آخر الأخبار

الولايات المتحدة : البيت يشتعل من الداخل… و ترامب مضطر للعودة إلى أرض الواقع و خطاب موجّه إلى الأمة

شارك
Facebook Twitter LinkedIn WhatsApp

نادراً ما يلجأ دونالد ترامب إلى هذا النوع من التمارين السياسية. فأسلوبه المعتاد يقوم على الاندفاع، وفرض الأمر الواقع، والسير فوق الخصوم دون اكتراث بحجم الدمار الذي يخلّفه خلفه، انطلاقاً من قناعة راسخة لديه بأنه، في نهاية المطاف، سيحقق «سعادة الجميع» حتى رغماً عنهم. غير أنّ الآلة تعطّلت هذه المرة، بل إنّ الرئيس الأمريكي أقرّ بنفسه بأن معسكره يتجه مباشرة نحو هزيمة في انتخابات التجديد النصفي.

و في محاولة لدرء الانهيار، سيحاول الجمهوري، هذا الأربعاء 17 ديسمبر، العودة إلى القنوات السياسية التقليدية التي طالما سخر منها وهاجمها، وتحديداً تلك التي يعتمدها الأوروبيون الذين لا يُخفي ازدراءه لهم: خطاب موجّه إلى الأمة.

سيوجّه ترامب خطاباً متلفزاً، وهو مسار لا يتقن رموزه ولا أدواته، غير أن حالة فقدان الثقة داخل البلاد لا تترك له هامشاً واسعاً للمناورة. فقد بات ترامب يدرك – أخيراً – أن الأمريكيين لم يعودوا يتبعونه في نزواته، وأن الحزب الجمهوري سيتكبد هزيمة قاسية لو جرت الانتخابات اليوم.

صحيح أنه سيحاول، هذا المساء، تسويق فكرة أن عام 2025 كان «ممتازاً»، وأن «الأفضل لم يأتِ بعد»، لكنه سيكون مطالباً بإقناع جمهور بات أكثر تشككاً من أي وقت مضى.

و كتب الرئيس الأمريكي، الثلاثاء، على منصته «تروث سوشيال»: «سأوجّه خطاباً إلى الأمة غداً مساءً، مباشرة من البيت الأبيض، عند الساعة التاسعة».

و أضافت المتحدثة باسمه، كارولاين ليفيت، في تصريح لقناة «فوكس نيوز»، أن ترامب «سيتحدث إلى الأمريكيين عن إنجازاته التاريخية خلال هذا العام»، كما «سيرفع الستار جزئياً عن بعض القرارات المرتقبة خلال العام المقبل»، موضحة أن الخطاب سيركّز على ملفي الهجرة والاقتصاد.

و يبقى الأمل معقوداً على أن يتجنب ترامب نظرياته الملتبسة حول «الخطر الهجري»، وانهيار الحضارة الغربية بسببه، أو خطابه المهووس بـ«غرق أوروبا»، وهي أطروحات غير عقلانية رفضها 62% من الأمريكيين، وفق استطلاعات الرأي. فهذا ليس ما ينتظره ناخبوه اليوم؛ بل يريدون منه أن يعود إلى أرض الواقع، وأن يتخلى عن التحليق في أيديولوجيا عقيمة، وأن يركّز على مشكلات الحياة اليومية.

ترامب، بتركيبته النفسية الخاصة، يرى «تقدّماً» في كل الاتجاهات، لكن ما يراه المواطنون الأمريكيون فعلياً هو ارتفاع كلفة المعيشة. ووفق استطلاع رأي أجرته مؤسسة «يوغوف» ونُشر الثلاثاء، يرى 52% من الأمريكيين أن الأوضاع الاقتصادية تسير نحو الأسوأ، مقابل 20% فقط يعتقدون أنها تتحسن، فيما يقول 22% إن الوضع لم يشهد أي تغيير.

معطيات تُعدّ سلبية للغاية بالنسبة للحزب الجمهوري قبل أقل من عام على الانتخابات التشريعية.

و من الواضح أن الرسوم الجمركية والضرائب الإضافية التي فرضها الرئيس الملياردير لم تحقق «الرفاه الوطني» الذي وعد به، في حين أن التضخم كان الحاضر الأبرز، وألقى بثقله على عشرات الملايين من الأمريكيين.

و كان مقرّبون من الرئيس قد حذّروه، بل إن «صديقه» إيلون ماسك نفسه دق ناقوس الخطر بشأن مخاطر السياسات الاقتصادية غير التقليدية والمغامِرة، لكن التحذيرات لم تجد آذاناً صاغية. واليوم، تفرض قسوة الواقع إيقاف عجلة الرئاسة قسراً.

و تلوح في الأفق سحابة أخرى: فشل الكونغرس في التوصل إلى توافق بشأن أقساط التأمين الصحي، ما يعني أن ملايين الأمريكيين سيواجهون ارتفاعاً حاداً في هذه التكاليف اعتباراً من جانفي المقبل، وهو عامل جديد لتغذية السخط الشعبي، ستدفع شعبية ترامب ثمنه باهظاً.

في هذا السياق، دعا مسؤولون محافظون الرئيس إلى الكف عن «مطاردة الأشباح» على الساحة الدولية، والتركيز على الأولويات الداخلية. ويُذكر أن ترامب يحشد قواته عند حدود فنزويلا ويتحدث صراحة عن تدخل بري محتمل، في وقت لم تُحسم فيه بعد أزمات غزة وأوكرانيا، رغم وعوده بـ«هدية كبيرة» في عيد الميلاد، يوم 24 ديسمبر. وهي مؤشرات تنذر بالاقتراب من نقطة اللاعودة داخل أروقة البيت الأبيض.

و بعد تجمع انتخابي عقده الأسبوع الماضي في ولاية بنسلفانيا (شمال شرق البلاد)، يُنتظر أن يتوجه الرئيس الأمريكي هذا الجمعة إلى ولاية كارولاينا الشمالية (جنوب شرق) في محاولة لإعادة إشعال حماس قاعدته الانتخابية. ويبقى السؤال مطروحاً: هل ستؤتي هذه المراجعة الذاتية ثمارها؟ الإجابة ستتضح، مبدئياً، هذا المساء أمام شاشات التلفزيون، لمعرفة ما إذا كان أي تعديل في مسار السياسة الأمريكية بات ممكناً.

تعليقات
Facebook Twitter LinkedIn WhatsApp

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

مواضيع ذات صلة:
الرقمية المصدر: الرقمية
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا