تم عرض الفيلم التونسي “صباط الغولة” ضمن برمجة الدورة الحالية من أيام قرطاج السينمائية، الذي شكّل إحدى المحطات اللافتة في المهرجان، لما يحمله من جرأة فنية ورؤية إخراجية تنبش الذاكرة الشعبية وتعيد تقديمها في قالب سينمائي حديث. ويستند الفيلم إلى رمز “الغولة” المتجذّر في المخيال الشعبي، موظّفًا إيّاه كأداة رمزية لطرح أسئلة تتعلّق بالخوف والسلطة والذاكرة الجماعية.
يقدّم العمل سردًا بصريًا يعتمد على الإيحاء والرمز أكثر من المباشرة، مستفيدًا من عناصر الصورة والصوت لبناء أجواء نفسية كثيفة. كما يراهن الفيلم على إيقاع هادئ ومدروس يسمح بتطوّر الأحداث تدريجيًا، ويمنح المتفرّج مساحة للتأويل والتفاعل مع المعاني الكامنة خلف الحكاية.
على مستوى الأداء، نجح الممثلون في تجسيد شخصيات مركّبة تتقاطع فيها الأسطورة مع الواقع، في حين عكس التصوير والسينوغرافيا وعيًا جماليًا بدور الفضاء في خدمة الحكاية. وقد أثار الفيلم بعد عرضه نقاشًا بين الجمهور والنقّاد حول أهمية استلهام التراث الشعبي في السينما المعاصرة، ليس بوصفه حنينًا إلى الماضي، بل كوسيلة لفهم الحاضر ومساءلته.
ويأتي حضور “صبّاط الغولة” في أيام قرطاج السينمائية منسجمًا مع توجه المهرجان في دعم الأفلام التي تراهن على الهوية والذاكرة والتجريب الفني، مؤكّدًا مرة أخرى دور السينما كفضاء للتفكير والنقاش، لا مجرّد وسيلة للترفيه.
المصدر:
الإخبارية