آخر الأخبار

علماء للجزيرة نت: كشفنا عالما من الجليد الموحل في قمر "تيتان"

شارك

أشارت دراسة جديدة إلى أن أكبر أقمار كوكب زحل، قمر تيتان، قد لا يحتوي على محيط مائي ضخم تحت قشرته الجليدية كما افترض العلماء لسنوات، بل إن باطنه يبدو أكثر تعقيدا وبرودة، ويتكون على الأرجح من طبقات كثيفة من الجليد تتخللها مناطق طينية شبه سائلة وجيوب محدودة من الماء الذائب قرب اللب الصخري.

الدراسة ، التي نشرت يوم 17 ديسمبر/كانون الأول الجاري في مجلة "نيتشر"، اعتمدت على إعادة تحليل دقيقة لبيانات جمعتها بعثة كاسيني التابعة لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، قبل أكثر من عقد.

وأظهرت النتائج أن تفسير وجود محيط مفتوح من الماء السائل تحت سطح تيتان لا يتوافق بالكامل مع الخصائص الفيزيائية التي كشفت عنها القياسات، ما دفع العلماء إلى اقتراح نموذج جديد أكثر طينية وأقل سيولة.

مصدر الصورة كمية الطاقة المفقودة داخل تيتان أثناء تشوهه كانت أكبر بكثير مما يمكن تفسيره بوجود محيط مفتوح (رويترز)

من محيط عالمي إلى طبقات طينية

يقول الباحث المشارك في الدراسة بابتيست جورنو أستاذ علوم الأرض والفضاء المساعد بجامعة واشنطن، إن الصورة الجديدة تشبه بيئات القطب الشمالي على الأرض أكثر من محيطاتنا المفتوحة.

ويضيف جورنو في تصريحات للجزيرة نت "بدلا من محيط واسع مثل محيطات الأرض، نحن على الأرجح أمام شيء أقرب إلى جليد بحري كثيف أو طبقات مياه جوفية، وهو ما يؤثر في نوع الحياة المحتملة هناك، وكذلك في توفر المغذيات والطاقة".

في عام 2008، اشتبه العلماء في وجود محيط مائي ضخم تحت سطح تيتان الجليدي، بعد ملاحظة أن القمر يتمدد وينضغط أثناء دورانه حول زحل في مدار بيضوي.

كان يفسر هذا التشوه على أنه دليل على وجود طبقة سائلة تسمح للقشرة الجليدية بالمرونة، لكن عندما أعاد الباحثون بناء نماذج داخلية لتيتان تفترض وجود محيط عالمي، وجدوا أن النتائج لا تتطابق مع البيانات المسجلة، وأدى ذلك إلى مراجعة الفرضية من جديد، باستخدام أدوات تحليل أكثر دقة.

إعلان

ما أضافه التحليل الجديد هو عنصر التوقيت، إذ لاحظ العلماء أن تغير شكل تيتان لا يحدث فورا مع أقصى تأثير لجاذبية زحل، بل يتأخر بنحو 15 ساعة.

يشير هذا التأخير إلى أن المادة الموجودة في الداخل ليست سائلة تماما، بل أكثر لزوجة، تماما كما يتطلب تحريك العسل طاقة أكبر من تحريك الماء.

يقول جورنو "درجة التشوه تعتمد على بنية داخل تيتان، فلو كان هناك محيط عميق، لكانت القشرة أكثر مرونة، أما لو كان متجمدا بالكامل، فلن يتشوه كثيرا. وكانت البيانات القديمة متوافقة مع وجود محيط، لكننا نعرف الآن أن القصة أكثر تعقيدا".

مصدر الصورة نموذج للمركبة كاسينب (غيتي)

الدليل الحاسم.. فقدان الطاقة

أوضح الباحثون أن كمية الطاقة المفقودة داخل تيتان في أثناء تشوهه كانت أكبر بكثير مما يمكن تفسيره بوجود محيط مفتوح، ويضيف الباحث "لم يكن أحد يتوقع هذا القدر الكبير من فقدان الطاقة. كان هذا هو الدليل الحاسم الذي أشار إلى أن داخل تيتان يختلف عما استنتجته التحليلات السابقة".

وبناء على ذلك، اقترح الفريق نموذجا جديدا يتضمن طبقات طينية كثيفة تحتوي على ماء، لكنها ليست سائلة بالقدر الكافي لتشكيل محيط عالمي، ومع ذلك فهي تسمح بحدوث التشوه الملحوظ.

استند الباحثون إلى قياسات دقيقة لترددات موجات الراديو الصادرة من مركبة كاسيني أثناء مرورها قرب تيتان، وهي طريقة تكشف تغيرات طفيفة في الجاذبية. ويوضح جورنو أن طبقة الماء في تيتان سميكة للغاية، والضغط هائل لدرجة أن خصائص الماء والجليد تختلف جذريا عما نعرفه على الأرض، فالماء هناك لا يتصرف مثل مياه البحار هنا.

ورغم أن فكرة وجود محيط ضخم كانت تعد محفزا قويا للبحث عن الحياة، يرى العلماء أن السيناريو الجديد قد يكون أكثر تشجيعا، فالتحليلات تشير إلى أن بعض جيوب المياه العذبة داخل تيتان قد تصل حرارتها إلى 20 درجة مئوية تقريبا، وهي درجة مناسبة للحياة الميكروبية.

كما أن تركز المغذيات في جيوب صغيرة، بدلا من انتشارها في محيط شاسع، قد يسهل نشوء أشكال بسيطة من الحياة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار