تواصل تونس إيفائها بكل تعهداتها المالية وعدم تسجيلها لأي تأخير في سداد قروضها الخارجية وذلك على غرار ما يتم في خصوص القروض الداخلية بمختلف أصنافها في سياق يتسم بتدعيم ركائز القطاع الخارجي والتقليص من عجزه بشكل ملحوظ.
وكانت سنة 2024، هي السنة الأكثر حجما للديون الخارجية التي يتم سدادها، علما ان نسق ضغط التداين الخارجي سينخفض تدريجيا بداية من سنة 2025 ليتراجع الحجم إلى مستويات سنة 2023. ويعد تمكن تونس من النجاح في الايفاء بتعهداتها المالية الخارجية عدم تخلفها عنها منذ سنوات علامة ثقة في المالية العمومية خصوصا ان وكالات دولية للتصنيف الائتماني قامت على هذا الاساس، بمراجعة نظرتها المستقبلية لآفاق الاقتصاد الوطني من سلبية الى مستقرة.
في هذا الصدد، سددت تونس يوم الأربعاء 29 جانفي 2025 بنجاح قرضا على السوق المالية العالمية هو الاضخم على الاطلاق، حيث ناهزت قيمته مليار دولار كأصل دين تضاف اليه فوائض بنحو 57.5 مليون دولار علما انه تم الحصول عليه في جانفي 2015 بنسبة فائدة تعادل 5.75 بالمائة. وعلى هذا الأساس وبحساب الأسعار القارة للعملة الامريكية تقدر قيمة السداد اجمالا بنحو 3365.6 مليون دينار منها 183 مليون دينار فوائد.
واثرت عملية خلاص هذا القرض على مستوى احتياطي البلاد من النقد الأجنبي الذي تراجع الى 23325 مليون دينار أي ما يعادل 104 يوم توريد يوم أمس مقارنة بحوالي 26701.4 مليون دينار او 119 يوم توريد يوم الثلاثاء.
يذكر ان دراسة أصدرها هذا الاسبوع المرصد التونسي للاقتصاد كانت قد اظهرت أن القروض الموجهة لتمويل عجز ميزانيات البلاد بمعنى رصدها للنفقات العامة زادت بنسبة 450% خلال العقد الأخير. وتصاعد الاقتراض المخصص لسد عجز الميزانيات في الفترة ذاتها من 3,7 مليارات دينار إلى 18.2 مليار دينار، في المقابل زاد إجمالي الدين العام.
وأبرزت الدراسة الصادرة، نهاية الأسبوع الفارط، أن إجمالي الدين العام للبلاد تضاعف بمقدار خمس مرات خلال العشرية المنقضية ليصل في نهاية الفترة إلى 139.9 مليار دينار وهو ما يمثل 79.8% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد مقابل 38.8% فقط عام 2010.
وأوضح المرصد التونسي للاقتصاد أن منحى تصاعد الدين العام للبلاد أخذ منعطفاً دراماتيكياً منذ 2011 وأصبح يمثل عبئاً متزايداً وثقيلاً على التونسيين علما انه سجل استقرار خلال السنوات الأخيرة. ويبرز هيكل الدين العام اعتماد السلطات طيلة السنوات العشر الماضية بالخصوص وبشكل كبير على الديون الخارجية لتمويل عجز الميزانية، إذ استحوذت القروض الأجنبية على 60% من قائم ديون البلاد خلال تلك الفترة قبل أن يتم التوجه نحو مصادر التمويل الداخلي في إطار سياسة التعويل على الذات نتيجة رفض السلطات الوطنية تطبيق شروط صندوق النقد الدولي التي سعى لفرضها على تونس.