ترك المغني البريطاني المشهور كات ستيفنز عالم الموسيقى والروك بعد إسلامه، وغير اسمه إلى يوسف إسلام، وعاد الآن ليشارك العالم قصته وبحثه العميق عن معنى الحياة والإيمان في سيرته الذاتية الجديدة، وفق مقال نشرته نيويورك تايمز.
وأجرى كاتب المقال ومؤلف الموسيقى غريسون كورين مقابلة مصورة مع إسلام (77 عاما) استعدادا لصدور كتابه المرتقب في 7 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
واستعرضا في المقابلة رحلة المغني السابق الطويلة من قمة الشهرة العالمية إلى الانقطاع عن الغناء والتفرغ للقضايا الإنسانية والدينية.
وعبر هذه المحادثة، وجد الكاتب أن مذكرات إسلام توضح تطور شخصيته، وتكشف تفاصيل صعبة وملهمة عن محطات حياته المختلفة، بما في ذلك دعم غزة وأزماته الشخصية وعودته إلى عالم الفن مع الحفاظ على التزامه بالإسلام.
واجه إسلام 3 تجارب كادت تودي بحياته، الأولى كانت عندما زلت قدمه وكاد يسقط من سطح منزله في صباه، والثانية عندما أخبره الأطباء بأنه مصاب بالسل وهو ابن العشرين عاما وكان على أبواب الشهرة حينها، حسب المقال.
أما التجربة الثالثة، فكانت في أواخر 1975 وعمره 27 سنة، عندما سبح في المحيط الهاد ي وحاول العودة إلى الشاطئ، ليجره التيار بعيدا.
في تلك اللحظة -يتابع المقال- شعر بالعجز المطلق، والرعب من الموت، فاتجهت عيناه إلى السماء ودعا بقلب خاشع، قائلا إنه إذا نجا سيكرس حياته لله، فجاءت موجة قوية دفعته إلى الأمام ونجا.
"أول كتاب روحي قرأته كان "الطريق السري"، وفي القرآن أول كلمات تقرؤها هي "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ"
وأشار المقال إلى أن هذه الأحداث جعلته يسعى لإجابة أسئلة روحانية لطالما راودته، وانكب على قراءة نصوص بوذية مثل كتاب "الطريق السري"، وجرّب اليوغا في سعيه للإجابة عن ما سماه "أسئلة عميقة عن سر الوجود".
واهتدى المغني السابق للإسلام بعد أن أهداه شقيقه ديفيد مصحفا أخذه من المسجد الأقصى في زيارة، وما إن قرأ إسلام الصفحات الأولى حتى شعر أنه وجد الطريق لتحقيق الوعد الذي قطعه في البحر.
وأوضح المقال أن هذه اللحظة حددت مسار حياته، إذ اعتنق الإسلام عام 1977، وغير اسمه القانوني إلى يوسف إسلام عام 1978 وترك عالم الروك وباع أغلب آلاته الموسيقية، مما سبب صدمة واسعة لدى المعجبين به ولدى كبار الموسيقيين في العالم الغربي.
وقال إسلام للكاتب "كنت أغلق باب غرفتي في الفندق بين عروضي الموسيقية وأقرأ القرآن"، وأضاف ضاحكا "أول كتاب روحي قرأته كان "الطريق السري"، وفي القرآن أول كلمات أقرؤها هي "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ".
وأكد أن "هناك بعض المسارات المعوجة في الحياة بالتأكيد، ولكنها جميعا دروب تؤدى نحو شيء أسمى، وأنا سأواصل المسير".
وبعد 35 عاما من التفكير في كتابة سيرته الذاتية، قرر إسلام -الذي كانت أغانيه مفضلة لدى الميلياردير الراحل ستيف جوبز- نشر كتابه بعنوان "كات على طريق الاستكشاف"، وفق المقال.
وذكر المقال تعليق إسلام بأن ما يجري في غزة يمثل لحظة فاصلة واختبارا للضمير العالمي، معتبرا أن الجيل الجديد الذي يشاهد هذا الدمار لن ينسى ما رآه أبدا، وأن غزة ستترك أثرا طويل المدى على الوعي العالمي.
وأشار إلى أن إسلام دفع ثمن دعمه فلسطين، إذ اتهم بدعم حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) في 1988، مما أدى إلى مشاكل بتأشيرات دخوله الولايات المتحدة حتى 2006.
كما تم ترحيله من الولايات المتحدة في 2004 لرفضه لقاء الرئيس الأميركي جورج بوش الابن بعد غزو العراق، حسب المقال.
وشارك "أيقونة الروك" -وفق وصف الكاتب والكثيرين في عالم الموسيقى- بعد إسلامه في جهود تعليمية وخيرية لدعم الأطفال المسلمين في إنجلترا ودعم القضية الفلسطينية.
ووفقا للمقال، أنتج إسلام الموسيقى بحذر بعد إسلامه وباستخدام الطبلة فقط، وكان تركيزه على الأناشيد والمواد الدينية للأطفال، فأسس شركة اسمها "جبل من نور" لإنتاج ألبومات تحوي أناشيد دينية وإنجليزية.
وألف المغني السابق ألبوم "حياة خاتم الأنبياء" -حسب المقال- الذي لاقى رواجا واسعا في العالم الإسلامي، كما أنتج أنشودة "أنا أرى وأسمع" لتعليم الأطفال عن الإسلام.
وأوضح الكاتب أن عودة إسلام للموسيقى بدأت بعد أن اشترى ابنه محمد غيتارا سرا أثناء دراسته الجامعية، وعندما اكتشف والده ذلك، حمل الغيتار وبدأ كتابة أغان جديدة بعد انقطاع دام قرابة 3 عقود.
وأوضح أن هذه العودة لم تكن مجرد حنين للماضي، بل تعبيرا عن فهم جديد للدين والفن، وأكد أنه وجد عبر الآراء الفقهية المختلفة حول الموسيقى، مساحة تسمح له بالغناء من دون التخلي عن إيمانه.
وخلص إسلام في حديثه مع الكاتب إلى أنه كان يبحث عن إجابات أسئلته الوجدانية في الموسيقى، ولكن عندما وجد ما كان يبحث عنه في الإسلام لم يعد بحاجة لكتابة الكثير من الأغاني، وأكد أنه أصبح أكثر ثقة في التعبير عن الحقيقة بعد أن وجد أسسا روحانية يستند إليها.