في مارس/آذار 2024، دعا رئيس مدرسة "شيرات موشيه" الدينية في يافا الحاخام إلياهو مالي إلى "قتل جميع سكان غزة بمن فيهم النساء والأطفال"، معتبرا ذلك استجابة لتعاليم "الشريعة اليهودية"، واعتبر أن الحرب على غزة "دينية"، مطالبا بعدم الإبقاء على أي شخص حي في القطاع .
تأتي هذه الفتوى التي اعتبرها إلياهو متماشية مع "الشريعة اليهودية"، وغيرها من الفتاوى الأخرى لتسلط الضوء على تاريخ الحاخامات ومؤسسة الحاخامية في إسرائيل ، وكيف شكلت على مدار 100 عام أو يزيد تيارًا يمينيا متطرفا بات بمرور الزمن قوة حقيقية تتحكم في إسرائيل من وراء ستار!
فكيف استغلت الحاخامية التيارات الصهيونية العلمانية لتحقيق أغراضها؟ وكيف برزت على سطح الأحداث؟ وما أبرز محطات هذا التيار الصهيوني الديني في ماضي وحاضر إسرائيل؟
خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وفي خضم تصاعد التيارات التي حرصت على التضييق على اليهود في القارة الأوروبية، برزت نخبة من القادة الدينيين اليهود المعروفين بـ"الحاخامات"، لتأسيس حركات فكرية تهدف إلى إلهام اليهود في أوروبا لاستشراف مستقبل جديد عبر البحث عن ملاذ آمن.
وامتدت هذه الجهود عبر عقود متجاوزة منتصف القرن العشرين، لتشكّل نقطة تحول في التفكير الجمعي لليهود الأوروبيين.
وفي هذا السياق، تبلورت رؤى فردية من مفكرين وحاخامات بارزين كان على رأسهم تسفي هيرش كاليشر، ويهودا الكلعي، وموشيه هيس، وبمساهمات هؤلاء وآخرين أرسوا دعائم مشاريع أعادت صياغة مفهوم الهوية اليهودية في مواجهة التحديات الوجودية التي كانت تواجههم في أوروبا.
ويأتي الحاخام تسفي هيرش كاليشر (1795-1874) الأرثوذكسي اليهودي الألماني كرائد فكري أسبق بأفكاره الجريئة من مؤسس الصهيونية السياسية تيودور هرتزل ، فقد قدّم تصورا دينيا متجذرا يدعو إلى استيطان اليهود في فلسطين ، مؤكدًا أن الهجرة إلى هذه الأرض ليست مجرد خيار عملي، بل واجب روحي يحمل في طياته تحقيق رسالة إلهية.
ومن اللافت أن كاليشر تبنّى رؤية توفيقية قاربت بين الأسس الدينية والمبادئ العملية للحركة الصهيونية العلمانية، مما دفعه للانضمام إليها برفقة نخبة من المتدينين اليهود، مثل الحاخام موشيه هيس وعدد من رواد حركة "أحباء صهيون" التي تأسست عام 1881 في روسيا القيصرية، حيث تأثر هؤلاء بعقيدة الألفية التي تؤمن بقدوم المسيح المخلّص وحكمه الأرض لألف عام.
وفي الوقت عينه رفضوا الاكتفاء بالانتظار السلبي لتحقيق هذه النبوءة، وبدلا من ذلك اقترحوا رؤية ثورية تقوم على تأسيس كيان سياسي في فلسطين، يُمهد عبر قوة الجيش والدولة لتحقيق الوعد الإلهي وفق تصورهم، وهي نقلة فكرية غيرت مسار التفكير اليهودي التقليدي.
في سياق تطور هذه الأفكار، شهد عام 1898 انعقاد مؤتمر صهيوني بارز في روسيا، حيث شارك 14 حاخامًا من بين 140 مندوبًا، ليوحدهم الحاخام إسحاق يعقوب رينس تحت مظلة كتلة "مزراحي"، التي شكلت نواة أول حزب سياسي يعبر عن الصهيونية الدينية.
وقد دعا هذا الحزب إلى العمل النشط لتحقيق السيادة اليهودية وتأسيس "إسرائيل" دون التقيد بانتظار المسيح المخلّص، في تناقض صريح مع الرؤية الحريدية الأرثوذكسية التي ربطت قيام الدولة بحدث إلهي يتزامن مع نهاية التاريخ.
وهكذا وفي أوروبا الشرقية خلال القرن التاسع عشر، حيث سيطرت التقاليد الأرثوذكسية اليهودية المتشددة التي تربط العودة إلى "أرض الميعاد" بظهور المسيح المنتظر برزت الصهيونية الدينية كتيار وسطي مبتكر يسعى إلى التوفيق بين الإيمان الديني والطموح الصهيوني.
واستندت هذه الحركة إلى مقولتَي "الشعب المختار" و"أرض الميعاد"، لتكتسب زخما بين "الأرثوذكسيين الجدد"، مدفوعة برؤية حاخامات مثل أبراهام كوك، الذي اعتبِر الأب الروحي للصهيونية الدينية، والذي ربط الاستيطان في فلسطين بالتوبة والخلاص الإلهي.
قاد حاخامات الصهيونية الدينية وعلى رأسهم كوك (1865-1935) جهودا فكرية لتحفيز الهجرة اليهودية إلى فلسطين، مؤكدين أن الصهيوني يمكن أن يكون متدينا، والمتدين صهيونيًا، دون أن تكون الصهيونية ذات طابع ديني بحت.
وفي مواجهة الرؤية اليهودية التقليدية التي تنتظر تدخلا إلهيا، دافع كوك عن فكرة أن العلمانيين أدوات إلهية لتحقيق الوعد الإلهي، حتى وإن لم يدركوا ذلك، مما ساهم في دفع 5 موجات هجرة كبرى إلى فلسطين قبل قيام "إسرائيل".
وفي أعقاب تأسيس إسرائيل، عززت الصهيونية الدينية نفوذها عبر التغلغل في المؤسسات الرسمية والشعبية، مثل دور الحاخامية الكبرى، ووزارة الشؤون الدينية، والجيش، حيث أصبح لكل مدينة أو مستوطنة حاخامها، وللمؤسسة العسكرية حاخام خاص بها.
ورغم الامتناع المبدئي للمتدينين عن الخدمة العسكرية بدوافع دينية، فقد أدت تسوية عام 1965 بدعم من فتوى الحاخام تسفي كوك التي جعلت الخدمة العسكرية واجبا دينيا إلى دمج دراسة التوراة مع التدريب العسكري في مدارس خاصة، مما مهد لاندماج المتدينين في النسيج المجتمعي والعسكري للدولة.
وقد شكلت حرب 1967 -التي أسفرت عن احتلال القدس والخليل ومناطق الضفة الغربية والجولان وسيناء- نقطة تحول رئيسية، إذ اعتبرها الحاخام تسفي كوك ابن الحاخام أبراهام كوك، نصرا إلهيا يعزز القيمة الدينية للأراضي المقدسة، وقد أدت هذه الرؤية إلى تعزيز الاستيطان في الأراضي المحتلة.
ومن خلال هذا التطور الفكري والتاريخي استطاعت الصهيونية الدينية بقيادة أبراهام وتسفي كوك، استغلال الصهيونية العلمانية كأداة لتحقيق أهداف دينية، مع تعزيز وجودها في الكليات العسكرية والمستوطنات، ولكن هزيمة إسرائيل في عام 1973 كشفت عن تحديات جديدة.
وتصاعد دور الصهيونية الدينية مع تأسيس حركة "غوش إيمونيم" عام 1974، وأعلنت في وثيقتها التأسيسية التزامها بـ"خلاص شعب إسرائيل والعالم"، لتصبح محركا أساسيا للصهيونية الدينية، متجاوزة التيارات اليهودية التقليدية.
وعززت من إصرارها لتكريس الاستيطان كركيزة لتحقيق الرؤية الصهيونية الدينية، معلنة في وثيقتها التأسيسية التزامها بـ"خلاص شعب إسرائيل والعالم"، لتصبح محركا أساسيا للصهيونية الدينية، متجاوزة التيارات اليهودية التقليدية.
وقادت هذه الحركة الاستيطان في الضفة الغربية وغزة بدعم من شخصيات سياسية بارزة مثل أرييل شارون، وقد حصلت الحركة على دعم حكومة الليكود بعد عام 1977، مما مكنها من إقامة مستوطنات قريبة من التجمعات الفلسطينية.
ولكن مع تراجع زخم "غوش إيمونيم" في الثمانينيات من القرن الماضي برزت جمعيات استيطانية أخرى مثل "إلعاد" و"لاهافا"، واصلت تهويد القدس والضفة، مستندة إلى أيديولوجيا دينية-قومية ترى في الاستيطان تحقيقا للوعد التوراتي.
ومهما يكن فقد برز دور الحاخامية في المجال العسكري والاستيطاني، ففي عام 1948 أنشأ شلومو غورين "الحاخامية العسكرية" كمؤسسة تبرر العمليات العسكرية ضد الفلسطينيين بدوافع دينية، بينما يعد "مركاز هراب"، الذي أسسه أبراهام كوك عام 1924 وأداره لاحقا ابنه تسفي معقلا للصهيونية الدينية، حيث غذى حركة الاستيطان في الضفة الغربية بعد 1967.
مركاز هراب الذي أسسه أبراهام كوك عام 1924 يعد معقلا للصهيونية الدينية حيث غذى حركة الاستيطان في الضفة الغربية (رويترز)يرى الكاتب البريطاني جوناثان كوك في مقاله "سلطة الحاخامات في إسرائيل وهاوية الحرب المقدسة" أن ديفيد بن غوريون منح الحاخامات اليهود الأرثوذكس سلطة واسعة على الأحوال الشخصية والمجال العام، معززا دورهم في تعبئة الشباب عبر مدارس عسكرية دينية أشرف عليها الجيش لإحياء الحماس الديني.
والحق أن المدارس الدينية (اليشيفوت) تؤدي بالفعل دورا حاسما في نشر القيم التلمودية، مما يؤثر على النسيج الاجتماعي والسياسي الإسرائيلي من خلال خريجيها، كما يوضح الدور التربوي لهذه المؤسسات وأثرها في المجالين السياسي والعسكري والاستيطاني.
وتعد حركة "السنهدرين" واحدة من أخطر الحركات التي ترعاها الحاخاميات في إسرائيل؛ لأنها تقوم بدور المرجعية لمنظمات الهيكل، ولدعوتها ودعمها العلني لاقتحامات اليهود للمسجد الأقصى.
فقد أصدرت الحركة قرارا قضائيًا عام 2003 يسمح بهذه الاقتحامات، مما مهد لتوسعها من حركة فردية إلى جماعية بحلول 2006، وصولا إلى أداء طقوس علنية في ساحات المسجد الأقصى .
وكما تقول الكاتبة مها شهوان في دراستها "الحاخامات، صانعو الملك في إسرائيل" فإننا إذا أردنا أن نعرف كيف تتغلغل الصهيونية الدينية ودور الحاخامات كقوة مهيمنة ومتأصلة في إسرائيل اليوم، فإننا سنراه عبر سيطرتها على السياسة والإعلام والمؤسسات القضائية والأمنية.
ويعكس هذا النفوذ -وفقا للكاتبة- تحولًا كبيرًا في توجه الصهيونية الدينية، فتحولت من التركيز على الشريعة إلى القومية وممارسة السياسة، ويظهر هذا في شخصيات بارزة مثل نفتالي بينيت سابقًا، واليوم مع بتسلئيل سموتريتش و إيتمار بن غفير وأمثالهم.
وكما يشير صالح النعامي في مقال له بالجزيرة نت فإنه في المجال العسكري يقود أتباع الصهيونية الدينية وحدات النخبة مثل "سييرت متكال" و"إيغوز"، ويشكلون نسبة كبيرة من ضباط الوحدات القتالية والشاباك، حيث يمثلون 60% من ضباط الشاباك و40% من الوحدات القتالية.
ولا شك أن هذا التأثير يعكس قوة الحاخامات وأدوارهم وفتاويهم التي تتجاوز أحيانا قرارات الحكومة، كما كشفت دراسة تابعة لجامعة "بار إيلان" الإسرائيلية أن 90% من المجندين المتدينين يفضلون طاعة الحاخامات ويقدّمونها إذا تعارضت مع السياسات الحكومية.
ولهذا السبب تشهد إسرائيل تصاعدا ملحوظا لنفوذ الصهيونية الدينية، التي أصبحت العمود الفقري للحكومات الائتلافية، مستغلة الانقسامات السياسية لتعزيز هيمنتها على القرارات الأمنية والاقتصادية والتشريعية.
ومن ثم فإن الأحزاب الدينية مثل شاس ويهوديت هتوراة تؤثر بقوة في تشكيل الحكومات والانتخابات عبر فتاوى الحاخامات، كما حدث عندما أمر الحاخام أهارون يهودا شتايمان الأحزاب الحريدية بمقاطعة حكومة بنيامين نتنياهو عام 2014، مما أدى إلى انهيارها.
الحاخام أهارون يهودا شتايمان أمر الأحزاب الحريدية بمقاطعة حكومة نتنياهو عام 2014 مما أدى إلى انهيارها (الفرنسية)واللافت أن هذه الأحزاب تتمتع بقُدرة على فرض مطالب مالية وسياسية كبيرة تشمل تمويل المدارس الدينية والمؤسسات الاجتماعية، مما يجعلها قادرة على إسقاط الحكومات إذا لم تُلبَّ مطالبها، كما حدث مع حكومة إيهود باراك عام 1999 عندما انسحبت حركة شاس بسبب خلافات حول الصلاحيات والدعم المالي.
ويعكس هذا النفوذ تحول الصهيونية الدينية إلى قوة سياسية مركزية، قادرة على التأثير في استقرار الحكومات وتوجيه السياسات الإسرائيلية.
وأبرز مثال على ذلك تحالف نتنياهو اليوم مع سموتريتش وبن غفير وهما من أعمدة تيار الصهيونية الدينية وأتباع الحاخامات في إسرائيل، وضغطهم المستمر لتحقيق التهجير وإعادة احتلال غزة، وارتكابهم في سبيل ذلك واحدة من أطول الحروب الإسرائيلية المستمرة على القطاع منذ أكثر من عام ونصف.
بل والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى، وتسريع تسليح الإسرائيليين تحت رعاية بن غفير في مناطق المستوطنات في الضفة الغربية، بل وحديثهم العلني وخاصة سموتريتش عن أحلام إسرائيل الكبرى التي تجعل دمشق جزءا من القدس، وضرورة ضم الأردن إلى إسرائيل، وقُرب بناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى، كما أعلن ذلك صراحة في مقابلة تلفزيونية مع القناة الثانية الإسرائيلية.
لكل هذه الأسباب تشكل المرجعيات الحاخامية في "إسرائيل"، مثل الحاخامية الكبرى التي أسسها إسحق كوك عام 1921 تحت الانتداب البريطاني ، قوة روحية وقانونية مهيمنة، حيث تتولى إصدار الفتاوى (الهالاخاه) وتحديد الهوية اليهودية وفق الرؤية الأرثوذكسية اليهودية.
وقد تبنى القانون الإسرائيلي للأحوال الشخصية رؤية الحاخامات؛ فعلى سبيل المثال رفض الاعتراف بيهودية من يتهوّدون خارج إطار الأرثوذكسية اليهودية بطريق مدنية على غرار الدول الأخرى، إذ لا بدّ من اعتراف الحاخامية الكبرى أولًا.
وزير المالية الإسرائيلي المتطرف سموتريتش:
(أريد دولة يهودية تشمل الأردن ولبنان وأراضي من مصر وسوريا والعراق والسعودية
وبالنسبة لكبار حكمائنا قدر القدس أن تمتد حتى دمشق)خسئت وخابت كل مساعيك
ولن تنال إلا ما كتب الله لكم عاجلا ليس آجلا وسترونه قريبا بإذن الله تعالى pic.twitter.com/wASkQIbID1— محمد علاء العناسوه (@alaa_tallaq) October 10, 2024
ولهذا السبب تكتسب فتاوى الحاخامات في إسرائيل نفوذا متزايدا، حيث تتجاوز الإطار الروحي لتؤثر في القرارات السياسية والعسكرية، معتمدة على خطاب تحريضي يبرر العنف ضد الفلسطينيين، وغالبا ما تستند هذه الفتاوى إلى نصوص دينية توراتية أو اجتهادية وهي تتمتع بحماية قانونية تمنع اعتبارها تحريضا، مما يعزز من تأثير الحاخامات في صنع القرار.
ويشير تحقيق نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية في 19 ديسمبر/كانون الأول 2015 إلى دعم أميركي لمؤسسات حاخامية تدعو لتدمير المسجد الأقصى وقتل العرب، عبر إعفاءات ضريبية لمنظمات يهودية أميركية تمول هذه الأنشطة.
يتركز نفوذ الحاخامات في سيطرتهم على مؤسسات دينية وتعليمية مدعومة ماليًا من الحكومة الإسرائيلية، إلى جانب رواتب مجزية يتقاضونها، وبفضل هذه الوسائل تنتشر فتاواهم بصورة كبيرة في الرأي العام الإسرائيلي.
ولا شك أن نفوذ الحاخامات المتزايد يعكس تحول الصهيونية الدينية إلى قوة سياسية واجتماعية رئيسية، حيث يستغل الحاخامات دورهم في تعبئة المجتمع وتبرير سياسات الاحتلال، واللافت أن التحقيق السابق المنشور في هآرتس يكشف أيضا عن ارتباط هذه الفتاوى بمدارس مثل مدرسة الحاخام غيزنبيرغ، التي تحث على العنف.
ويتجلى هذا التأثير الكبير في تحول الفتاوى من توجيهات فردية إلى أعمال منهجية تدعم التطرف، ونرى في كتاب "عقيدة الملك" الصادر في عام 2009 للحاخامين يتسحاق شابيرا ويوسي إيليتسور تبرير قتل "الأغيار" بما في ذلك الأطفال بدعوى حماية اليهود.
ويؤكد الكتاب أن مثل هذه الأفعال لا تخضع لسلطة الدولة، وقد باتت هذه الفتاوى التي تنتشر عبر المدارس الدينية في مستوطنات الضفة الغربية تغذي جماعات إسرائيلية متطرفة مثل "فتية التلال"، التي تنفذ هجمات منظمة ضد الفلسطينيين، كما يتجلى تأثيرها على تنظيمات أخرى مثل "لاهافا" و"إلعاد".
ولقد أسهمت فتاوى الحاخامات في تكثيف اقتحامات الأقصى منذ قررت جماعة "السنهدرين" إطلاق هذا الأمر عام 2003، مما مهد لصلوات تلمودية علنية بحلول 2006، مدعومة في ذلك بجماعات مثل "أمناء جبل الهيكل" التي تسعى لفرض سيادة يهودية على الموقع.
هذا التحول الذي وصفته صحيفة هآرتس بتأثيره على آليات ومنظومات التطرف، يعكس دور الحاخامات المتنامي في تعبئة الشباب المتدين عبر مؤسسات مثل مدرسة "عود يوسي فحاي" في يتسهار، التي تُعدّ مركزًا لتنظيمات إسرائيلية شديدة التطرف.
وقد تجلت مواقف العديد من الحاخامات المتطرفة في حرب غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 وإلى اليوم، مثل دعوة الحاخام إلياهو مالي رئيس مدرسة "شيرات موشيه" الدينية في يافا إلى قتل جميع سكان غزة كما مر بنا.
وقد أصدر الحاخام شموئيل إلياهو فتوى تُجيز قتل النساء والأطفال في غزة، معتبرا أن "الشريعة اليهودية والأخلاق لا تحرم ذلك"، وذلك في إطار ما وصفه بـ"إبادة العدو"!.