آخر الأخبار

مبكرا جدا ووحيدة.. فرنسا تستعد لمواجهة روسيا في ظل انسحاب أميركا

شارك

عرض موقع بوليتيكو الأميركي صورة شاملة لتحول إستراتيجي عميق تشهده فرنسا وأوروبا عموما، في ظل تزايد القناعة بأن الولايات المتحدة لم تعد شريكا أمنيا يمكن الاعتماد عليه كما في السابق.

وأشار الموقع -في مقال بقلم مراسلته للشؤون الدفاعية لورا كايالي- إلى أن باريس، مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السلطة وتصاعد خطابه العدائي تجاه أوروبا وحلف شمال الأطلسي ( الناتو )، وجدت نفسها أمام لحظة كانت تتوقعها منذ عقود، وهي لحظة اضطرار الأوروبيين إلى الدفاع عن أنفسهم بأنفسهم.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 نيويورك تايمز: ترامب يرتقي بـ"الرئاسة الإمبراطورية" لمستوى جديد
* list 2 of 2 وول ستريت جورنال: هكذا حصل بوتين على مبعوثه الأميركي المفضل end of list

ومن قلب باريس، يربط المقال بين التحولات الجيوسياسية الكبرى وتأثيرها المباشر على المجتمع الفرنسي، من خلال نموذج شابة فرنسية تفكر في ترك عملها المدني والانضمام إلى الجيش بدافع الإحساس بالمسؤولية الوطنية، مما يرمز إلى محاولة الدولة تعبئة المجتمع استعدادا لمرحلة أمنية أكثر قسوة، في ظل تنامي التهديد الروسي وتراجع الالتزام الأميركي بالدفاع عن أوروبا.

مصدر الصورة وزراء دفاع مجموعة الخمس في باريس يناقشون دعم أوكرانيا والدفاع الأوروبي (الفرنسية)

وتتحرك فرنسا التي تعد القوة النووية الوحيدة في الاتحاد الأوروبي ، وصاحبة التقليد الطويل في الشك في التحالف مع واشنطن، اليوم لتعزيز جاهزيتها العسكرية عبر زيادة الإنفاق الدفاعي، وتوسيع قوات الاحتياط، وإعادة إدخال الخدمة العسكرية الطوعية ، حسب المراسلة.

شك متجذر

وتستند هذه السياسات إلى تقديرات عسكرية رسمية تشير إلى احتمال مواجهة مباشرة مع روسيا خلال السنوات القليلة المقبلة، قد تضطر فرنسا إلى خوضها دون دعم أميركي يذكر، كما ترى المراسلة.

ويبرز المقال أن هذا الموقف ليس جديدا على باريس، لأن عدم الثقة في الولايات المتحدة متجذر في الذاكرة السياسية الفرنسية منذ أزمة السويس عام 1956، وهو ما دفع فرنسا لاحقا إلى تطوير برنامج نووي مستقل والانسحاب من القيادة العسكرية المتكاملة لحلف الناتو.

إعلان

واليوم -تضيف المراسلة- مع تزايد مؤشرات الانسحاب الأميركي من أوروبا، بدأ عدد متزايد من العواصم الأوروبية يقر بأن الرؤية الفرنسية القديمة كانت أقرب إلى الصواب، وإن كان امتلاك الرؤية لا يعني القدرة على القيادة.

وحسب المقال، تواجه فرنسا أزمة داخلية معقدة، من انقسام سياسي حاد، إلى برلمان مشلول، وصعود متسارع لليمين المتطرف المشكك في الناتو والاتحاد الأوروبي، مما يقوض قدرة باريس على ترجمة خطابها القيادي إلى أفعال ملموسة، ويضعف ثقة الشركاء الأوروبيين باستمرارية التزاماتها.

في هذا السياق، تقارن المراسلة فرنسا بألمانيا التي باتت، رغم ترددها التاريخي في الشؤون العسكرية، أكثر قدرة من الناحية المالية والسياسية على لعب دور قيادي في الدفاع الأوروبي، مشيرة إلى أن ميزان القوة داخل الاتحاد الأوروبي قد يشهد تحولا لمصلحة برلين، خاصة مع ضخها استثمارات ضخمة في التسلح، في وقت تعاني فيه فرنسا من صعوبات في إقرار ميزانياتها الدفاعية.

مصدر الصورة فرنسا حلال تاريخها ظلت تشكك بالالتزام الأميركي (الفرنسية)

لاعب محوري

من جهة أخرى، تناول المقال ردود الفعل الأوروبية تجاه المستقبل السياسي الفرنسي، حيث تخشى دول عدة من أن وصول اليمين المتطرف إلى الحكم عام 2027 قد يؤدي إلى تراجع فرنسا عن التزاماتها الدفاعية الأوروبية، أو حتى إعادة النظر في دورها داخل الناتو، وهي مخاوف دفعت بعض الدول إلى التريث في التعاون العسكري مع باريس والبحث عن بدائل أكثر استقرارا.

ورغم ذلك، لا تزال فرنسا -حسب المراسلة- لاعبا محوريا لا يمكن تجاوزه، خاصة في دول المواجهة مع روسيا مثل رومانيا ودول البلطيق، حيث ينظر إلى الوجود العسكري الفرنسي المدعوم بقدرات نووية، بوصفه عنصر ردع أساسيا.

كما أن مبادرات باريس، مثل قيادتها لتحالف أوروبي للتخطيط لأمن أوكرانيا بعد الحرب، تعكس رغبة حقيقية في تولي زمام القيادة الأوروبية، وإن كانت هذه الجهود لا تزال محدودة من حيث الجرأة والتنفيذ.

وفي المحصلة، يرسم المقال صورة لفرنسا باعتبارها دولة "كانت على حق مبكرا"، لكنها تجد نفسها اليوم عالقة بين صحة تشخيصها الإستراتيجي وضعف قدرتها السياسية على تحويل هذا التشخيص إلى قيادة فعلية، في وقت تقف فيه أوروبا عند مفترق طرق تاريخي، إما أن تنجح في بناء منظومة أمنية مستقلة تقودها قوى كبرى مثل فرنسا وألمانيا، وإما أن تظل رهينة تقلبات السياسة الأميركية وعدم يقينها.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا