آخر الأخبار

فرنسا : بعد الجدل حول الحجاب وقضية ساركوزي… وزير العدل يواصل انزلاقه

شارك
Facebook Twitter LinkedIn WhatsApp

يبدو أن الانتخابات الرئاسية أفقدته صوابه. صحيح أنه ليس الوحيد، فجميع الأسماء الثقيلة في الساحة السياسية فقدت البوصلة؛ من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، الجميع مشغول بالاستحقاق الانتخابي المقبل.

لكن جيرالد موسى دارمانان (وهو نفسه الذي أعلن بفخر أصوله الجزائرية عند مغادرته وزارة الداخلية) كان يفترض ألا ينساق إلى هذا الحد. أو على الأقل، كان ينبغي ألا يفيض بكل هذا الطموح السياسي، خصوصًا وهو يشغل منصب حارس الأختام وضامن العدالة. فهذه الوظيفة تفرض حيادًا صارمًا، ولو في الظاهر، وهو ما يتناقض تمامًا مع أسلوب دارمانان الاستعراضي.

وزير العدل يتحرك كثيرًا، يتحدث كثيرًا، ويضطرب كثيرًا في الحلبة السياسية، وغالبًا ما يخطئ الهدف. وهو أمر يسيء كثيرًا إلى صورة «المرشح الرئاسي» الذي يريد أن يكونه بأي ثمن. فقد أثار جدلًا واسعًا حين لوّح بالاستقالة إذا تراجع الحكومة عن حظر ارتداء الحجاب، في خطوة وُصفت بالعبثية والمشبعة بسلوك طفولي لا يليق بمكانته. ولحسن الحظ، تجاوز هذه المرحلة لاحقًا.

لكن «التجاوز» قاده إلى محطات أخرى، من بينها اجتماع ضخم جدًا ضمّ جميع المنتخبين في البلاد، أي نحو ألف شخص. قد تكون الفكرة غريبة، لكنها على الأقل أقل سوءًا من تخبطاته السابقة في ملف الحجاب. غير أن وزير العدل عاد مجددًا إلى عاداته، مدافعًا عن ما لا يمكن الدفاع عنه: داميان كاستلان (يمين متنوع)، رئيس المتروبول الأوروبي لمدينة ليل…

فقد أُدين الرجل مؤخرًا في الاستئناف بعقوبة عدم الأهلية للترشح لمدة عامين بتهمة اختلاس أموال عمومية، وهو حكم أشد من ذاك الصادر في الدرجة الأولى، ما يعكس خطورة الملف.

السياسي دفع ثمن تجاوزاته بأموال دافعي الضرائب: نفقات في منتجعات صحية، وملابس، ومطاعم، وإقامة في فندق فاخر بباريس لحضور مباريات باريس سان جيرمان في ملعب «حديقة الأمراء». كل ذلك من المال العام.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ إن كاستلان، الذي أُجبر على مغادرة منصبه فورًا، متورط أيضًا في قضيتين أخريين. ومع ذلك، كان دارمانان قد أشاد سابقًا بكفاءته في التسيير عندما كان وزيرًا للحسابات العمومية سنة 2017.

و عاد حارس الأختام، يوم الأربعاء 17 ديسمبر، ليعلن دعمه له علنًا عبر منشور على منصة X

وكتب دارمانان :

«من دون التعليق بأي شكل من الأشكال على قرار قضائي، أفكر بودّ كبير في داميان كاستلان، الذي يُعدّ رئيسًا كبيرًا لمتروبول ليل، وعمدة شغوفًا لبلدية بيرون-أن-ميلانتوا. وأؤكد له دعمي في هذا الظرف الصعب…».

حتى مع جانح من هذا النوع، يقدّم الوزير، أمام فرنسا بأسرها، الوفاء في الصداقة على حساب ما يفرضه موقعه. وبالطبع، لم يفوّت رواد الإنترنت الفرصة، وفي مقدمتهم الحساب القانوني الشهير المجهول «Au Palais»، للتنديد بذلك. «ظرف صعب»؟ بل هي «إدانة جنائية».

وانهالت انتقادات أخرى، أطلقها محامون، من قبيل: «يا له من بلد مافيوي». أما المحامي الجنائي سيدي با فقد عبّر عن «خجله»، مضيفًا أنه «لم يحدث في تاريخ هذا البلد أن حظي جانحون بدعم علني بهذا الوضوح من وزير، ولا سيما من وزير مكلف بالعدل».

و تساءل حساب Decimaître عمّا إذا كان «هناك رئيس وزراء يذكّره بواجباته».

و ليست هذه أول مواجهة بين دارمانان والرأي العام. ففي أكتوبر الماضي، أثار ضجة واسعة عندما أعلن عزمه زيارة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في زنزانته بسجن «لا سانتيه».

و قد وُجّه إليه توبيخ من أعلى قاضٍ في البلاد، المدعي العام لدى محكمة النقض ريمي هايتس، الذي حذّر من خطر التدخل في قضية شديدة الحساسية قبيل موعد حاسم، هو محاكمة الاستئناف. غير أن هذا التحذير لم يثنِ الوزير.

ومنذ ذلك الحين، أُحيل الرئيس السابق، رفقة زوجته كارلا بروني و«ميمي» مارشان، إلى المحكمة في قضية أخرى، كما تم تأكيد الحكم الصادر بحقه بالسجن لمدة عام في ملف Bygmalion.

كل ذلك ليؤكد أن حركية حارس الأختام تطرح إشكالًا حقيقيًا، على أقل تقدير. ففي آخر استطلاع للرأي بشأن الانتخابات الرئاسية المقبلة، لم يتجاوز دارمانان المرتبة الرابعة، وبفارق كبير خلف جوردان بارديلا ومارين لوبان وإدوار فيليب

و من الواضح أن هذه العلاقات المثيرة للجدل ومواقفه المتناقضة لن تمكّنه من تقليص الفجوة مع المرشحين الأوفر حظًا، حتى وإن كان لبارديلا والسيدة لوبان بدورهما نصيبهما من «الهياكل العظمية في الخزائن».

تعليقات
Facebook Twitter LinkedIn WhatsApp

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

مواضيع ذات صلة:
الرقمية المصدر: الرقمية
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا