allianceتؤثر وضعيات النوم غير الصحية على الجسم لسببين رئيسيين:
الأول هو الضغط الجسدي: عندما يظل الجسم بلا حراك في وضعية غير ملائمة طوال الليل، فإنه يضيف ضغطًا على الأعصاب والعضلات والأربطة. على سبيل المثال، يؤدي ثني المرفق طوال الليل إلى بناء ضغط على الأعصاب التي تمر عبر المساحات الضيقة، مما يعيق تدفق الدم ويسبب التنميل.
الثاني الاستجابة النفسية: في بعض الأحيان، يكون الانحناء أو التكور أثناء النوم استجابة غريزية. يشير الدكتور بينيت إلى أن الجهاز العصبي قد يكون في حالة تأهب قصوى بسبب الإجهاد المزمن أو القلق أو قلة النوم، مما يدفع الجسم إلى تبني وضعيات تشعره بالأمان والحماية، حتى لو كانت ضارة جسديًا .
ومع ذلك، تؤكد شيلبي هاريس ، عالمة النفس السريري وأخصائية النوم السلوكي، أن وضعية نوم الشخص "لا تعني شيئًا حقًا عن حالته النفسية أو توتره أو إجهاده أو صدمته"، مما يشير إلى أن النهج الجسدي لتغيير الوضعية قد يكون الأفضل. لكن جوديت ميرايو باريدو ، عالمة النفس السريري، تروي حالة مريضة كان قلقها الشديد يظهر في النوم على شكل تكور وشد عضلي بحسب ما نقل موقع هافنغتون بوست.
يُعتبر النوم على البطن هو الأقل شيوعًا، ولكنه الأكثر ضررًا على محاذاة العمود الفقري، ويرتبط بآلام الظهر والرقبة والكتفين بسبب ليّ الرأس للتنفس.صورة من: Christin Klose/dpa/picture allianceلتحقيق نوم صحي، يوصي الخبراء بالانتقال إلى وضعيات أكثر دعمًا، خاصة مع التقدم في العمر أو ظهور مشكلات طبية.
الوضعية المثلى: يُعد النوم على الجانب هو الوضع الأكثر شيوعًا والأكثر فائدة للكثيرين. ولتحسين هذه الوضعية، يُنصح بالنوم مع ثني الركبتين قليلاً ووضع وسادة بينهما. يساعد هذا الإجراء على محاذاة العمود الفقري والحوض والوركين بشكل أفضل، مما يخفف الضغط عن الظهر.
دعم الأذرع: لمنع ثني الذراعين، يوصي الدكتور بينيت بلف منشفة يد حول المرفق وتثبيتها برباط مرن بشكل غير محكم. هذا يخلق حاجزًا ناعمًا يمنع الثني العميق دون إيقاظك.
استخدام الوسائد: يقترح شيريدان احتضان وسادة للجسم (Body Pillow) للحفاظ على الذراعين في وضع محايد، أو وضع وسادة صغيرة بين الذراع والصدر لمنع التكور الكامل.
للنوم على البطن: إذا لم تتمكن من التخلي عن النوم على البطن، استخدم وسائد أرق (أو لا تستخدم وسادة على الإطلاق) للحد من ليّ الرقبة.
تهدئة الجهاز العصبي: بما أن الوضعيات غير الصحية قد تعكس جهازًا عصبيًا متوترًا، فإن ممارسة تقنيات التهدئة قبل النوم، مثل تمارين التنفس أو الإطالة اللطيفة، يمكن أن تساعد الجسم على الشعور بالأمان والاسترخاء.
تنصح شيلبي هاريس برؤية أخصائي نوم إذا كنت تعاني من صعوبة في النوم بغض النظر عن الوضعية أو إذا كنت تشعر أن نومك غير منعش. كما يحذر الدكتور داسغوبتا من أن التنميل الذي يستمر لفترة طويلة بعد الاستيقاظ أو الشعور بالضعف أثناء النهار هو علامة على ضرورة استشارة الطبيب .
إن الهدف ليس فرض وضعية صارمة، بل تزويد الجسم بخيارات أكثر دعمًا للراحة والاستشفاء. يمكن لبعض التعديلات البسيطة أن تحدث فرقًا كبيرًا في جودة نومك وصحتك العامة.
تحرير:ع.ج.م
المصدر:
DW