آخر الأخبار

5 أسباب لتراجع الاستنفار تفاقم أزمة الجيش السوداني

شارك
بابنوسة تشتعل.. تمدد الحرب يعصف بجغرافيا السودان

منذ سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر آخر معاقل الجيش في دارفور، في السادس والعشرين من أكتوبر، وتقدمها في عدد من مناطق إقليم كردفان المجاور، كثفت قيادات الجيش وتنظيم الإخوان حملتها للاستنفار للقتال، لكن تلك الحملات قوبلت بفتور شديد من الشباب وأسرهم، فلماذا تراجعت الرغبة في الاستنفار فهل يعود الأمر لاكتشاف طبيعة الحرب أم بسبب ارتفاع أعداد القتلى في أوساط المستنفرين؟

وأطلق قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، الأسبوع الماضي، دعوة للتعبئة العامة والاستنفار، تلتها دعوات مشابهة من قيادات إخوانية طافت عدد من المناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش، لكن ناشطون في تلك المناطق أكدوا ضعف كبير في الاستجابة لأن الشباب لم يعودوا راغبين في الزج بهم في المعارك.

وعزا مراقبون ومختصون عسكريون، الانحسار الكبير في الرغبة في الاستنفار إلى 5 أسباب لخصوها في إطالة أمد الحرب ووضوح طبيعتها، والارتفاع الكبير في أعداد القتلى من المستنفرين الذين يتم الزج بهم في القتال دون تدريب كاف، والهزائم المتكررة التي تلقاها الجيش خلال الفترة الأخيرة، إضافة إلى عامل اقتصادي يتمثل في حاجة الأسر لأبنائها لمساعدتهم في مواجهة الأعباء المعيشية المتزايدة.

ويحذر المراقبون من أن تؤدي حملات الاستنفار الحالية، والضغوط على قيادة الجيش للاستمرار في الحرب ورفض الهدنة وتحدي رغبة السودانيين والمجتمع الدولي والسعي لتأجيج العمل العسكري، إلى انهيار كامل للجيش.

ووفقا للخبير العسكري اللواء كمال إسماعيل، فإن تراجع الرغبة في الاستتفار يؤكد عدم وجود هدف محدد للحرب الحالية، ويوضح لموقع "سكاي نيوز عربية" "فشل الاستنفار يضيق الخيارات أمام الجيش، وليست هناك بدائل إلا الاستجابه لخطة الرباعيه والقبول بالهدنه لوقف نزيف الدم".

عدم جدوى الحرب

يأتي عزوف الشباب عن الاستنفار في ظل الخسائر الكبيرة التي خلفتها المعارك الأخيرة ووسط قناعات متزايدة بعدم جدوى الحرب نفسها.

وبسبب حملات الاستنفار التي عمت السودان منذ العام 1989، قتل أكثر من مليوني سوداني في حروب الجنوب ودارفور وكردفان والنيل الأزرق.

وقال عبد القادر محمد وهو من سكان إحدى القرى المجاورة لمنطقة السريحة في ولاية الجزيرة والتي أطلق منها البرهان الدعوة للتعبئة العامة، إن مجموعات سعت لدفع شباب المنطقة للاستنفار عقب دعوة البرهان لكن محاولاتها باءت بالفشل، وأوضح لموقع "سكاي نيوز عربية" حتى العدد القليل الذي استجاب هرب من المعسكرات بعد مقتل العشرات من أبناء المنطقة في معارك كردفان الأخيرة.

وأشار محمد إلى أنه ورغم عدم رغبة الشباب في الانضمام للقتال إلا أن المجموعات التي تقود حملة الاستنفار تمارس ضغوطا كبيرة على الشباب.

وفي هذا السياق، يشير الصحفي والمحلل السياسي حيدر المكاشفي إلى أن المعطيات الميدانية الحالية تظهر تراجع واضح في الاستجابة لعملية الاستنفار.

ويرى ان المشكلة الحقيقية تكمن في أن ضعف الاستجابة يتزامن مع توسع رقعة القتال خصوصا في كردفان.

ويقول لموقع سكاي نيوز عربية "ارتفاع الخسائر البشرية في أوساط المستنفرين أدى إلى حالة من القلق والخوف، كما تعقيدات الحرب واكتشاف الكثيرين أنها ليست حرب سهلة أو قصيرة الأمد كما كان يصور لها دعاتها، أضعف الرغبة في الاستنفار".

وينبه المكاشفي أيضا إلى أن ضعف الثقة في الجهات التي تدير الحرب والأعباء الاقتصادية والمعيشية الهائلة التي القت بها الحرب جعلت الأسر تعزف عن السماح بانخراط أبنائها في القتال نظرا لأنها تعتمد عليهم في الزراعة وغيرها من الأنشطة الاقتصادية المعيلة للأسر.

أسباب عسكرية

يرى مختصون عسكريون أن الخطر الأكبر لعملية الاستنفار يكمن في الزج بالشباب في المعارك بلا تدريب كافي مما يؤدي إلى ارتفاع كبير في أعداد القتلى.

واعتبروا الهزائم المتلاحقة التي حدثت للجيش في معارك كردفان خلال الأيام الماضية، علامة على انهيار المنظومة العسكرية، وفقدانها القدرة على العمليات، واعتمادها على قوات غير مدربة كوقود لحرب "بلا هدف" تشن فيها هجمات اضطرارية تحت ضغط سياسي.

ولخص المختصون أبرز مؤشرات تراجع الرغبة في الاستنفار في انحسار الوجود الميداني لكتائب الإخوان مثل كتيبة البراء، التي كانت تعتمد على حشد الشباب خلال الأشهر الأولى من اندلاع الحرب في إبريل 2023.

وتكبدت تلك الكتائب قبل تراجع مشاركتها خسائر كبيرة في صفوف مقاتليها ومعظمهم من المجندين الجدد من الشباب الذين انخدعوا بسردية الحرب في الأيام الأولى، مما جعل قادة تلك الكتائب يلجأون لحماية ما تبقى منهم عملا بمفهوم "إدخار القوة".

كما لحقت خسائر كبيرة أيضا بمقاتلي "درع السودان" بقيادة أبو عاقلة كيكل الذي كان يعتمد على مستنفرين شباب غير مدربين بشكل كافي لخوض المعارك.

ووفقا لمحمد نور المحلل العسكري والأمين العام للقيادة المركزية للضباط والجنود المتقاعدين "تضامن" فإن انحسار الخيارات يدفع الجيش وقيادات الإخوان للاستمرار في محاولات الزج بالمستنفرين في هذه المعارك الدامية رغم ضعف الاقبال، خصوصا في ظل المعضلة الكبيرة التي يواجهها الجيش باحتمالية فقدان مدن كبرى أخرى مثل بابنوسة والأبيض وهو ما يفتح الطريق أمام عودة قوات الدعم السريع للعاصمة مجددا عبر بوابتها الغربية مدينة أم درمان.

كما كشفت المعارك الأخيرة ظهر الوسط حيث تفتح السيطرة على كردفان الطريق نحو مدن كوستي وسنار. لكن نور يقول لموقع "سكاي نيوز عربية" "إطالة امد الحرب وانحسار الأمل في وقفها أو تحقيق انتصار لأي من أطرافها يجعل من الصعب انجاح حملات الاستنفار".

وفي ذات السياق، يحذر الأمين ميسرة، الضابط السابق في الجيش من خطورة الزج بالمستفرين في القتال، ويوضح لموقع "سكاي نيوز عربية" "لايمكن لمستنفر قليل التدريب والخبرة العسكرية أن يكون مقاتل قوى قادر على الصبر واحتمال صوت المعارك.. القوا بالمستنفرين إلى التهلكة وزعوا لهم الأسلحة دون تدريب كاف وهي جريمة يجب أن تحاسب عليها قيادة الجيش والجهات التي تقود عملية الاستنفار".

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا