آخر الأخبار

بقلم مرشد السماوي: المدينة التي كانت “يابان تونس”: كيف فقدت صفاقس بريقها؟ [صور]

شارك الخبر
مصدر الصورة

صفاقس التي زرتها مؤخراً ليست كما عهدتها من قبل. فقد تغيرت المدينة بشكل لافت، بدءاً من منطقة باب البحر التي أصبحت تعاني من حالة تصحر وفقدت بريقها المعتاد، مروراً بتدهور البنية التحتية في بلاد العربي، ووصولاً إلى الاختناق المروري الذي أصبح السمة الرئيسية لمداخل وسط المدينة.

عند دخولي إلى صفاقس، تلك المدينة التي طالما عُرفت بأنها عاصمة العلم والثقافة والفنون والعمل الدؤوب وروح المبادرة، شعرت بالحيرة والأسف لما آلت إليه. صفاقس التي كانت تُلقب بـ”يابان تونس” بسبب حيويتها وتقدمها أصبحت الآن مرهقة بفوضى مرورية خانقة، خاصة في الطرقات المؤدية من ساقية الزيت إلى قلب المدينة، حيث زاد عدد السيارات والشاحنات بشكل غير مسبوق.

الأوضاع البيئية في المدينة لم تكن أفضل حالاً، إذ تعاني المدينة من مشكلات بيئية متفاقمة تحتاج إلى حلول جذرية بدلاً من التدخلات الوقتية. داخل المدينة العتيقة، باتت المباني مهددة بالانهيار، وهجرها سكانها بسبب تردي الأوضاع. أما باب البحر، الذي كان يمثل وجه المدينة العصري، فقد فقدت رونقه وأصبح بلا روح، مع تعرض العديد من المباني التاريخية للتشقق، ما يهدد بغلقها.

ضواحي المدينة التي تستوعب نحو مليون ومائة ألف نسمة، نصفهم من النازحين من مدن مجاورة، تعاني أيضاً من الضغط السكاني. هذا الوضع انعكس بوضوح على مستشفى الحبيب بورقيبة الجامعي، الذي يواجه تدفقاً كبيراً للمرضى من الجنوب والساحل والوسط. الأطباء أكدوا الحاجة الملحة لفتح المستشفى العسكري الذي بُني بهبة من الصين وظل مغلقاً لسنتين بسبب عدم التزام الأطباء بعقود العمل فيه.

وفيما يتعلق بالحياة اليومية، لاحظت إقبالاً كبيراً من المواطنين على شراء الأسماك من الأسواق والمغازات العصرية التي ارتفعت أسعارها بشكل ملحوظ مقارنة بسوق باب الجبلي، الذي أصبح يعاني من الركود لأسباب مختلفة.

أما مطالب سكان المدينة، خاصة الشباب وعشاق الرياضة، فلا تزال متعلقة بتنفيذ وعود قديمة مثل إنشاء المدينة الرياضية، التي لم تتحقق بعد رغم الحاجة الملحة لمثل هذا المشروع في مدينة بحجم صفاقس.

هناك مشاريع كبرى أخرى بقيت مجرد وعود، مثل مشروع تبرورة ومشروع المترو الخفيف، اللذين تم تأسيس إدارتهما قبل عقود، لكن لم يُنجز منهما شيء حتى الآن. الوضع يقتضي أيضاً التفكير الجدي في نقل محطة القطارات إلى خارج المدينة، كما تم اقتراحه سابقاً، لتخفيف الضغط المروري والاستفادة من الأراضي الشاسعة في مشروعات عقارية.

وأخيراً، لا يمكن التغاضي عن معاناة سكان بعض القرى مثل جبنيانة والعامرة، حيث يتمركز نحو 20 ألف لاجئ أفريقي يعيشون بشكل غير قانوني ويتسببون في مشاكل متعددة. من الضروري اتخاذ إجراءات لترحيل من يخترق القوانين ويقيم في البلاد دون أوراق رسمية، حفاظاً على الأمن والاستقرار.

الحديث عن صفاقس لم ينتهِ بعد، والآمال معلقة على أن يتم الاستماع لهذه النداءات واتخاذ الإجراءات المناسبة لإنقاذ المدينة وإعادة بريقها.

تصوير مرشد السماوي 

 

الرقمية المصدر: الرقمية
شارك الخبر

إقرأ أيضا