في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
في حالة نادرة أثارت اهتمام الأطباء النفسيين، وثّق باحثون يابانيون إصابة فتاة تبلغ من العمر 17 عامًا بما يُعرف بـ الذهان الحيضي، وهو اضطراب نفسي شديد ونادر الحدوث، تظهر أعراضه مع اقتراب موعد الدورة الشهرية وتختفي تمامًا بعد انتهائها. نُشر التقرير في مجلة Psychiatry and Clinical Neurosciences Reports، مسلطًا الضوء على تجربة غير مألوفة كشفت عن حدود الفهم العلمي للعلاقة بين الهرمونات والصحة النفسية.
بدأت قصة الفتاة بعد عامين من معاناتها المتكررة مع القلق والهلوسات السمعية والشعور الدائم بأنها مراقَبة، إلى جانب قناعتها بأن الأحاديث من حولها تدور عنها شخصيًا. رغم عدم وجود أي تاريخ نفسي أو عائلي للمرض، شُخّصت حالتها أولاً على أنها فصام، ووُصفت لها أدوية مضادة للذهان، لكنها لم تُظهر أي تحسّن يُذكر. ومع انتقالها إلى مركز طبي آخر، لاحظ الأطباء نمطًا غريبًا: كل مرة تقترب فيها من موعد الحيض، كانت تعاني من نوبات ذهانية حادة، لتختفي فجأة بمجرد بدء الدورة.
لماذا تتمتع النساء بجهاز مناعة أقوى من الرجال؟
تكرّر هذا النمط ثلاث مرات متتالية خلال فترة مكوثها في المستشفى، ما دفع الفريق الطبي إلى إعادة النظر في التشخيص والعلاج. وبعد ربط الأعراض بدورتها الشهرية، بدأ الأطباء تجربة علاج جديد باستخدام الكاربامازيبين، وهو دواء يُستخدم عادة لعلاج نوبات الصرع والاضطراب ثنائي القطب. وكانت النتيجة مذهلة: اختفت الأعراض بالكامل، وتمكنت المريضة من إيقاف جميع الأدوية السابقة دون عودة الحالة.
رغم أن سبب الذهان الحيضي لا يزال غامضًا، تشير بعض الدراسات إلى أن الانخفاض الحاد في هرمون الإستروجين خلال المراحل الأخيرة من الدورة الشهرية قد يلعب دورًا في اختلال التوازن الكيميائي داخل الدماغ، خاصة في مادة الدوبامين المرتبطة بالذهان. ومع ذلك، يرى الخبراء أن التغيرات الهرمونية وحدها لا تفسر جميع الحالات، مما يجعل هذا المجال بحاجة ماسة لمزيد من البحث العلمي.
تطبيقات الصحة النسائية قد تعرض خصوصية المستعملات للخطر
ويؤكد مؤلفو التقرير أن نتائج هذه الحالة لا يمكن تعميمها، لكنها قد تفتح الباب أمام مقاربات علاجية جديدة لحالات مشابهة يصعب التعامل معها بالأدوية التقليدية. مثل هذه التقارير، رغم محدوديتها، تشكّل خطوة أولى في تسليط الضوء على اضطرابات نادرة تُهمل غالبًا بسبب غموضها وصعوبة تشخيصها.
بهذا، يذكّرنا هذا الاكتشاف بأن الجسد الأنثوي يحمل أسرارًا بيولوجية معقدة، وأن التفاعل بين الهرمونات والعقل الإنساني لا يزال ميدانًا واسعًا من المجهول ينتظر من يكتشفه.
المصدر:
DW