في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
في ظل توقعات بأيام حاسمة ومعدودة، انطلقت محادثات شرم الشيخ غير المباشرة بين حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) و إسرائيل ، لبحث ترتيبات تبادل الأسرى ضمن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، لكن المحادثات أثارت تساؤلات جوهرية عن مصداقية الضمانات الأميركية، وجدية إسرائيل في تنفيذ التزاماتها.
وطرح محللون أسئلة عن قدرة الوساطة على تجاوز العقبات التي أفشلت اتفاقات سابقة، خاصة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة دون توقف حقيقي.
وتركز المباحثات -التي يشارك فيها وسطاء من قطر و مصر و تركيا و الولايات المتحدة – على وقف مؤقت لإطلاق النار، لتهيئة الظروف الميدانية لإطلاق سراح الأسرى، ثم وقف دائم وانسحاب إسرائيلي وتبادل شامل.
وكشفت صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن أن حماس طلبت من إسرائيل الانسحاب من المناطق المأهولة حتى يتمكن عناصرها من العثور على الأسرى ونقلهم دون عوائق، كما طلبت ضمانات واضحة من الولايات المتحدة بأن إسرائيل لن تستأنف هجماتها بعد تسليم الأسرى.
وفي قراءة للموقف الإسرائيلي، أوضح الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى أن إسرائيل تنظر إلى أن الاتفاق لم يدخل حيز التنفيذ بعد، ولذلك تحاول إظهار استعدادها لاستمرار العمليات العسكرية كرسالة أساسية في هذه المرحلة.
وأضاف مصطفى أن إسرائيل تركز على المرحلة الأولى باعتبارها المرحلة الحاسمة، ولا تريد الدخول في مباحثات حول القضايا الجوهرية التي ستأتي بعدها، معتبرة أن تحقيق إطلاق سراح جميع الأسرى يمثل إنجازا كبيرا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية .
وفي رؤية نقدية للمحادثات الجارية، أكد أستاذ العلوم السياسية الدكتور غسان الخطيب أن موضوع تبادل الأسرى هو النقطة الوحيدة التي وافقت عليها حماس، إضافة إلى تسليم مقاليد الحكم في القطاع إلى لجنة من التكنوقراط.
ولفت الخطيب إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة تحاولان حصر النقاش في آليات تنفيذ البند الأول فقط، وهو البند الوحيد المتفق عليه بين الطرفين، وهو ما يثير تساؤلات حول مصير البنود الأخرى من الخطة.
وحول الضمانات المطلوبة لنجاح المحادثات، أوضح مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي أن هناك 3 مطالب مشروعة وضرورية لحماس والوفد الفلسطيني المفاوض:
وفي تحذير من تكرار سيناريوهات سابقة، ذكّر الرنتاوي بأن مستوى الثقة بالإدارة الأميركية عند الفلسطينيين يكاد يكون صفرا، مستشهدا بحرب لبنان عام 1982 عندما تلقت المقاومة الفلسطينية ضمانات من المبعوث الأميركي للبنان حينها فيليب حبيب بعد خروجها من بيروت ، لتقترف إسرائيل بعد أيام مجزرة صبرا وشاتيلا ، وتحتل كامل بيروت التي لم يكن مطلوبا أن يتمدد الجيش الإسرائيلي إليها.
وعلى الجانب الآخر، أكد المحلل الإستراتيجي في الحزب الجمهوري أدولفو فرانكو أن الرئيس ترامب ينظر إلى الأمر من زاوية النقاط الأساسية، وأن التركيز ينصب على الشرط الأول، وهو إطلاق سراح الأسرى.
وأضاف فرانكو أن هذه ليست مفاوضات، بل إنها تطبيق وتوضيح للنقاط الـ21 الواردة في الخطة، محذرا من أن التعامل معها كمفاوضات مفتوحة قد يؤدي إلى انهيارها.
لكن الدكتور مصطفى لفت إلى مفارقة مهمة، وهي أن بعض البرامج التلفزيونية الإسرائيلية أظهرت أن محللين إسرائيليين أعربوا عن ثقتهم بحماس أكثر من نتنياهو، بناء على التجربة السابقة في اتفاق يناير/كانون الثاني 2025 الذي نفذت فيه حماس كل شروط المرحلة الأولى في حين لم تنفذ إسرائيل التزاماتها.
وأضاف أن نتنياهو معروف بعدم التزامه بالاتفاقيات، وأن هوسه الأساسي هو البقاء في السلطة وليس إنقاذ الأسرى.
وطرح مصطفى تساؤلا يقول: "لماذا لم يتم التوصل إلى هذا الاتفاق قبل عام؟"، مشيرا إلى أن نتنياهو أحبط كل المحاولات خلال فترة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن ، وأن الاتفاق كان ممكنا سابقا لإنقاذ كثير من الأرواح.
من جهته، رفض الدكتور الخطيب الاعتماد على الضمانات الأميركية، مؤكدا أنه لا قيمة لها، لأن الولايات المتحدة ليست وسيطا محايدا، بل إنها شريك لإسرائيل.
وأوضح أن الحديث عن ضغط ترامب على نتنياهو غير صحيح، لأن ترامب تشاور مع نتنياهو حول الخطة وحصل على موافقته مسبقا، وأن الخطة في أغلبها تمثل الموقف الإسرائيلي بلباس أميركي.
وفي تحليل للوضع بعد تنفيذ المرحلة الأولى، توقع الخطيب أن يكون هناك نوعان من التطورات: مفاوضات غير مباشرة على البنود المتبقية، وتخفيف إسرائيل لحملتها العسكرية، مع الانتقال إلى ضربات انتقائية كما تفعل في لبنان، مع الإصرار على البقاء داخل القطاع وحوله للضغط على حماس.